أهم الأخبار
المسلمين أوكرانيا

كتب د. رفعت السعيد:خيانة جماعة الإخوان فى ملفات المخابرات

فى كتاب أكثر من رائع أصدره مؤخرًا اللواء الدكتور عادل شاهين، وكيل المخابرات العامة المصرية الأسبق، ومنحه عنوان «المخابرات العامة المصرية.. إطلالة تاريخية على بعض صفحات النضال الوطنى 1953-1973»، الاخوان المسلميناستمتعت بشحنة قوية من مشاعر دافقة تمثلت فى شخصيات كل منها يكتسى ببطولات وتضحيات وشجاعة تجعل منه قدوة يتمنى كل مصرى حقيقى أن ينال بعضاً منها.

لكن الملفات كشفت مدى خيانة وخسة جماعة الإخوان. ونقلب مع الكتاب أوراق الملفات ونأتى إلى بدايات تأسيس «إدارة المخابرات العامة» برئاسة البكباشى زكريا محيى الدين، وتكليفها بعمليات استخباراتية مهمة منها مثلاً زرع رأفت الهجان (رفعت الجمال) عام 1954 ومنها أيضاً عمليات لمكافحة الوجود البريطانى فى مدن القنال حيث كانت آخر قاعدة احتلالية فى مصر وذلك حتى يمكن الضغط على الساسة الإنجليز الذين كانوا يفاوضون رجال الثورة حول موضوع الجلاء. وتصاعدت العمليات المسلحة والكمائن والحرائق ضد معسكرات الاحتلال وحقق قادة الجهاز نجاحات مهمة، منها الحصول على وثائق غاية فى السرية من خزائن قادة الاحتلال فى الإسماعيلية، ومنها خطاب مرسل من القائد العام للقوات البريطانية إلى رئاسته فى لندن يقول فيه «لا نستطيع أن نبقى فى قاعدة القنال وسط شعب يقاومنا بضراوة». وقد نجحت إدارة المخابرات فى تعبئة عديد من الشخصيات والمجموعات التى كانت تقاتل الاحتلال عقب إلغاء معاهدة 1936، وكان هؤلاء الفدائيون موجودين كعمال وموظفين فى معسكرات الاحتلال ومعهم بعض من اليونانيين العاملين فى المعسكرات وحتى بعض اللصوص الذين كانوا يخترقون معسكرات الاحتلال.. كل هؤلاء نجحت إدارة المخابرات بالإسماعيلية فى حشدهم. وبعد أن يسرد لنا المؤلف مساندتهم الشجاعة يقول إن الوحيدين الذين رفضوا المساهمة فى القتال ضد الإنجليز هم جماعة الإخوان، ونقرأ: «لقد رفض قادة جمعية الإخوان المسلمين فى كل من: السويس (الحاج طاهر منير)، والإسماعيلية (المرحوم الشيخ فرغلى)، وبورسعيد (الحاج عبده تاجر الأدوات الرياضية).. رفضوا جميعًا التعاون معنا» (ص23).

ونواصل مطالعة شهادة الصاغ عبدالفتاح أبوالفضل، مدير مكتب المخابرات فى الإسماعيلية، متحدثاً عن خطف الملازم طيار «ريجدن» بعد أن قامت مجموعة من الفدائيين باستدراجه من أحد البارات فى الإسماعيلية. وقامت قيادة الاحتلال بمحاصرة جميع الأطراف من خارج الإسماعيلية وتفتيش جميع العربات المغادرة وتصاعد الموقف البريطانى فقدمت القيادة البريطانية إنذاراً للسلطات المصرية بأنه إذا لم يتم تسليم الملازم «ريجدن» للقيادة البريطانية قبل الساعة الثامنة من مساء اليوم التالى فسوف تقوم القيادة البريطانية باحتلال مدينة الإسماعيلية احتلالاً كاملاً. هذا فى الوقت الذى كان فيه الضابط المخطوف قد تم تهريبه ليصل إلى أيدى رئاسة المخابرات العامة. وبدأت عملية تجميع كل الفدائيين وكل الراغبين فى التطوع للدفاع عن المدينة وتم تسليحهم وتوزيعهم على أنحاء المدينة. وقام الصاغ أبوالفضل بالذهاب إلى الشيخ محمد فرغلى رئيس الإخوان المسلمين بالإسماعيلية لدعوته للمشاركة بشباب الإخوان فى الدفاع عن المدينة إلا أنه رفض وأخذ ينتقد عملية خطف الضابط البريطانى، مؤكداً أنه لم يكن لها أى مبرر» (ص32).

وأخيراً، وبعد إبرام اتفاقية الجلاء «ظهرت فى مصر بعض العناصر الرافضة للاتفاقية خصوصاً البنود الخاصة بموافقة الجانب المصرى على وجود قاعدة بريطانية بجميع معداتها فى مخازنها فى منطقة القنال ويديرها ضباط بملابس مدنية»، ويضيف «أبوالفضل»: «وقد استمرت عناصر الرفض وكان معظمها من الإخوان المسلمين فى إحداث القلاقل فى منطقة القنال، كما قاموا بنسف بعض الكبارى والطرق وكان رد الدولة حاسماً باعتقال الفاعلين» (ص38).

ولعل هذه المواقف الإخوانية المتكررة تتسق تماماً مع موقف المرشد العام الثانى المستشار حسن الهضيبى الذى رفض السماح لشباب الإخوان بالمشاركة فى معارك الفدائيين عام 1951، التى اشتعلت بعد إعلان إلغاء معاهدة 1939، وقال لهم «اعكفوا على تلاوة القرآن» وكأن تلاوة القرآن نقيض لمحاربة قوات الاحتلال سعياً وراء استقلال كامل الوطن.

هؤلاء هم الإخوان وهذا هو مبدؤهم فرفضهم أن يمدوا يداً للمناضلين المصريين ضد قوات الاحتلال ليس أمراً شخصياً ولا هو مسألة تتعلق بشجاعة مفتقدة إنما هو جزء من العتاد الفكرى المسموم الذى غرسه حسن البنا فى رجاله منذ البداية وهو أن هذه الأرض التى نعيش فيها ليست وطناً بل هى حفنة من تراب نتن (كما قال سيد قطب) وبعده تمادى الإخوان فى إنكار مصر كوطن، بل إن تأسلم الإخوان هو الوطن. ولهذا قال مرشد آخر «طظ فى مصر». ففى الجهالة الإخوانية أنه «لا وطنية فى الإسلام» فكل من بايع الدعوة الإخوانية «على السمع والطاعة، فى المنشط والمكره» أخ وشريك فى الدعوة وكل من لم ينضم للجماعة يصبح الآخر، العدو، الطاغوت… أو أى اسم آخر إلا أن يكون مواطناً.

والأمر لا يقتصر على جيل إخوانى معين بل هم كذلك جميعاً لأنهم لا يعرفون معنى مصر كوطن.. وإذ نأتى إلى الجيل الحالى نجد الرئيس المخلوع متورطاً فى أكثر من قضية تجسس وخيانة وليس هو وحده وإنما كثير من رجال حاشيته بما يعنى أن الأمر ليس متعلقاً بشخص وإنما بجماعة، فهناك قضية تهريب وثائق تتضمن أسراراً عسكرية بالغة الخطورة والسرية إلى قطر.. وهناك قضية يبدو أن الجهات الأمنية وجدت أنه لا حاجة لكشف خباياها ويشارك محمد مرسى شخصياً فيها وهى عملية اشتهرت باسم «عملية الكربون» -والكربون مادة تستخدم استخدامات عسكرية بالغة الأهمية- والمشاع أن مرسى علم بالعملية وباسم البطل المصرى الذى قام بها بينما كان هو يستكمل رسالة الدكتوراه الخاصة به، فقام بإبلاغ الأمن الأمريكى بالأمر وقبض على البطل وحوكم وقضى مدة العقوبة.. وهكذا تواترت الأنباء.

وهكذا نكتشف المعنى الخفى الكامن فى رفض إخوان خمسينات القرن الماضى المشاركة فى قتال العدو المحتل وهو ذات المعنى الممتد حتى تجسس مرسى على مصرى بطل وأيضا تسليمه أسراراً عسكرية بالغة الخطورة لقطر. ذات الفعل وذات الخيانة وذات التجسس على أمن مصر لصالح أمريكا.. ويبقى الشكر للجهاز العتيد وأبطاله وللمؤلف الجاد الذى منحنا متعة التعرف على أبطالنا وعلى جراثيم الخيانة فى صفوفنا.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

أوكرانيا : فرص السلام والحرب

كتب محمد العروقي ، رئيس تحرير موقع “أوكرانيا اليوم” / تسارعت في الأونة الأخيرة الأحاديث …

اترك تعليقاً