ختامها ” مينسك”
15 فبراير, 2015
مقالات, منوعات
محمد العروقي/ رئيس تحرير موقع أوكرانيا اليوم
مازال العالم ، و خاصة أوروبا يترقب على ما ستؤول اليه نتائج اجتماعات ” قمة مينسك 2″ حول الازمة الاوكرانية ، و هل نجح زعماء كل من فرنسا ، و روسيا و اوكرانيا و المانيا في ايجاد الحل السحري ، للمشكلة في أوكرانيا و احلال السلام في ربوعها بعد اكثر من عام ، تخلله الكثير من الاحداث في أوكرانيا و انتهى بها المشهد بحرب أهلية في جنوب شرق البلاد بين الجيش الاوكراني ، و داعاة الانفصال المدعومين من روسيا.
لكن ماهو الفرق بين اتفاق او تفاهمات ” مينسك1″ و الذي تم توقيعه بتاريخ 5 سبتمبر 2014 ، و الاتفاق الجديد؟
بالعودة للاتفاق الجديد ، فنجد انه لايحمل في طياته الاختلاف الكبير عن الاتفاق الاول ، حيث ان الاتفاق الجديد يبدو أكثر خطورة من الاتفاق القديم ، ففي “مينسك1” لم تكن الاوضاع على الارض قد وصلت لتلك الخطورة ، حيث حقق الانفصاليين مكاسب كبيرة في توسعهم و احتلالهم مناطق جديدة ، تلك الامور دعت الى اعلان الولايات المتحدة صراحة عن امكانية دعم أوكرانيا بالسلاح ، مما جعل فرنسا و المانيا تتحركان على وجه السرعة ،لوقف تدهور الاوضاع حتى لاتصل لنقطة اللاعودة ، فاوروبا و على الاقل التيار المعتدل في الاتحاد الاوروبي لايرغب بحرب جديدة في القارة العجوز ، و من هنا جاء التحرك الفرنسي الالماني و الذي أغضب الولايات المتحدة نوعا ما ، و بعد مفاوضات شاقة في دونيتسك و ماراثونية 17 ساعة استطاعت الاطراف المجتمعة الخروج بالاتفاق الجديد.
الاتفاق الجديد حمل الكثير من النقاط جميلة في مضمونها ، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل ، فالقارئ لتلك النقاط ، و المتعمق بالشان الروسي الاوكراني ، لن يرى هناك آليات للتنفيذ، او امكانية التنفيذ تحت مفهوم شامل و قد يفسر كل طرف تلك النقاط بما يتناسب مع مصالحه مما سيفرغ الاتفاق من محتواه.و يعود بالاوضاع الى نقطة الصفر.
اذن الشيئ الوحيد الذي يمكن ان يطبق و يكون ملموسا هو وقف” اطلاق النار” ، و لكن كم من الوقت و كيف سيصمد ؟ في اتفاق ” مينسك1″ كان العامل الذي فجر وقف اطلاق النار أحداث مطار ” دونيتسك” ، و استيلاء الانفصاليين عليه ، و الان نجد على الأرض منطقة بلدة ” ديبالستيفو” و التي يطوقها الانفصاليين من جميع الجهات ، وتنفي الحكومة الاوكرانية ذلك ،فقد تكون تلك المنطقة نقطة شرارة الاحداث من جديد.
اما سياسيا فقد يكون ماحدث من اتفاق ماهو الا بمثابة ” استراحة محارب”، لترتيب اوراق اللعبة السياسية و الاقتصادية من جديد ، روسيا تعاني جراء العقوبات الاقتصادية و ردها على ذلك دعم الانفصاليين بالسلاح ، أوكرانيا تعاني اقتصاديا و ترمي بنفسها و بكل ثقلها في أحضان الولايات المتحدة ، و الولايات المتحدة تعلنها صراحة انها ساهمت بتغيير نظام الحكم في أوكرانيا و انها قد تمد النظام الاوكراني الحالي بالسلاح ، فقد تكون كل تلك المستجدات دعت الجميع للموافقة على الاتفاق الجديد و لو لفترة محدودة ، ناهيك عن حسابات الربح و الخسارة الداخلية في أوكرانيا ، فهناك التيار المتشدد و الذي يجد دعما من بولندا و دول البلطيق و بريطانيا و الولايات المتحدة ، و الذين لايؤمنون الا بالحل العسكري و في نفس الوقت يكون مبررا لعجزهم في حل المشاكل الاقتصادية للبلاد (بسبب الحرب)، اما روسيا فانه لن يهدأ لها بال مالم تاخذ الضمانات الكافية بعدم و جود قوات الناتو على الحدود الجنوبية الشرقية لاوكرانيا و المشتركة معها،ناهيك عن اطماعها بايجاد حدود برية مع ” جزيرة القرم” التي استولت عليها العام الماضي، وهو قضم تلك الحدود في صالح انشاء كيان مستقل جديد موال لها ” نوفو روسيا”.
كل تلك المؤشرات لاتدلل على اختراق حقيقي في قمة “مينسك2 “، سوى حفظ ماء الوجه للمجتمعين باعلانهم التوصل لما يسمى اتفاق جديد .. و لكن يبقى الامل بان يكون ختامها ” مسك “.