أهم الأخبار
dtl 14 3 2012 4 15 54 أوكرانيا

كيف ستتعامل أمريكا مع عداء بوتين؟

dtl 14 3 2012 4 15 54 أوكرانياترودي روبين / هل تستطيع واشنطن أن تقيم علاقة منتجة بناءة مع رئيس روسي يعتقد أن الأمريكيين يريدون تدميره؟ بعد أسبوع أمضيته في موسكو أستمع إلى الخطاب الرسمي المعادي لأمريكا وجدت أنه من الصعب أن أرى مثل هذه العلاقة.

لقد أوضح فلاديمير بوتين، الذي تم انتخابه حديثا لفترة رئاسية ثالثة (بعد فترة انقطاع كان فيها رئيسا للوزراء) أنه يعتقد أن واشنطن تستهدفه، حيث قال أمام حشد مبتهج بفوزه بجوار الكريملين: “لا يستطيع أحد أن يفرض سياسته علينا. إن شعبنا يستطيع أن يدرك الاستفزاز والتحريض من جانب من يريدون أن يدمروا بلادنا. إن سيناريو الثورة البرتقالية لن يجدي هنا أبدا.”

يشير بوتين في هذه الكلمات إلى الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004 التي انقلب فيها محتجون في الشوارع على رئيس غير ديمقراطي موال لروسيا. ويعتقد الرئيس الروسي أن الولايات المتحدة هي التي وجهت الثورة البرتقالية. كما يعتقد أيضا أن الروس الذين يحتجون على تزوير الانتخابات هم مأجورون من قبل الولايات المتحدة. يقول ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيجي بموسكو: “إن بوتين يعتقد حقا أن الولايات المتحدة تستهدفه وتريد تغيير النظام في روسيا.”

في الحقيقة إن عمق جنون الشك والعظمة لدى بوتين هو أكثر صلة بالعلاقات الأمريكية الروسية منه بما إذا كان قد زور الانتخابات (فحتى لو لم يكن هامش فوزه مبطنا بالغش فقد كان سيفوز أيضا).

يجادل البعض أن السياسة الخارجية الروسية لن تتغير كثيرا في عهد بوتين. فعلى أي حال كانت علاقة الرئيس أوباما التعاونية مع الرئيس الروسي المنتهية ولايته ديمتري ميدفيديف – المتمثلة في إعادة ضبط العلاقات الأمريكية الروسية – تتطلب ضوءا أخضر من بوتين. وعلاوة على ذلك فقد تلقى المسؤولون الأمريكيون تطمينات من مسؤولين روس رفيعي المستوى بأنه بعد انتهاء الانتخابات يمكن أن تعود العلاقات الأمريكية الروسية إلى أرضية أكثر استواء. ولكن من الصعب تخيل حدوث تعاون في قضايا مثل إيران وسوريا مع رجل يشعر بهذا العداء الشخصي تجاه الولايات المتحدة.

لنأخذ ما يلي في الاعتبار: في ديسمبر الفائت، اتهم بوتين وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأنها أرسلت “إشارة” أشعلت الاحتجاجات السياسية. وقد قوبل السفير الأمريكي مايكل ماكفاول بوابل من العداء بعد وصوله إلى موسكو في يناير الفائت؛ وتم اتهامه على شاشة تليفزيون الدولة بأنه قد أُرسل من أجل إثارة الثورة.

لقد كان ماكفاول هو المهندس الرئيسي لخطة أوباما المتمثلة في إعادة ضبط العلاقات، ومع ذلك فقد كان مشاركا على مدى وقت طويل في منظمات غير حكومية تعزز الديمقراطية، وهو ما يجعله محل شك عند بوتين. كما أنه أزعج الكريملين عندما التقى في اليوم التالي لتقديم أوراق اعتماده كسفير مع بعض نشطاء المعارضين ومعه نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز. ولكن هذه سياسة أمريكية طبيعية. وهذا النقد اللاذع الموجه لأسلوب ماكفاول يشير إلى عمق شكوك بوتين في نوايا الولايات المتحدة.

لقد كانت نزعة العداء لأمريكا هي خاصية محورية في الحملة الانتخابية للرئيس الروسي، في لعب على وتر نزعة الشك الفطرية لدى الروس الذين نشأوا يعتقدون أن الولايات المتحدة معادية لهم.

في الفترة التي سبقت الانتخابات سمعت خطابا معاديا للولايات المتحدة على شاشة تليفزيون الدولة حادا جدا لدرجة كان من شأنها أن تصدم أعضاء المكتب السياسي في الاتحاد السوفييتي السابق. فقد بثت محطات التليفزيون الروسية أفلاما وثائقية تصف “المؤامرات” الأمريكية التي تهدف إلى مهاجمة أو تمزيق روسيا – وخطط أمريكية مزعومة لإجبار بوتين على الاستقالة.

بالطبع هذه الدعاية السياسية كانت تهدف إلى تعزيز موقف بوتين في الانتخابات بوصم ناشطي المعارضة بأنهم عملاء للأجانب، وقد آتت هذه الدعاية ثمارها: فلا عجب أن سألني سائق سيارة أجرة صوّت لبوتين بصدق شديد: “لماذا تريد أمريكا تدميرنا؟”

ولكن هناك محللين سياسيين روس يقولون إن نزعة بوتين المعادية لأمريكا لها جذور أعمق كثيرا من مجرد الدعاية الانتخابية، فلا شك أنها تنبع في جزء منها من تدريبه في الكي جي بي (الاستخبارات السوفييتية) وتلقينها له. إنه مازال يتألم من فقدان روسيا لوضعها كقوة عظمى ومن توسع حلف الناتو إلى داخل أوروبا الشرقية. وقد كان غاضبا من تأكيد إدارة الرئيس جورج بوش للهيمنة العالمية ومن حربها على العراق.
ولذلك، كما يقول ديمتري ترينين، مدير مركز كارنيجي بموسكو، فقد سقط بوتين على “أوهام التحالف مع أوروبا أو الصين ضد الولايات المتحدة.”

ولنكون عادلين، فإن مصالح روسيا في سوريا وإيران تختلف عن مصالح أمريكا. ويقول جورجي ميرسكي، أحد كبار الخبراء الروس في شؤون الشرق الأوسط: ان “معظم من هم حول بوتين يعتقدون أن الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يتجاوز الأزمة الراهنة وعندها سيكون ممتنا جدا لروسيا.” وروسيا تبيع الأسلحة لدمشق وتستطيع سفنها أن ترسو في ميناء طرطوس السوري، وهو الميناء الوحيد المتاح لها على البحر المتوسط. أما بالنسبة لإيران فيقول ميرسكي إن “وزارة الخارجية الروسية تعتقد أن القادة الإيرانيين عقلاء وليسوا متعصبين وغير عازمين على إنتاج قنبلة.”

ولكن لو أن بوتين يستخدم هذه النزعة المعادية لأمريكا فقط لمجرد حشد الدعم الداخلي، ولو أن موقفه تجاه واشنطن هو من قبيل البراجماتية، فمازال أمام المرء إذن أن يتصور وجود بعض التعاون الأمريكي الروسي في قضايا تتداخل فيها المصالح الأمنية، حتى في قضايا الدفاع الصاروخي وإيران.

ولكن إن كانت نزعة معاداة أمريكا قد أصبحت المبدأ المرشد لبوتين – أي قناعة شخصية عميقة جدا – فإنه من الأصعب كثيرا إذن تصور وجود تعاون. إن بوتين، كونه يواجه تحديات في الداخل، سينظر إلى دعم واشنطن المستمر (والمبرر) للمجتمع المدني الروسي على أنه خطة من أجل الإطاحة به. وفي هذه الحالة سيبدو التعاون مع واشنطن علامة على الضعف.

يقول ترينين: “إذا ما وضع بوتين الولايات المتحدة باعتبارها العدو الأول فإن ذلك يمكن أن يكون له تبعاته.” إن هذا سيعني مزيدا من التوترات في الشرق الأوسط وأوروبا. وبالتالي قد يعتمد ما تبقى من إعادة ضبط العلاقات بشكل أقل على عوامل منطقية وبشكل أكبر على ما يدور في ذهن بوتين.

الشبيبة

شاهد أيضاً

أوكرانيا

الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

أوكرانيا اليوم / كييف/ في 6 أبريل 2024، في أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة)، وقع …

اترك تعليقاً