سوريا تنجب الموهوبين فقط (فيديو)

د. عماد ظاظا / لقد عودتنا جامعة كييف للفنون المسرحية والسينمائية والتلفزيونية ( كاربينكو كاري ) على مهرجاناتها الفنية الطلابية المميزة كل عام . وكانت مفاجأة هذا العام المهرجان السينمائي لعشرة أفلام منتخبة ، قصيرة وثائقية وزوائية من أعمال طلابها المتميزين بكفاءاتهم الدراسية والفنية والتي نظمته شركة “24 كينو سنتر ” تحت عنوان ” المناخ 25 كادر “
وقد عرضت هذه الأعمال في دار السينما ” كينو بانوراما ” على شارع شوتو روستافيللي 19 الساعة 7.30 من مساء الجمعة 25 \5 \ 2012
وقد كان من بين ضيوف الشرف المدعويين سعادة سفير الجمهورية العربية السورية في أوكرانيا الدكنور محمد سعيد عقيل والتي أعطي كلمة الشرف والتي هنأ من خلالها المشاركون في هذا المهرجان الطلابي وخص بالذكر المخرج الشاب سومر آغا الذي شارك بفيلمه القصير تحت عنوان ” العودة إلى الداخل ” .
كما حث الطلاب على مواصلة الدراسة باجتهاد لإنتاج سينما ترتقي بالعالم حتى يصبح أكثر حضارة وأقل دموية ويعم فيه السلام .وأشار في الوقت نفسه لأهمية جامعة السينما كارينكو كاري وللدور الهام الذي لعبته بتهيأة الكوادر السينمائية لدول عالمية كثيرة ومنها سوريا والدور الكبير لخريجي هذه الجامعة في بناء سينما تقدمية سورية تطرح فيها الكثير من القضايا الإجتماعية والإنسانية. وكان من بين المدعويين سعادة الوزير المفوض في سفارة الجمهورية العربية السورية الأستاذ غازي ديب وعدد آخر من العاملين في السفارة ومن قيادة الجالية السورية وأعضائها في كييف. وقد غصت القاعة بالجمهور حيث فاق عدد الحاضرين ال600 شخصاُ، كما حاز فيلم ” العودة إلى الداخل ” على إعجاب الجمهور الأوكراني والسوري ، هذا الفيلم الذي لا تتجاوز مدته ال13 دقيقة والذي أخرجه الشاب السوري سومر آغا…تتكلم قصة الفيلم عن شاب سوري أنهى دراسة الطب في الخارج بعد 7 سنوات من الغربة وعدم استطاعته العودة للوطن ولأهله وأقربائه وأصدقائه بسبب وضعه المادي الفقير ، مما اضطره العوز اللجوء لأحد التجار السوريين الأغنياءوالمقيمين في بلد الإغتراب منذ أكثر من 35 عاماُ من أجل الحصول على إعانة مادية تساعده بالعودة للوطن ، لكن رجل الأعمال يفاجئه بطلب غريب بالمقابل وهو قتل أحد أبناء جلدته الأغنيا ء المقيمين في نفس البلد و الذين يقفون عائقاُ في طريقه مقابل أن يقدم له مبلغاُ كبيراُ من المال يقضي به على فقره ويعيده لوطنه و لأهله …لكن الشاب المتخرج من جامعة الطب لا يستطيع تنفيذ طلبه بعد محاكاة لذاته ويتخلى عن العودة للوطن بالرغم من اشتياقه الشديد لأهله وأحبابه…
وفي لقاء جرى مع المخرج السوري الشاب سومر آغا قال بأنه أراد أن يعكس المرحلة الراهنة لاغتراب المواطنين السوريين ومعيشتهم في الخارج وما يعانوه من أزمات وبالرغم من هذه المعاناة إلا أن المواطن السوري يبقى إنساناُ يرفض الغنى والمال إذا كان هذا المال ملوثاُ بالدم وخاصة قتل إبن وطنه ، والشعب السوري يبقى واحداُ ولا يمكن أن يقتل بعضه بعضاُ وأريد أن أوصل هذه الفكرة لشعوب أوروبا وللشعب الأوكراني ، هذا ما قاله لنا المخرج الشاب عن فيلمه ، وقد ترجم الفيلم لعدة لغات وأضاف المخرج سومر قائلاُ : وسنحاول عرضة في جميع انحاء العالم , لكي نشرح للعالم بأن ما يجري وما يخرج من اعلام ليس بصحيح , فالشعب السوري مثقف ووراعي , ومن يقتل السوريين , هم حتما ليسوا سوريين , حتى ولو كان هناك بعض المتخازلين , لكن هؤلاء الناس نسبة قليلة لا تؤثر على حضارة شعب واحد منذ آلاف السنين بعيد تماما عن التخلف و الاجرام .
وكنت أنا كاتب هذه المقالة أحد المشاركين في لعب دور رجل الأعمال الغني الذي أراد التخلص من منافسيه بالأساليب الغير شريفة ، والحق يقال بأني التقيت أثناء التصوير أمام الكاميرا مع مخرج شاب مليء بالطاقة والموهبة وهو مخرج واعد يوجه المصور حسب إرادته وما يتطلبه المشهد والمصور ينفذ رغباته دون إذعان أو اختلاف أمام عدسة الكاميرا كما يجري في كثير من الأحيان مع مخرجين آخرين ، وبالرغم من حداثة عمره إلا أنه يمسك بناصية المهنة بشكل متميز وقد أعجبني العمل معه وكان التفاهم يسود المحيط التصويري كما لفت غنتباهي قدرة المخرج على الشرح المفصل للممثل كيفية معايشة الدور والذي أتقنه بشكل ممتاز الممثل السوري الشاب والوجه الجديد الأستاذ وسام صقر الذي أبدع بملامحه التعبيرية عن المأساة التي يعيشها الطالب المغترب في المهجر ويمكننا القول أن المخرج لعب دوراُ مهماُ بالشرح الوظيفي للعمل التمثيلي والممثل وسام صقر أضاف من عنده أحاسيسه التي جملت اللقطة السينماءية ومحتواها , كما أضافت الموسيقى التصويرية التي ألفها الملحن السوري الشاب غيث الزبيدي بإصولها الشرقية الفلكلورية والمستقاة من التراث الشعبي أحساساُ خاصاُ أعاد المتفرج السوري إلى وطنه والشوق يعصر قلبه…
أستطيع بكلمة مختصرة أن أقول أن السينما السورية موعودة بقدوم مخرج يحمل معه الكثير من المفاجآت… ووجوه سينمائية جديدة وفنية سيكون لها مكاناُ مميزاُ كما هذا الطاقم في المهرجانات السينمائية القادمة…

مخرج و ناقد سينمائي