د.خالد ممدوح العزي. / لا تزال المفاوضات بين تيار المستقبل وحزب الله مستمرة في جولة سادسة ،لقد فرضت نفسها وان عنونها الطرفان سياسة الانفتاح ، بعد تعتر الحلول وانسداد الأفق أمام الجميع، بالرغم من إن الحوار حاجة ملحة لحزب الله والمستقبل، لكن الجميع يتساءل ماذا يمكن إن يقدم هذا الحوار بين الطرفين طالما إن المفاوضات السابقة طوال تسع سنوات لم تنته إلى إي حل يمكن للمواطن اللبناني أخذه بعين الاعتبار .بالرغم من تبرير تيار المستقبل لعملية الحوار وجلوسه على طاولة الحوار التي لا يتأمل بها أنصاره الخروج بايجابية لكنه يصر على أن الحوار من الضرورة بمكان لتنفيس الاحتقان الذي يسيطر على الشارع بين الطرفين (السني والشيعي) وكأن المشكلة باتت محسومة هي مشكلة الشارع اللبناني والتي يمكن أن تحل الأزمة المذهبية الخانقة بين الطرفين ،وكأنه لا يوجد مشكلة سورية حيث بات الحزب فيها طرفا مشاركا في الحرب، وكذلك العراق الذي يعيش حربا فعلية كانت شرارتها تعنت المالكي وتعامله مع المكون السني على كونه عدو يجوز قتله كما يفعل زميله الأسد وبراميله في سوريا . فالحوار حاجة ماسة لحزب الله . إذا فالدعوة إلى الحوار والانخراط فيه خيار لا بد منه لحزب الله مهما حاول التعالي والتظاهر بأنه مطلب الفريق الآخر لا مطلبه أو رغبته…؟؟ كما أن تورطه المباشر في سوريا يجعل من معاناته تتفاقم يوماً بعد يوم ولا بد لجمهوره من أن يتحرك إن لم يكن اليوم فغداً على وقع الخسائر المتوالية.
بالرغم من السؤال الذي لا يمكن أن يجد له جوابا ماذا بإمكان حزب الله تقديمه على طاولة الحوار مع تيار المستقبل ،فإذا كانت طاولة الحوار لا تناقش الإستراتجية الدفاعية وسلاح حزب الله وخروجه من مستنقع الدم السوري . فيعني بان الحوار سوف يناقش موضوع انتخابات الرئاسة المأسورة من قبل الحزب وكذلك موضوع الانتخابات البرلمانية والقانون الجديد. وسرايا المقاومة التي باتت موضع خلاف وإشكالية كبيرة في مناطق تيار المستقبل . وان كان قد بدأ تنفيذ بعض الخطوات لتنفس الاحتقان مثلا تنفير الخطة الأمنية في السجون وطرابلس والبقاع الشمالي ونزع الأعلام والصور من شوارع العاصمة
ومن هنا لابد من القول بصراحة بان تيار المستقبل أخذ للحوار بقوة التحاور الإقليمي وليس بقدرته وقناعته، كما حال حزب الله أيضا، وهذا يعني بصراحة التوافق (الإيراني الأمريكي السعودي) على إيجاد الحلول للمنطقة، والتي أعطت إشارتها زيارة رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني.
وعلى هذا الأساس قد يتم الاتفاق على موضوع سرايا المقاومة التي باتت عبئا فعليا على الحزب وعلى علاقته بحلفائه مما يدفع بالحزب لحل هذه السرايا وتقديمها كصفاء نية المحاور وفتح صفحة في التوصل إلى اتفاق على رئيس للجمهورية،بين الحزب والتيار على حساب الشارع المسيحي من خلال تفاهم “ستاتيكو” في حل الأزمة بما يرضي الطرفين وعلى حساب الاخرين. وكأن الإطاحة بالسرايا جاءت من خلال تفاهم بين الحزب والتيار بعد إشكال صيدا بين شعبة المعلومات وأفراد من قوات السرايا، والذي انتهىء باعتقال الشعبة لخمسة أفراد من الذين أطلقوا النار على دوريتها وتهريب البقية.
ومن هنا جاء الإعلان عن بداء الحوار بين القوات والتيار الوطني الحر، ليكون حوار المصلحة والاضطرار الآني بين الفريقين المتخاصمين، والذي تكلل بإسقاط الدعاوي القانونية بين الطرفين ، وربما يعود التاريخ بنا للعام 1988 عندما تم التحالف الاضطراري بين القوتين المسيحيتين(الجنرال –الحكيم) لتعطيل اتفاق مورفي-الأسد القاضي بإيصال ميخائيل الضاهر إلى سدة الحكم. بانتظار نتائج الحور بين القطبين الإسلاميين وما توصل إليه لكي تكون الخطوة المسحية القادمة.
وتكشف الأوساط بأن جدول الإعمال متعدد لا تقتصر بنوده على الرئاسة أو قانون الانتخاب، بل يتناول الملفات السيادية بدءا من الحدود اللبنانية وصولا إلى المالية العامة.
فالاتفاق المنتظر يأتي اليوم بهذا الأطار للإطاحة بأي مرشح يكون على حساب المسيحيين.
فان عملية التمديد للمجلس لم تمر دون الموافقة الرسمية لقطب أساسي ورئيسي من المسيحيين(القوات اللبنانية) وبالرغم من عدم دستورية خطوط التمديد لكنها أنقذت الفراغ الدستوري.
ومن هنا إي اتفاق قادم لإيصال رئيس جمهورية على حساب المسيحيين دون التغطية المسيحية الرسمية من احد الإطراف الرئيسية أو البطريرك الماروني مدعوما بقوة المجتمع المدني المسيحي سوف يدخلنا في أزمة حكم وحكومة جديدة وربما لا تحمد عقباها .
وبالتالي المسيحيين في كافة الجبهات معنيين بحل المشكلة وعدم إطالة عمر الفراغ لمصلحة الجمهورية وبالتالي إذا التيار والحزب سوف يذهبان لحل يناسبهم فان اتفاق الضرورة بات مطلوبا ليكون الرد الحقيقي على الصوت المسيحي الاعتراضي والندي لباقي المكونات التي تعتبر شريكة بهذا البلد الذي يتعرض اليوم لأصعب أزمة كيانيه منذ تأسيس الجمهورية اللبنانية، والتي تناقض اتفاق العيش المشترك وتخل بالتوازن الحقوقي والديمغرافية ،ولذا نرى بان المسيحيين معنيين مباشرة بإنهاء خلافتهم والتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية من العيار الثقيل الذي يحمي الدستور والصيغة اللبنانية الأخلاقية التي تحافظ على لبنان .