أهم الأخبار
أوكرانيا

النظرة الكَهرّبية للشخصية العربية

سامح سمير / ما حدث ويحدث وسيحدث في عالمنا العربي جديرٌ بأن يجعلنا نراجع حساباتنا كل يوم أوكرانياونفكر في كل شئ من حولنا ونربط أفكارنا بكل شئ وأي شئ.

من المعروف في علم الكهرباء أن الشحنة الكهربائية إما أن تكون موجبة أو سالبة حيث ان هناك قطبان للكهرباء قطب سالب وقطب موجب ولايوجد كهرباء بدون هذين القطبين .

وطبعا في الكهرباء يوجد قاموس ومعاني تختلف عن قاموسنا ومعانينا ربما الكهرباء والطبيعة هي الأصدق والأصح ، ففي الكهرباء كلمة سالب لا تعني سيّئ وكلمة موجب لا تعني جيّد.

بل ان هذان النوعان من الشحنات الكهربية هما اساس الكهرباء وبدونهما معا لاتوجد كهرباء مثل الذكر والانثى بدونهما معا لا يوجد انسان .

نعود الى شخصيتنا العربية المصعوقة.

بإلقاء نظرة كهربية على وضع الشخصية العربية بشكل عام نجد انها بين قطبين رئيسيين .

القطب الاول (الموجب) أو الثاني (السالب) فليست كلمة اول افضل من كلمة ثاني  وليست كلمة موجب افضل من كلمة سالب كما يجب ان نتعلم من الكهرباء.

القطب الاول هو قطب التطرف والقطب الاخر هوقطب الانحلال .

أيضا طبقا لقاموسنا الخاص حينما نسمع أونقرأ كلمة تطرف يتبادر الى الذهن مباشرة تنظيم القاعدة وبن لادن والارهاب و11 سبتمبر وما الى ذلك ربما تاثرا بالاعلام الغربي .

ولكن الموضوع اكبر واشمل واعمق من هذا فكلمة تطرف تعني الذهاب الى الطرف والبعد عن الوسط و المركز والمحور والمضمون وهذا في اي مجال.

وفي المجال الديني بطبيعة الحال باعتبار ان الدين مكوّن ومحرّك ومؤثر اساسي للشخصية العربية .

لكي نعرف أين الطرف في الدين لابد ان نعرف اين الوسط والمركز والمحور.

في الحديث الصحيح عن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك , قال : (قل آمنت بالله ثم استقم) . رواه مسلم

وفي القران الكريم أيضا

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) سورة فصلت اية 30

إذن الوسط والمركز والمحور والجوهر في الدين الاسلامي والاديان عموما هو الايمان بالله والاستقامة .

وحينما يفشل الانسان في تحقيق والمحافظة على المركز والجوهر ينحدر الى الاطراف .

لأنه أجبن واضعف واجهل من معرفة والمحافظة على الجوهر والمركز.

ثم يلجأ الى المظهر ليعوض النقص ويكمل المسافة بينه وبين المحور ، من لحية طويلة أو ثوب قصير أو لباس معيّن أو كلام وشعارات معينة .

ويتستر تحت مسمّيات ما انزل الله بها من سلطان مثل أنا اخواني او انا سلفي او انا سنيّ او شيعي او وهابي أو..أو .. كل يحاول احتكار الدين والتكلم باسم الدين .

نسي أو تناسى ان جوهر الدين هو الايمان والاستقامة هذا هو مادعى اليه كل الانبياء جميعا وما كان عليه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه.

بل سأذهب الى ابعد من هذا ، عيسى أو موسى أو ابراهيم أو نوح عليهم السلام جميعا هل كان احد منهم يصلي مثلما ما يجب علينا ان نصلي نحن الان ، أو يصوم أو يحج مثلما يجب علينا فعله الان من اركان الاسلام، أبدا.

وكلنا نؤمن بانهم انبياء صالحون وفي الجنة هم خالدون ، ونتمنى أن نكون في عشر مكانتهم.

إذن ما الذي فعلوه ليصلوا الى هذه المكانه هم واتباعهم .

مافعلوه هو التمسّك والمحافظة على جوهر ومركز ومحور الدين وهو الايمان بالله والاستقامة النفسية والفكرية وعدم الانحدار الى الاطراف.

هذا هو المعيار وهذا هو المكيال الحقيقي لمن شاء ان يَرضى عنه الله ورسله اجمعين .

نأتي الى القطب الاخر وهو قطب الانحلال .

أيضا طبقا لقاموسنا الخاص حينما نسمع كلمات مثل اشتراكية وليبرالية وعلمانية يتبادر الى الذهن الالحاد والكفر والانحلال والدعارة.

ربما تأثرا بالاعلام الديني .

ولكن أيضا الانحلال هو البعد عن المركز والمحور أي البعد عن  الايمان بالله والاستقامة ولكنه بعد على عكس ونقيض والى الطرف الاخر من التطرف .

بل  ان الاثنان كلاهما يعتبر تطرف الاول تطرف تشددّي والاخر تطرف انحلالي .

رأينا في الوطن العربي مؤخرا كثيرا من الشباب والفتيات ينحل ويتطرف ويتعرّى وينضم الى منظمات غير سوية مثل منظمة (فيمن النسائية) حيث انضم اليها وشارك فيها فتيات من مصر وتونس وتعروا مع العاريات وانحلوا مع المنحلات .

ولكن كل هذا هو رد فعل هو بحث عن الشحنة السالبة حينما طغت الشحنة الموجبة او العكس.

وايضا من انضم من الشباب الى اي جماعة او تطرّفَ دينّيا هو نفس الدافع والمحرك حينما طغت داخل الشخصية شحنة اكثر من غيرها .

حيث ان المطلوب هو التوازن بين الشحنتين .

فالوسطية والفضيلة هي الوسط بين رذيلتين ، على بسيل المثال الاسراف والبخل كلاهما رذيلتين متناقضتين يمكن القول ان احدهما شحنة سالبة والاخرى شحنة موجبة .

وعلينا ان ننسى ان كلمة موجب تعني جيّد وكلمة سالب تعني سيئّ ، كلمة موجب بمفردها هو الذي يعتبر سيئ وسالب بمفرده هو ايضا كذلك .

والجيّد هو ان يكون الاثنيين معا بنفس القدر فيكتسب كل من الاخر الجودة وينفى كل عن الاخر السوء.

حينما يتساوى الميل داخل الشخصية الى البخل مع الميل الى الاسراف يولد الاعتدال وينتفى البخل او الاسراف.

كما انه عندما تتساوى الشحنة السالبة مع الشحنة الموجبة تولد الطاقة الكهربائية المتزنة وتنتفي السالبية او الموجبية اي تنتفي القطبية.

وحينما يتساوى الميل الى التطرف مع الميل الى الانحلال يولد السواء والاعتدال والشخصية المتزنة والمستقرة القادرة على البناء والحياة وينتفي الانحلال والتطرف والاستتقطاب والصراع المؤدي الى الدمار والتشتت والتفتت.

فنحن بحاجة الى ايدلوجية جديدة وهوية فطرية جديدة تتجسد وتتبلور فيها هذه التوليفة لتحمي الشخصية العربية من التمزق والاستقطاب المدمر بين هذين القطبين المدمرين اللذين هما اخطر ما يهدد الشخصية العربية وبالتالي الدول العربية الان .

شكرا للكهرباء التي علمتنا هذا الدرس الطبيعي المخلص وقدمت لنا هذه النظرة، فالكهرباء ليست منتمية الى اي حزب او جماعة او حركة او منظمة.

كييف اوكرانيا

31-7-2013

 

شاهد أيضاً

أوكرانيا

الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة

أوكرانيا اليوم / كييف/ في 6 أبريل 2024، في أبو ظبي (الإمارات العربية المتحدة)، وقع …

اترك تعليقاً