أهم الأخبار
يوسف أوكرانيا

في مقال ناري… د.أحمد يوسف: ارحموا غزة وردوا الجميل لأهلها!!

 كتب الدكتور أحمد يوسف القيادي في حركة حماس والمستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية مقالا ناريا انتقد فيه الأوضاع التي نعيشها على كافة الصعد السياسية والاجتماعية يوسف أوكرانياوالاقتصادية والمعيشية.

النص الحرفي للمقال:

منذ أن عادت غيوم القطيعة والانقسام تلوح في الأفق من جديد، حتى تحركت المخاوف في الشارع الفلسطيني، وبدأت تساؤلات الناس المشحونة بهواجس القلق تتعالى، وغدت الانطباعات المتوترة والتحليلات بنكهاتها السياسية المتناقضة هي حديث المجالس والمنتديات الحوارية عبر الفضائيات، كما أن ما يتم ضخه من تغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي يعكس عمق الأزمة وسعة التباينات داخل ساحتنا الفلسطينية.

لذلك، فإن ما نسمعه من هرج ومرج هو صدى طبيعي لحالة المعاناة التي عاظمتها كوارث الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، إذ صارت عقيرة الكل تمارس طرح الأسئلة التي تنتظر إجابات لها، وهي كلها أسئلة وتساؤلات مشروعة إلا أن ما تقدمه الحكومة والفصائل للأسف هو حالة من رجع الصدى الذي لا يوفر من التطمينات ما يكفي، لتبقى الحيرة والشكوك هي سيدة الموقف.

إن سؤال الشارع الفلسطيني الذي يحتاج إلى إجابات قاطعة تعطي معاني كلمة الفصل، وهي تتراوح بين جملة من علامات الاستفهام نوجزها في التالي:

أولاً) إلى متى هذه القطيعة وهذا الانقسام؟ ولماذا تنكب الجميع الدرب وضلوا السبيل؟

 ثانياً) هل لغة الاتهام والتخوين من هذا الطرف أو ذاك هي المخرج من الأزمة التي طالت، وأرهقتنا جميعاً؟ وهل يجدي نفعاً انتظار المجهول، والتسليم بحال “دعوها فإنها مأمورة”؟

 ثالثاً) لماذا كلما شعرنا بأن الفرج قادم جاءنا من يقتل البسمة في وجوهنا، ويعيدنا إلى مربع المناكفات؟ كم سنة علينا أن نتحمل الصبر وكيِّ العذاب، ونحن في غزة نصنع العزَّ بصمودنا، ونرقى بتضحيات شبابنا أعلى الدرجات؟ إلى متى سنظل نلتمس لقياداتنا السياسية العذر، ونمنح لأخطائهم وخطاياهم التبريرات؟

 ربما تمضي أسئلتنا سنوات بلا جواب، ولكن تبقى المسئولية من حيث الواجب والعبء هي في المقام الأول على كاهل الرئيس أبو مازن، حيث ارتضى أن يعلق على صدؤه كل الألقاب والنياشين، وأن يضع كل الصلاحيات بيده، ولم تعد هناك مؤسسات ولا مجالس تتمتع بأي أهلية حقيقية، فالكل “أمرك يا ريس”، وهي حالة تستدعي مخاطبة الأخ الرئيس أبو مازن مباشرة وبصريح القول:

يا سيادة الرئيس.. الشعب يريدك زعيماً تحمل همَّ الوطن وتداوي الجراح حتى يلتئم الشمل ويعود الوئام، نريد أن نسمع منك لغة القائد والزعيم، الذي يقصده كل صاحب حاجة، ويلتف حوله الجميع.

يا سيادة الرئيس.. إذا ظل الشعب منقسماً على نفسه فلن تصل إلى ما نرجوه لك من الاحترام والتقدير، وسوف يتغول عليك نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.

يا سيادة الرئيس.. نريد تفعيل مؤسساتنا الشورية؛ المجلس التشريعي والإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، حتى يتحمل معك الجميع المسئولية، إذ ليس من الحكمة أن تظل أقدارنا ومصائرنا معلقة بيد رجل واحد، وكأننا جميعاً ليس أكثر من خُشبٍ مسنَّدة.

يا سيادة الرئيس.. إذا أعجزتك الحيلة في إنجاح المصالحة، فاذهب بنا إلى الانتخابات، فلعل فيها الفرج وصدق الأمنيات، إذ وصل الشعب – اليوم – إلى درجة متدنية من اليأس والقنوط، وفقد ثقته بكل الفصائل والقيادات.

يا سيادة الرئيس.. نقول برجاء وأمل: ارحموا غزة، ويكفي ما أصاب أهلها من الكوارث والويلات، وما لحق بهم من المشقة والعنت وقسوة الأزمات.

نبض الشارع ومسطرة القياس:

في أغسطس 2006م، كان نداء أخي د. غازي حمد بصرخته الموجوعة “ارحموا غزة.!!”، حيث كانت تساؤلاته المهمومة: ما بال غزة هكذا؟ حزينة بائسة مجروحة، دمها لا يتوقف عن النزف ودمعها لا يكف عن الهطول؟ ما بال الشوارع مكتئبة، متسخة تشع منها رائحة البؤس وتشتم منها أنفاس الإحباط و”القرف؟؟

 وأضاف: إن غزة تشهد اليوم حالة مراهقة غير مسبوقة!! مراهقة تائهة ضائعة لا تعرف هدفاً ولا مساراً. المشكلة أنك ترى في غزة حراكاً شديداً يبرز من خلال الإعلام، ولكن هل ذلك – كما يقولون – كأم العروس فاضية ومشغولة؟ أو أننا كحاطب ليلٍ؛ لا يعرف ماذا يحطب، وماذا يكسر؟! أحياناً؛ نضحك على أنفسنا حين نرى كل هذه المؤتمرات والاجتماعات والبيانات، ثم لا نجد لها أثراً على أرض الواقع!! نحن “نمضغ ” الكلام، ونطحن الماء، ونسرق دم شعبنا ونحرمه من لحظة راحة. كم هي العائلات المعذبة المذبوحة؟!، وكم هم الذين ضاقت بهم السبل من بؤس الحياة؟! وكم هم الذين يصرخون ولا أحد يسمع لهم؟!.. أقول: ارحموا غزة قليلاً!! دعوها تعيش قليلاً، وتتنفس قليلاً.. ارحموا غزة بتحكيم عقولكم قبل قلوبكم، وبرفع مست

 الوطن قبل مستوى الحزب والفصيل.. وذلك بالتضامن مع المقهورين والمعذبين، بالإحساس الجدي بالأخطاء التي نصنعها ونغطي عليها!!

لقد تذكرت هذه الكلمات النابعة من قلب صادق، وحاولت إسقاطها على واقعنا اليوم، فوجدت أن صداها – بعد ثمانية أعوام – ما زال يتردد في نفس المكان: “ارحموا غزة، وأغيثوا أهلها يا كرام”.

في ديسمبر 2011م، تكرر طلب الرحمة بأهل غزة، حيث وجدت أن الواجب يفرض معاودة التذكير بصرخة أخي د. غازي، لذلك أطلقت النداء صدعاً بالحق، قائلاً: ارحموا غزة.. حيث غدت معظم عائلاتها مكلومة بشهدائها وجرحاها وآلاف المعاقين من أبنائها.

ارحموا غزة.. التي أنهكت البطالة جيوب أهلها، وعشرات الآلاف من الخريجين فيها لا يجدون فرصة عمل تحفظ لهم كرامتهم، وتمنح مستقبلهم ومضة مشرقة وبصيص أمل.

ارحموا غزة.. التي لا تنقطع شكوى مستشفياتها من نقص الدواء، وتعطل الأجهزة والمعدات، وقلة المختصين وأصحاب الخبرات من أطبائها.

ارحموا غزة.. وتذكروا أن من منحوكم ثقتهم، وأدلوا بأصواتهم لكم، إنما كان ذلك مقابل أن تحفظوا لهم ثغور الوطن وحدوده، وأن تجمعوا الشمل، وأن تكونوا عند حسن ظنهم بكم، فلا تحرفوا البوصلة، وسددوا وقاربوا.

ارحموا غزة.. فهي حاضنة أوجاع الأسرى والمعتقلين، والأم الرؤوم لكل من خلَّفوه وراءهم من أسر مستورة، بانتظار عودة الغالي الحبيب برايته المنصورة.

ارحمونا وارحموا شباب غزة من صنميّة الانطلاقات والرايات والأهازيج الفصائلية؛ لأن هناك من غدا يتعبّدها، ويطلب الموت على مذبحها!!

واليوم، ونحن نتابع من جديد – بعد ملحمة العصف المأكول – مشاهد المأساة الإنسانية والملهاة السياسية، نكرر إطلاق النداء بألمٍ وإحساسٍ أشد: ارحموا غزة.. فقد أوجع أهلها العراء والصقيع، وقد أذلَّ عزتها سؤال: متى سيبدأ دفع التعويضات ومباشرة مشاريع إعادة الإعمار؟!

ارحموا غزة.. فقد بكت فيها الحرائر الماجدات والأطفال الرجال خلف أنقاض بيوتها المهدمة، وما تبقى من رمق الحياة وستر الحال.

ارحموا غزة.. حيث ينهش الموت أجساد أطفالها الصغار، ويأخذ الجوع وذل السؤال عافية الكبار

 ارحموا غزة.. فكل شيء فيها يئن ويصرخ من أثر العدوان، والأيدي الرحيمة كبلها الحصار، فلا قوافل تحمل البسمة، وتهتف: “لبيك يا غزة”.

ارحموا غزة.. فقد عظم مصابها، وتهالكت مؤسساتها، وشبابها أضحى برميل بارود يوشك أن ينفجر.

ارحموا غزة.. فلم يعد هناك لدى أهلها ما يخسرون، وطريق الموت والشهادة أصبحت أمنية لكل شاب وغاية كل حرٍّ.

ارحموا غزة.. فإما أن نحيا كراماً أعزة أو يلقى عدونا – بجهادنا – طعم الموت والذلة والصَغار.

أرحموا غزة.. فقد جعل الفقر والحاجة أعزة أهلها أذلةً يتسولون.!!

سؤال الشارع: إلى أين نحن سائرون؟

 منذ الأحداث المأساوية الدامية في يونيه 2007م، ونحن نسأل: متى تأتي المصالحة ونطوي صفحة الانقسام البغيض؟ انتظرنا ثمان سنوات كانت قاسية علينا جميعاً، وكانت فيها قضيتنا هي الضحية، حيث شهدت تراجعاً كبيراً على أجندة المجتمع الدولي، وكانت الفرصة التي استغلها الاحتلال لفرض المزيد من الحقائق الاستيطانية على الأرض الفلسطينية، الأمر الذي عاظم من شعورنا بالألم والإحباط.

في الحقيقة، عندما تمت الموافقة على الورقة المصرية للمصالحة في نوفمبر 2011م، استبشرنا خيراً، ولكن – للأسف – لم يتحقق شيء على أرض الواقع، إذ سرعان ما عادت المناكفات وتبادل الاتهامات.. وفي إبريل 2012م، جاءت المبادرة القطرية واللقاء التاريخي في الدوحة بين الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل بمعية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بمثابة لحظة أمل، وتوقعنا أن يكون الاتفاق الذي تمَّ توقيعه هناك ناجزاً، باعتباره يأتي استكمالاً للجهود التي بذلتها القاهرة وتعزيزاً لها، ولكن – للأسف – لم يمضِ وقت طويل حتى عادت الروح للملاسنات والردح من جديد.!!

وبالرغم من توخينا الكتابة دائماً بلغة إيجابية متفائلة، وذلك على قاعدة “بشروا ولا تنفروا”، وعملاً بالكلمة الطيبة “وقولوا للناس حسناً”، إلا أن واقع الحال المأساوي يدفعنا لأن نتكلم بحرقة وأن نعبر بقلق، حيث إن مسار السفينة وأداءها لا يبعث على الراحة والاطمئنان، فأجدني والأخ د. غازي نعاود – من حين لآخر – التحذير من مغبة ما هو قادم.. وكون غزة – دائماً – هي الضحية وجمل المحامل، فقد غدا قدرنا أن نطلق لعقيرتنا قياس معدل الانحدار من عامٍ لآخر، وهذا أخي د. غازي حمد في مقالة له بعنوان: “مشاكلنا الكثيرة.. بين الاستعصاء والحل!!” بتاريخ 17 نوفمبر 2014م، يعاود تذكيرنا بغزة، وأحوالها السياسية والإنسانية البئيسة من جديد، قائلاً: “غزة اليوم تعيش حالة مضطربة.. رمادية, متقلبة.. تعيش أزمة، بل وتغرق في أزمات متلاحقة ومركبة. لقد تحولت إلى طاحونة تمزج المشاكل والأزمات ببعضها البعض، فتخرج لنا (كوكتيلاً) لا نعرف أوله من آخره !! حتى أن الناس تعودوا عليها، وأصبحت جزءاً من حياتهم وتفكيرهم, وربما تكون قد تسللت إلى جيناتهم فاستوطنت فيها!!

ما أن ننتهي من مشكلة إلا وتخرج لنا أخرى.! وما نودع من أزمة إلا وتفاجئنا أكبر من أختها.! حتى أضحت سلسلة طويلة لا نهاية لها.

اليوم تهجم علينا مشاكل المصالحة (المنكودة) المتعثرة، والحكومة المتأرجحة، والإعمار الغامض، والصداع المزمن (اللامتناهي) بين حماس فتح.. والمعابر المغلقة, ثم نفاجأ بتفجيرات غبية/ مجرمة تعيد تجديد حالة الصدمة والذهول.!!

إن هذا الواقع المرير لا يمكن تبريره، ولا يمكن أيضاً احتماله. لا يمكن أن نُبقي أهل قطاع غزة في (طنجرة ضغط) ثم نطلب منهم أن يحتملوا ويتحملوا !!

هنالك الكثير من الأخطاء والخطايا التي ترتكب, منها ما هو سياسي, ومنها ما هو إداري، ومنها ما هو عبثي غير مفهوم, حتى أضحى السؤال الذي يرن في شوارعنا (وين رايحه؟) . أغلب الناس يقولون (داحله), دلالة إما على اليأس أو على التسليم بواقع مرفوض.

ويضيف قائلاً: من المسئول عن هذه الأزمات (المصائب) الكثيرة وتوالدها؟ سؤال لا يجد له الكثيرون جواباً. هناك من يمتهنون حرفة توزيع الاتهامات بعلم أو بغير علم. ساحة غزة أصبحت ساحة تطفح بالاتهامات والشكوك وبعثرة الأوراق. غدا الحليم حيراناً, وتنافس البعض في الحصول على سبق “الضربات الاعلامية”، باعتبارها (الحل السحري) المُخرج من الأزمات، فإذا به يزيد الطين بلة.

هناك من يلقي باللائمة على الرئيس؛ باعتباره المسئول الأول، والمنوط به تحمل المسئولية الكاملة وتقديم الحلول, وهناك من يلقي باللائمة على حماس ويتهمها بأنها تشكل حكومة ظل ولا تريد أن تتزحزح عن تشبثها بحكم غزة، ويستحضرون مقولة أبو العبد هنية(خرجنا من الحكومة ولم نخرج من الحكم), وهناك من يلقي باللائمة على حركة فتح؛ باعتبارها عمود السلطة وأن الحكومة حكومة الرئيس، وأنها مترددة في التعاطي مع مشكلات غزة من منظور سياسي، وتريد أن تبقى غزة غارقة في المشاكل.

وهناك من يرى بأن المشكلة أصلاً في المصالحة، التي ولدت عرجاء، وأنتجت حالة مشوهة ملخبطة, وجاءت بمولود خداج غير مكتمل فرض على الساحة الفلسطينية أمراضاً مزمنة.

ويختم، وهذا هو بيت القصيد، بالقول: يمكن معالجة مشاكلنا لو أحسنا بناء الثقة بيننا، ولجمنا الإعلام، واستعنَّا بالخبراء، وتحلينا بشيء من الصبر والحكمة, وساعدنا بعضنا في تفتيح المسالك المغلقة.

لا يمكننا أن نظل ندغدغ مشاعر شعبنا، ولا أن نستمر في ترويضهم على تحمل الذل والأذى، فقد بلغ الحزام الطبيين، ولم يعد في حبل الصبر من مدد، والشباب على ألسنتهم شكاوى وهموم تنوء بحمل تبعاتها الجبال، ونحن إذا لم نمتلك الصراحة في مواجهة التحديات ورسم معالم الطريق، فإننا سنجابه بهؤلاء الشباب يخرجون ثائرين في وجه الحكومة كي تتحمل مسئوليتها أو ترحل.

الشباب اليوم هم عصب الثورة، وسيف التمرد، والصوت الهادر، وطاقة العطاء المتجددة، ونحن – بانقسامنا – أضعنا مستقبلهم، ولم نترك لهم ما يوجب البكاء عليه، فليس هناك ما يخسرون.

خلال الشهر الماضي، جمعني أكثر من لقاء بهؤلاء الشباب، ضمن أنشطة مركز “تحالف السلام الفلسطيني”، وهناك يمكنك – إن شئت – أن تطرح علي هذه النخبة من خريجي الجامعات كل ما يبعث على التفاؤل والاطمئنان، ولكن عند الحوار عليك أن تتوقع أن هؤلاء الشباب سوف يطاردونك بأسئلتهم واستفساراتهم، حيث إن في جعبتهم أكثر من مئة سؤال، وأنت لا تملك لأكثرها جواباً. إن هناك اليوم عشرات الآلاف من هؤلاء الشباب الذين تخرجوا من المعاهد والجامعات، وهم اليوم بدون وظائف تؤمن لهم ما يقيم أود حياتهم، وتبشر من تجاوز الثلاثين منهم أن فرصته في الزواج على الأبواب، كما أن أمله في الحصول على بيت يأويه ليس دونه خرط القتاد.

إن هؤلاء الشباب الذين يتطلع الآلاف منهم للهجرة إلى خارج البلاد – طلباً للقمة عيش كريمة – هم أمانة في أعناقنا، وأن أجساد المئات التي ابتلعها البحر منهم هي مسئوليتنا جميعاً، وأن الذي خرج منهم يبتغي الجهاد بعيداً عن أرض الرباط له سؤال نعجز عن توفير الجواب له؛ إن كل أصحاب القرار سواء في الرئاسة أو الحكومة أو في قيادة الفصائل والحركات، ينطبق عليهم قول: “وقفوهم إنهم مسئولون”.

ختاماً: غزة؛ التاج والأمل وصاعق الانفجار

 اعتادت دائرة الأرصاد الجوية في حالة ارتفاع أمواج البحر، وزيادة سرعة الرياح، أن ترسل بتعليماتها للتذكير بأن هناك إعصاراً قادماً، وهذا يستدعي من الجميع توخي الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة.. ونحن اليوم، من خلال رصدنا لاتجاهات الحركة الشبابية، ونبرة الجدل ولغة الخطاب التصعيدية التي تظهر على وجوههم، وتخرج من أفواههم، تجعلنا نشعر بأن هناك مرجلاً يغلي، وعطباً ملحوظاً في صمام الأمان، حيث هموم البطالة، واستشراء حالة الفقر والفاقة، وغياب حركية ماكينة الإعمار، وإذا لم يحدث – اليوم – التدارك بالسرعة المطلوبة فإن الانفجار قادم لا محالة، ومسئولية العواقب ستتوزع بنسب مختلفة على الجميع.

وإذا كانت غزة عبر تاريخها الطويل، وفي كل محطاتها النضالية ومسيرتها الجهادية، هي تاج العز والفخار، وشرف الأمة، فلماذا يُسمح لكل هذا العزِّ أن يهان؟

 إننا نتمنى على الأخ الرئيس أبو مازن أن يضع ضمن استراتيجيته واقع غزة المأساوي، وأحوال الشباب المعذبين فيها.

لقد تذكرت كلمات للشاعرة إلهام أبو ظاهر، ألقتها ضمن احتفالية ثقافية في ذكرى التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، حيث أخذت أتملى في معانيها البدوية العميقة، والتي تلمست في مشهدها الحزين أحوال غزة بمقلتيها الدامعتين:

 “إن غاب الجسد يرحمه.. الروح فينا تعيش.. وإن غاب الوطن.. يا مرجله.. كيف الشعب يعيش”؟!

حروف ومعاني يدركها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

نقلا عن دنيا الوطن

شاهد أيضاً

أوكرانيا

أوكرانيا : فرص السلام والحرب

كتب محمد العروقي ، رئيس تحرير موقع “أوكرانيا اليوم” / تسارعت في الأونة الأخيرة الأحاديث …

اترك تعليقاً