أهم الأخبار
khalid al ezzi أوكرانيا

روسيا والعالم الاسلامي: العودة الى نقطة الصفر

khalid al ezzi أوكرانياد. خالد ممدوح العزي / تعتبر المصالح الروسية في العالم الاسلامي والعربي ذات فائدة خاصة، وليس حسب ما يزعم بعض المحللين بأن روسيا ليس لها مصالح مع هذه المنطقة، بل هي تاريخية تتعدى تجارة السلاح، وانما الدخول الى المياه الدافئة.

روسيا والعالم الإسلامي

بدأت روسيا تغير في سياستها المتبعة نحو العالم الإسلامي، وخصوصاً بعد تولي الرئيس فلاديمير بوتين الرئاسة، من خلال تحسين العلاقات الخارجية لروسيا وتعزيزها، فكان الاتجاه الروسي نحو الشرق وليس نحو الغرب وأميركا، والعديد من المحاور بما فيها العالمان الإسلامي والعربي .

بوتين الذي عمل على حل المشكلة في إقليم ((الشيشان الفدرالي)) المفتعلة، وتحويلها من مشكلة روسية – إسلامية، إلى مشكلة خاصة داخلية بين منشقين عن الدولة، بالرغم من ان مشكلة القوقاز ما تزال النار فيها تحت الرماد، فالدولة الروسية تتعرض لأعمال عنف وتخريب، كان آخرها تفجيرات محطة مترو الإنفاق في موسكو في 29 آذار/ مارس 2010، كانت موسكو حذرة جداً بالإشارة للإرهابيين وليس المسلمين بالرغم من ان المنفذين هم من أتباع الديانة الإسلامية، فروسيا لا تستطيع الدخول في حرب جديدة إسلامية – مسيحية بالرغم من محاولة إقحامها في هذا المستنقع البشع لكن السياسة الروسية الحديثة تعمل وفقا للآتي:

ا – تقوم السياسة و الإيديولوجية الروسية الجديدة على تأدية دور سياسي – اقتصادي أساسي وطليعي ضمن مجموعة دولية تعتمد على التعدد والتجانس الدولي في إدارة العالم .

2- الانفتاح الروسي نحو العديد من الاتجاهات العالمية.

3- علاقات جديدة مع الجوار الآسيوي تبدأ بين: ((روسيا- الصين – الهند)) ذات الأقلية الإسلامية، فالعلاقة هنا تختلف مع هذه الدول بسبب نظرة روسيا إلى تأدية دور طليعي مستقبلي، مع هذه الدول لبناء خط تحالف جديد يسمى ((محور الشرق)) المؤلف من روسيا – الصين – الهند وبعض الدول الإسلامية.

4- لقد بدأت روسيا العمل على بناء قوة عسكرية واقتصادية قوية منذ 10 سنوات تعرف اليوم بحلف ((منظمة شنغهاي العسكرية)) والتي تضم روسيا ودول آسيا الوسطى – الصين وعضوية مراقب لكل من الدول التالية: أفغانستان – الهند – باكستان – إيران – أرمينيا وروسيا البيضاء .

5- العمل على بناء قوة داخلية بين الجمهوريات السابقة ((اتحاد جمركي – اقتصادي))، تم الاتفاق عليه بين روسيا وكازاخستان في 28 أيار/ مايو 2010 والاتفاق الاقتصادي يضم كلاً من روسيا الاتحادية، وكازاخستان، وروسيا البيضاء، على أن تحذو حذوهم وتوقع على هذا الاتحاد الاقتصادي الجديد كل من أوكرانيا وقيرغيزستان.

روسيا والعالم الإسلامي

روسيا التي تعمل على تعويم دورها المستقبلي من قوتها الاقتصادية ومخزن الطاقة يجعلها تنفتح على دول إسلامية كبيرة نظراً للمصالح الروسية الاقتصادية والمالية التي تقوم عليها إستراتيجية روسيا الحالية :

1- روسيا التي تعي جداً أن إيران ليست بوابتها للعالم الإسلامي خصوصاً بعد أن أصبحت روسيا عضواً مراقباً في منظمة المؤتمر الإسلامي في ماليزيا عام 2003.

2- روسيا التي تقطنها نسبة 20%من المسلمين و يعيشون في جمهوريات ذات نظام الحكم الذاتي ضمن الاتحاد الروسي، يفرض عليها إيجاد أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول الجوار الإسلامية.

3- روسيا تعرف إن وجود دول إسلامية في آسيا الوسطى في دول الاتحاد السوفياتي السابقة، والتي تملك روسيا حدوداً جغرافية طبيعية مع دول آسيا الوسطى ذات الأغلبية الإسلامية المجاورة لحدودها الجغرافية والسياسية التي تعتبر نفوذاً لدولة روسيا الاتحادية .

4- بدأ الرئيس بوتين خطواته الأولى في رحلته إلى قلب العالم الإسلامي، من بوابته العريضة ((المملكة العربية السعودية)) التي عقدت روسيا معها عقوداً عديدة نفطية وتجارية وعسكرية وصلت قيمتها إلى أكثر من 16 مليار دولا ر أميركي وتمثلت الصفقة، ببناء خط سكك الحديد في العربية السعودية، وصفقة شراء الطائرات المقاتلة الروسية.

5- إضافة إلى العلاقة المميزة لروسيا مع دولة إسلامية أخرى: كماليزيا، خاصة من الناحية الاقتصادية والسياسية وتحديداً في أيام رئيس وزرائها السابق مهاتير محمد.

محاولة أميركية للدخول إلى آسيا الوسطى

عندها بدأت أميركا محاولتها الدوؤبة للدخول إلى آسيا الوسطى، ودولها الإسلامية مستغلة أزمة روسيا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث أجبرت هذه الدول على فتح قواعد مؤقتة لدول التحالف ضد الإرهاب أثناء الحملة ضد الإرهاب الأفغاني، لكن سرعان ما صدمت أميركا بسياسة هذه الدول، والتي أدت بها إلى الفشل في الاستمرارية في السيطرة على هذه الدول من خلال وجودها العسكري او الانقلابات الموجهة ضد حكوماتها عندما حاولت التغيير خاصة في اوزبكستان وقيرغيرستان، فعندها طلبت الخروج نهائياً من هذه المواقع لتعزز موسكو دورها النهائي في هذه الدول الإسلامية. وهذا ما أثبتته الانتخابات الأخيرة في قيرغزستان في 31 تشرين الأول/ اكتوبر والتي فاز فيها مرشح موسكو، و التي تم فيها نقل السلطة وتسليمها بطريقة سلمية ديمقراطية، لترسيخ تقليد جديد بالانتقال السلمي للسلطة، من خلال انتخابات شعبية ديمقراطية في آسيا الوسطى دون سقوط أي قطرة دم في البلاد.

ولا بد من لفت النظر إلى إن روسيا أوقفت الحرب الأهلية في طاجاكستان عام 1993، وتم إشراك المعارضة الإسلامية في الحكومة، من خلال المحافظة على استمرارية النظام في البلد، لقد ساهمت روسيا بقوة عسكرية لحراسة الحدود الدولية مع أفغانستان من اجل إقفالها خط تهريب الأفيون والحشيش لأوروبا وروسيا، و تصدير المتطوعين والمجاهدين إلى كافة المناطق الساخنة، بظل سيطرة حركة طلبان ووجود تنظيم القاعدة فيها. من هنا لا بد من الوقوف الجدي في عرض خاص لدور روسيا وعلاقتها مع الدول الإسلامية الست القريبة للحدود الروسية وهي: آذربيجان، طاجاكستان، قيرغيزستان، كازاخستان، تركمانستان وأوزبكستان، لهذه الدول علاقة خاصة بروسيا الاتحادية، التي تعتبر تلك الدول حديقتها الخلفية ومناطق نفوذها الاستراتيجي والجيو – سياسي، وهذا يعود إلى العهود السابقة التي عاشوا فيها جميعا في ظل الدولة السوفياتية، بسبب الخصوصية والعلاقة المتداخلة بين روسيا وهذه الجمهوريات الحديثة على الخارطة السياسية، والذي يفضل التحدث عنهم بتفصيل واسهاب.

أفغانستان جرح روسيا النازف

لأفغانستان وضعها الخاص بالنسبة لروسيا ولشعبها، بسبب التدخل الروسي العسكري السابق فيها، والوقوع في المستنقع الأفغاني وانهيار النظام الشيوعي هناك، فبعد تنحي نجيب الله الرئيس الأفغاني الذي تم إعدامه من قبل حركة طالبان عام 1992، بعد هذه العملية تمت سيطرة حركة طالبان على 90 في المائة من الدولة، قامت روسيا عندها بمساعدة قوة تحالف الشمال بقيادة الراحل احمد شاه مسعود (الخصم الأساسي السابق للنظام الروسي). عندها أصبحت أفغانستان بكل مشاكلها السياسية والأمنية والاقتصادية تدور في الفلك الأميركي العام بالإضافة إلى الدول الكبرى الإسلامية.

وبعدما دخلت أميركا على الخط احتلت أفغانستان من اجل القضاء على الإرهاب الدولي والقضاء على نظام طالبان.

باكستان والعلاقة مع روسيا

باكستان هي الدولة الإسلامية التي تعتبر علاقتها بروسيا ليست بجيدة ولا بسيئة والسبب يعود إلى موقع باكستان وعلاقتها السابقة، والحالية بالنظام الأميركي ودعم وتمويل المجاهدين سابقاً في أفغانستان أيام الحرب مع الاتحاد السوفياتي، وتبنيها لحركة الطالبان والحركات المتشددة في مناطق آسيا الجنوبية، مثل الحضانة، الأمنية والعسكرية والمادية، وكذلك فتح المدارس الدينية لهؤلاء الطلاب الذين عرفوا فيما بعد ((بحركة طالبان)).

تعتبر العلاقة الروسية المميزة مع الهند ودعمها السياسي والعسكري، والذي عكس نفسه على الصراع الباكستاني – الهندي، في حربهما المستمرة للسيطرة على إقليم (كشمير)، وهذا الدعم حسب وجهة نظر القادة الباكستانيين قد احدث خللاً بالتوازن الاستراتيجي بين البلدين، مما أدى إلى فتور العلاقة الرسمية بين روسيا وباكستان.

من ناحية أخرى الدعم المطلق الذي قامت به دولة باكستان إلى حركة المجاهدين الأفغان أثناء وجود الجيش الروسي في كابول ليطور هذا الدعم إلى تبني حركة طالبان رسمياً من قبل الاستخبارات الباكستانية وتقديم كل العون لها، ما أزعج موسكو وفيما بعد العالم كله من هذه الحركة الصاعدة .

لكن بعد حدوث الثورات العربية ودعم موسكو للديكتاتوريات العربية وخوفها من صعود التيار الإسلامي الذي وصفته بالمتطرف والمدعوم من الغرب لإقامة خلافات إسلامية متطرفة، أعادت علاقاتها مع دول هذه المنطقة الإسلامية والعربية إلى مربع الصفر حيث كانت في العام 1990، خاصة في ظل دعم روسيا المستمر للملف السوري والتشبث بنظام الاسد، وسط صعود الاسلاميين العرب الى سدة الحكم في كافة دول ثورات الربيع العربي الذي سينعكس صداه الفعلي على العلاقات العربية والاسلامية الروسية القادمة اذا لم تتدارك روسيا هذه الكارثة الفعلية في سياستها والتغير الفعلي لهذا التوجه.

باحث إعلامي وخبير بالشؤون الروسية ودول الكومنولث.

[email protected]

شاهد أيضاً

أوكرانيا

الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

أوكرانيا اليوم / كييف/ في 6 أبريل 2024، في أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة)، وقع …

اترك تعليقاً