أهم الأخبار
khalid al ezzi
خالد العزي

العلاقات الروسية الاميركية توتر العلاقات بعد الربيع العربي- الجزء الأول

العلاقات الروسية الاميركية توتر العلاقات بعد الربيع العربي- الجزء الأول

د.خالد ممدوح العزي/ التصعيد الروسي الامريكي الجديد : هل ستصمد اتفاقية ستارت 2 بين أمريكا وروسيا بظل إعادة طرح مشروح نشر الدرع الصاروخي ، بعد إن إقفل هذا الملف من قبل البلدين نهائيا،لكن أمريكا لا تزال تصر على نشر أجزاءه في دول أوروبية عديدة ،مما دفع بروسيا الى الخروج من معاهدة اتفاق نشر السلاح الصاروخي لاعتبارها بان هذا الانتشار للصواريخ الجديدة يحاصر موسكو نفسها ، لذا يبقى هذا الملف هو العقدة الأساسية في تطور العلاقات بين الدولتين .اضافة الى الحالة الجديدة التي يسودها التوتر والصراع الاعلامي المستجد بين قيادة البلدين بسب الانتخابات البرلمانية الروسية التي دفعت بالمعارضة الروسية للنزول الى الشوارع والتنديد بمصداقية هذه الانتخابات التي سادها نوع من التزوير والتلاعب بالصناديق من دفع بالعديد من الاصوات الداخلية والخارجية للتنديد بهذه الانتخابات وكان للسياسة الامريكية موقف مندد تمتل بقيادتها العليا التي طالبت القيادة الروسية الانتباه للانتخابات البرلمانية التي سيكون صداها واسعا على سياسة الحزب الحاكم وقيادته الحالية .

العلاقات الروسية – الأميركية:

الخلاف الحاد الذي نشب مؤخر بين روسيا الاتحادية –أميركا،على عدة مواضيع وملفات إقليمه زاد من حدة الخلاف بين القطبين، و الذي عبر عنه الرئيس الروسي السابق “فلاديمير بوتين” في اجتماع الدول “المشاركة في المشاكل الأمنية في ” في مدينة ميونخ الألمانية”، في آذار” مارس” من العام 2007، أثناء كلمته الذي ألقاها مبتدأ فيها،بانتقاد علني للسياسة الأميركية الخارجية من خلال ممارستها للديمقراطية والازدواجية المتبعة لديها في التعاطي مع الدول وتدخلها في شؤونها الداخلية والذي أكدها في خطابه في رومانيا من هذا العام في اجتماع لحلف الناتو وروسيا متحديا بها الحلف وأمريكا.

الكلمات الحادة واللاذعة ما زال يناقش صدها في أميركا وأوروبا حتى اليوم فالخلاف الذي بدأ يخرج إلى العلن بين العملاقين في الفترة الأخيرة “روسيا –أمريكا ” له أسباب عديدة ما زالت اغلبها موجودة من أيام الحرب الباردة، والتي انتهت أوزارها عام 1990 مع انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور العديد من الدول على الخريطة السياسية ، و روسيا أحدها ،كانت لها حصة الأسد في وراثة الاتحاد السوفيتي، وعلى عاتقها ألقيت أعباءها الداخلية والخارجية.

اتجهت روسيا نحو التغير بالاتجاه الغربي الرأسمالي، من خلال الانفتاح السياسي و الاقتصادي، على العالم الجديد الحر،و أصبحت مرتبطة بأمريكا وعلى شراكه معها، خاصة بعد وصول أصدقاءها الروس الجدد إلى الحكم في البلاد والسيطرة على الاقتصاد العام،في حكم الرئيس الأول لروسيا ” بوريس يلتسين” عندها نهبت البلاد والثروات الاقتصادية بعد انهيار النظام الاشتراكي, التي تحولت فيما بعد إلى أملاك شخصية و خاصة فمن وجهة النظر الأميركية ،أصبح اللبراليون الروس الجدد أكثر ديمقراطية في إدارة البلاد.

نظرة واشنطن لموسكو:

لكن النظرة الأميركية نحو روسيا لا تزال نفسها كما كانت قبل انهيار الاتحاد السوفيتي , نظرة الحضر والترقب، أنها العدو الأول والخطر بسبب امتلاكها للترسانة النووية والثروات والموارد الحيوية، والأدمغة العلمية ، إضافة إلى الاقتصاد الروسي الذي بدأ يتعافى و يستقر الأموال العامة تتكدس في خزينة الدولة بعد الطفرة النفطية في أسعار الغاز والبترول في العالم وتحديدا بعد حرب العراق عام 2003 .

روسيا قوة جديدة عالمية للطاقة في عهد الرئيس بوتين من خلال تطورها و رسم سياسة وإستراتيجية لها مستقلة و خاصة، هذا مما بداء يزعج أميركا التي نصبت نفسها الحاكم الأول على العالم والتي لا تريد أن يشاطرها فيه أحد، أكانت روسيا أو أوروبا، هذه القوى الجديدة الناهضة التي تحاول تغير الخريطة السياسية الجديدة للعالم من خلال التحالفات القادمة ، على خط الشرق – روسيا – الصين – الهند أو على خط أوروبا – أوروبا القديمة + روسيا.

لذا عمدت أميركا على إغراق العالم بمشاكل جديدة ولا تريد تقاسم قالب الحلوى معهم ضمن فكرة العالم المتجانس. فهي تلجأ يوميا لحجج وذرائع مختلف لجر روسيا لسباق تسلح جديد كما كان الحال عليه خلال “الحرب الباردة “،فروسيا تعي جيدا ماذا يعني التوسع الأميركي على حدودها و في مناطق نفوذها الجيو- سياسي ومحاولة توظيفها في حرب نفسية جديدة ضد روسيا .

مشاكل جديدة وضعتها إدارة المحافظين في توثر العلاقة :

أميركا تحاول نشر صواريخها قصيرة المدى في بولونيا وتشيكيا مبررة ذلك بأنها لمواجهة الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية، يعني هذا انه تم إيجاد عدو جديد “هو روسيا” لان الصواريخ التي تحمي أميركا نفسها، بها أوروبا وقواعد تواجدها ،من أي اعتداء مقبل، سيتم إسقاطهم فوق الأراضي الروسية.

إذا قدر لأميركية نشر صواريخها في أوروبا الشرقية تكون بذلك أحكمت الطوق من كل حدب وصوب على روسيا،بذلك تضمن واشنطن ضمنيا السيطرة على العالم حتى حلول العام 2017 .وتحديدا في المجلات الجوية والعسكرية خصوصا بوجه روسيا،التي ستصبح فيما عد عاجزة عن الرد التلقائي ومنعها من إطلاق أي صواريخ دفاعية في حالة نشوب حروب ضدها أو تعرضت مصالحها للخطر،إن نشر الصواريخ ومحاصرة روسيا من كل الاتجاهات المحيطة “البحر والبر والجو وحتى من تركيا” .

عزل روسيا لإدخال العالم في سباق تسلح جديد:

فالإستراتيجية الأميركية التي وضعت أسسها صقور البيت الأبيض في ولاية الرئيس بوش الابن،تهدف بالدرجة الأولى إلى عزل موسكو، وحصارها وتهديها كقوة عظمة ، فان هذا التوجه الذي عملت عليه الإدارة السابق ، يعني ذلك بكل معنى الكلمة ، الدخول في أزمة عالمية جديدة، هذه السياسة الإستراتيجية الأمريكية القديمة التي تبنتها صقور البيت الأبيض وفقا الأمور التالية:

1-سابقا ضمت دول أوروبا الشرقية وتحديدا بولونيا ودول بحر البلطيق إلى حلف الناتو،وحاليا تحاول ضم أوكرانيا،وجورجيا وأذربيجان إلى الحلف.

2- تم بناء أنبوب خط النفط – باكو – جيهان، الذي أطلقت عليه اسم صفقة القرن العشرين وتم تمريره في ظل روسيا عن طريق “أذربيجان – جورجيا – تركيا”.

3- تمايز الدور الأميركي في حرب “إقليم الشيشان”، الروسي من خلال دعمها للحركة الانفصالية هناك وتوفيرها لهم الغطاء السياسي والمعنوي والمادي .

4- لقد بعثرت،الإدارة الأميركية، دول يوغسلافيا السابقة، وضربت صربيا وعربدة عليها ودعمت الحركة الانفصالية الألبانية في” إقليم كوسوفو”من اجل السيطرة على المياه الدافئة في البحر الأدرياتيكي وتقليص دور روسيا التاريخي في البلقان .

5-محاولة مستمرة للسيطرة على مناطق نفوذ روسيا في مناطق آسيا الوسطى من خلال استخدمها القواعد العسكرية بشكل مؤقت في محطاتها للحرب على الإرهاب هناك كما ادعت.

6- ابتدعت مصطلحها الجديد وأدخلته إلى قواميس اللغات العالمية في السياسة الدولية “الثورات الملونة” والتي حدثت معظمها في مناطق الفلك الروسي تحت شعارات براقة “الديمقراطية والحرية والازدهار الاقتصادي”.

7- لقد حاولت الإدارة، جر روسيا مجددا إلى سباق سلاح جديد من خلال نشر نظام الدفاع الصاروخية “صواريخ قصيرة المدى”، في دول مجاورة لروسيا “كبولونيا- تشيكيا”ومن ثم أوكرانيا وجورجيا.

8- محاولة التدخل في الشؤون الروسية الداخلية في محاولة لسيطرة على القرار السياسي الروسي والضغط على سياسة بوتين كما كان الحال عليه في أيام الرئيس يلتسن و إدخال روسيا مرة ثانية في حالة” الغيبوبة الدائمة”… وإبعادها عن الخريطة السياسية من خلال شعاراتها الدائمة “الديمقراطية، الحرية ، التعبير، القمع المخابرات، الدكتاتورية”.

9- محاولة صقور الإدارة الأمريكية الحالية العمل بكل قواهم للضغط على روسيا من اجل انتزاع موافقة سياسية مبدئية في حربهم العسكرية المقبلة على إيران.

10- محاولة أخيرة للرئيس بوش في ادخل كل من جورجيا،أوكرانيا إلى حلف الناتو, والتي تم إفشالها والإحالة دون إدخالهما في الحلف، بسبب الاعتراض والضغط الروسي فكانت الاستجابة الأوروبية الآنية لها في تجنب صراع مباشر مع موسكو.

11- العمل الدؤوب لمنح إقليم كوسوفو استقلالا خاصا والاعتراف به كدولة رغما عن انف موسكو مما أدى إلى توتر جديد اليوم بينهما بسب ،رفض روسيا المطلق ودعم أمريكا وأخذها للوعود وعلى عتقها و تنفيذها قبل دخولها الحرب لصالح كوسوفو… علمًا بأن أميركا احتلت العراق وأفغانستان دون الموافقة الروسية، تحت شعار الحرب على الإرهاب محاولة استغلال دورها في الأمم.

العروض السريعة التي تم تناولنها للسياسة الأميركية تجاه روسيا محاولة تقليص دورها السياسي في العالم من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي والتهميش لدور الدولة الحديثة والتغيب المطلق للديمقراطية والحرية ذات المنشئ الروسي الغير مستورد أمريكيا والعودة إلى أيام الماضي “المخابرات، المافيات”.

إن هذا الطرح الأمريكي المتجدد، بدأ يقلق شعور موسكو، ويوقظ الدب الروسي من ثباته العميق، كي يبدأ التفتيش عن طعامه بنفسه، ويدفعه إلى تطوير ترسانة صواريخه الدفاعية الجديدة،” التي كشفت عنها الكريملين أثناء العرض العسكري الذي نظمته روسيا في 65 ليوم النصر على الفاشية في 9 ايار “مايو” .

أمام هذه التحديات والمستجدات الجيو- استراتيجية كلها لم يبق أمام صقور الكريملين الجدد، سوى الرد على العنجهية الأميركية وغطرستها السياسية. إن النقد الذي قام به الرئيس “بوتين” للسياسة الأميركية ليس إلا بداية لسلسلة من الخطوات الروسية في مواجهة المشروع الأمريكي.

العلاقة الجديدة بين البلدين، في ظل “أوباما وميدفيديف”:

لاتزال العلاقة بين البلدين يحكمها التوتر في العلاقات بالرغم من الانفراج الذي يسيطر على جو العلاقات التي نرها اليوم … لان جو عدم الثقة بين الجبارين هو الذي يسود، لان العديد من الملفات تسيطر على الساحة الدولية،وتفرض نفسها على العلاقات الدبلوماسية، لقد استطاع الرئيس “ميدفيديف” متابعة الاستراتيجية البوتينية في استكمال استنهاض دور روسيا على الساحة الدولية بعد الانهيار الاقتصادي والأمني والسياسي والإيديولوجي والعسكري،والأخلاقي الذي احل بالاتحاد السوفياتي، ووريثه الشرعي روسيا الاتحادية، فهذا الخلل الذي أصاب العالم نتيجة سيطرة الأحادية القطبية لصالح الولايات المتحدة على حساب روسيا، التي وقعت على اتفاق ستارت1 “للحد من الأسلحة النووية والإستراتجية، والتي أظهرت من خلالها ضعف روسيا الاتحادية،بعدها ساد طوال الفترة جو من التوتر الدائم وعدم الثقة بين البلدين،فما كان من روسيا وقيادتها السياسية والعسكرية إلا السكوت أما الغطرسة والعنجهية الأمريكية التي طالت ليس العالم واحده، إنما روسيا نفسها ومدارها الحيوي التي داخل إلى داخل البيت الروسي من خلال الصراع الطويل والمرير عل العديد من الملفات الساخنة التي استطاعت روسيا من التصدي لها ببطء، فالتصدي للسياسة الأمريكية ابتدأت مع الرئيس “بوتين”الذي وضع استراتيجية في العام 1999،تقوم على ثلاثة مرتكزات :

– إعادة الدور الجيو سياسي، والجيو-استراتيجي لروسيا الاتحادية .

– إعادة إحياء دور روسيا الإمبراطوري وفقا لمصلحة روسيا وشعبها، بعيدا عن أي مفهوم إيديولوجي، وان وفقا لمصلحة اقتصادية.

– إعادة الاعتبار لمصالح روسيا الاقتصادية الدولية ،والمحافظة على حديقتها وخلفيتها التاريخية من خلال تفعيل الدبلوماسية الروسية في العالم .

*باحث إعلامي ومختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث

شاهد أيضاً

أوكرانيا

أوكرانيا : فرص السلام والحرب

كتب محمد العروقي ، رئيس تحرير موقع “أوكرانيا اليوم” / تسارعت في الأونة الأخيرة الأحاديث …