اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات فضح المستور
12 نوفمبر, 2013
مقالات, ملفات خاصة
فؤاد خشيش / الاغتيال مصطلح يستعمل لوصف عملية قتل مدبرة ومتعمدة تستهدف شخصية هامة ذات تأثير (فكري ،سياسي ، عسكري ،قيادي)، ويكون مرتكز عملية الاغتيال عادة اسباب متعددة (عقائدية ، سياسية، اقتصادية، انتقامية) وهي تستهدف شخصاً محدداً يعتبره منظموا عملية الاغتيال عائقاً امامهم في طريق انتشار أوسع لأفكارهم أو أهدافهم.
يتراوح حجم الجهة المنظمة لعملية الاغتيال من شخص واحد إلى مؤسسات عملاقة وحكومات، ولايوجد إجماع على استعمال مصطلح الاغتيال. فالذي يعتبره المتعاطفون مع الضحية عملية اغتيال قد تعتبره الجهة المنظمة لها عملاً بطولياً، ومما يزيد في محاولة وضع تعريف دقيق لعملية الأغتيال تعقيداً، هو أن بعض العمليات قد تكون أسبابها ودوافعها اضطرابات نفسية للشخص القائم بمحاولة الاغتيال وليس سبباً عقائدياً أو سياسياً، وأحسن مثال لهذا النوع هواغتيال جون لينون على يد مارك ديفيد تشابمان في 21 يناير/كانون الثاني 1981 ، ومحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان على يد جون هنكلي جونيور في 30 مارس/ اذار 1981 ،الذي صرح فيما بعد” أنه قام بالعملية إعجابا منه بالممثلة جودي فوستر ومحاولة منه لجذب انتباهها”.
يستعمل مصطلح الاغتيال في بعض الأحيان في إطار أدبي لوصف حالة من الظلم والقهر وليس القتل الفعلي، كاستعمال تعبير “اغتيال الفكر” أو “اغتيال قضية” أو “اغتيال وطن” أو “اغتيال البراءة” وغيرها من التعابير المجازية.
عملية الاغتيال القاتلة فتتم عادة بعد تخطيط، وتحضير ويتراوح مدى تعقيدها من بسيطة إلى غاية في التعقيد نسبة إلى مدى صعوبة الوصول إلى الشخص المستهدف. كانت اغتيالات العصر القديم بدائية في تخطيطها وتنفيذها، لكن مع التطور أصبح وصول المحكوم إلى الحاكم أكثر صعوبة، مما أدى إلى تخطيط أكثر تعقيداً لتنفيذ تلك العملية.
ومع ازدياد الحماية للاشخاص المهمين، أصبحت وسيلة اختراق ذلك الطوق أهم خطوة في الوصول إلى الهدف، وأصبحت عملية استعمال السموم من الوسائل المفضلة ولكنها تحتاج الى حرفية كبيرة.
من محاولات الاغتيال الحديثة باستعمال السم : محاولة اغتيال خالد مشعل قائد الجناح السياسي لحركة “حماس” من قبل الموساد الإسرائيلي، ولكن المخابرات الأردنية اكتشفت محاولة الاغتيال، وقامت بالقاء القبض على اثنين من عناصر جهاز الموساد المتورطين، وطالب الملك الاردني الحسين بن طلال من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المصل المضاد للمادة السامة التي حقن بها خالد مشعل.
كما قامت إسرائيل بالعديد من عمليات الاغتيال بحق قيادات فلسطينية في لبنان أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وفي تونس والعديد من الدول الأوروبية ولكن معظم هذه العمليات كان عبر اختراق الحرس الخاص اوعبر عمليات عسكرية وتفجيرات للمواكب.
وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية قامت إسرائيل باستخدام العديد من الوسائل القتالية وعلى رأسها القصف الجوي والمدفعي لتصفية العديد من السياسيين والنشطاء والمقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وكان من أبرز ضحايا تلك الاغتيالات قادة الجبهة الشعبية (أبو علي مصطفى) وحركة حماس (أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وإبراهيم المقادمة ومحمود المبحوح) فضلاً عن وجود شكوك لدى الكثيرين حول تورط إسرائيل في عملية اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في العام 2004 .أكد تقرير الخبراء السويسريين الذين فحصوا رفات الزعيم الفلسطيني عرفات أنه تعرض للتسمم بمادة البولونيوم المشع. لكنهم لم يؤكدوا وفاته جراء هذا التسمم، في الوقت الذي طالب فيه مسؤولون فلسطينيون بلجنة تحقيق دولية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس (السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2013) إن تحقيقاً قضائياً يجري في وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وكان خبراء سويسريون من جامعة لوزان السويسرية قد أكدوا في مؤتمر صحفي الخميس الماضي أن عرفات تعرض للتسمم بمادة البولونيوم، ولكن ليس هناك دليل نهائي على أن المواد المشعة تسببت فى وفاته…
وكان فريق من الخبراء، بينهم خبراء في معهد الفيزياء الإشعاعية بمستشفى جامعة لوزان، قد فتح قبر عرفات بمدينة رام الله في الضفة الغربية وأخذوا عينات من رفاته بحثاً عن أدلة على التسمم المزعوم. فيما قالت أرملة الرئيس الفلسطيني لوكالة “رويترز”: “نحن نكشف جريمة حقيقية … اغتيال سياسي”.
وكالعادة، تتهرب اسرائيل من العملية وتنفي اي علاقة لها بالموضوع، اذ أكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون أن شارون أعطى أوامر بعدم قتل عرفات. وقال رعنان غيسين لوكالة فرانس برس: “أمر آرييل شارون بالقيام بكل شيء لتجنب قتل عرفات، الذي كان محاصراً عام 2002 في “المقاطعة” على يد جنودنا”.
وتوفي عرفات عن عمر يناهز 75 عاماً في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 2004 بمستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس، بعد أن نقل إليه في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول على إثر معاناته من آلام في الأمعاء في مقر الرئاسة برام الله، حيث كان يعيش محاصراً من الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر/ كانون الأول سنة 2001.
اذن، عمليات الاغتيال التي تحصل دون اي معاقبة، وبخاصة عمليات الاغتيال التي تطال شخصيات لها ” وزنها ” الكبير على الخارطة السياسية، تطرح مسألة العدالة الدولية وايضاً مسألة تنفيذ القوانين الصارمة التي تمنع تنفيذ مثل تلك العمليات وملاحقة المرتكبين اي كانوا والى اي بلد او مجموعة انتموا، والذين يجب سوقهم الى المحاكمة( الدولية اذا اقتضى الامر) لكي لا يتكرر الجرم ، وتكون العبرة في ان القوانين الدولية نافذة و لاتكيل بمعايير مزدوجة او خاضعة للإبتزاز، ومن هنا يجب ان يكون دور الاجهزة الدولية والأممية ( انتربول، اتفاقات بين الدول، محكمة لاهاي لملاحقة المجرمين…) فعالاً في عمليات الجلب والملاحقة القانونية.هذا ما يجب ان يكون او يحصل في قضية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ( والكثير من عمليات الاغتيال) والا تذهب الدلائل والقرائن سدى ، ويبقى الاتهام اذا ما ثبت، حبراً على الورق ، وساعتئذ ، ستكون الكلمة الفصل هي للارهاب والاغتيال وكا يقال ” ما في حدا عا راسو خيمة زرقا”..
دكتور في تاريخ العلاقات الدولية
المقالات التي تنشر تعبر عن رأي اصحابها