5555 أوكرانيا

ارمان عساف يبحث في تاريخ لبنان منذ النشأة

خالد ممدوح العزي / يحاول الكاتب ارمان عساف في كتابه  “لبنان بين الطوائف (1920- 1990)” 5555 أوكرانياالصادر عن دار سائر المشرق  2014 –  ان يلقي نظرة تاريخية على الدور الذي يلعبه لبنان منذ تأسيسه وتحديدا بعد ظهور دولة لبنان الكبير وحتى اليوم بسبب الموقع الجغرافي والسياسي  والاقتصادي ، وبسبب الاهتمام الخارجي لهذا الموقع .

 ويتحدث الكاتب عن مرحلة  التأسيس حتى نيل الاستقلال ودور الطائفة المارونية الرائد في انجاز هذه الفكرة وتطويرها ، وعن الدور الاساس الذي جسدوه  على الصعيد الثقافي، والاجتماعي ابتداء من  النصف الثاني من القرن الثامن عشر  مستفيدين من  اجواء الحرية،  والديموقراطية التي كانت سائدة الى حد ما من قبل سلطات الانتداب وصولا الى الى نيل فترة الاستقلال . وهكذا كان الموارنة من رواد الفكر الساسي في منطقة الشرق العربي على صعيد تطور افكار لبناء دولة  عصرية.

 يشير الكاتب الى فترة ما بعد نيل الاستقلال والتفاعل التدريجي للشخصيات والقوى المسلمة التي كانت مشاركة  في عملية التأسيس الثانية  على الرغم من تطلعات البعض لارتباط لبنان بدول المشرق العربي . لكن افكار ” الدستوريين ” المسيحيين و”الاستقلاليين” المسلمين شكلت اكثرية نيابية وشعبية  في عملية فرض الاستقلال. لكن تلك المرحلة لم تتطور وتبلور مفهوم الاستقلال والسيادة الشعبية، بل تعرضت لنكسات متعددة ، يحاول الكاتب التوقف عندها، وعند الانتكاسات التي كان لها الاثر الكبير على حركة الاستقلال اللبنانية والتي ادت الى نشؤ الازمات السياسية الداخلية توجت في العام 1975 بحرب اهلية مدمرة.

ويعود الكاتب الى فترة العام 1948 ونشوء  دولة اسرائيل والتحولات التي سادت في الدول العربية المجاورة للبنان والتي كان لها  التأثير الكبير على لبنان. فالازمة الجيو- سياسية والجيو- اقتصادية لهذا الكيان( لبنان)، زادت بسبب دعم الغرب له مما اعتبره العرب استبدالاّ لاستعمار جديد ما دفع بهذه الانظمة الى التشدد في تعاطيها مع شعوبها متذرعة بمحاربتها لهذا العدو ، ما ساهم بازدياد حركة الانقلابات العسكرية داخل الانظمة وهذا ما ترك اثاراً على صعيد التركيبة الديموغرافية اللبنانية .

لقد ارتبط الشعب البناني بالتحولات في دول الجوار حيث كان للمد الناصري والقومي والبعثي وهزيمة 1967 الاثر المباشر على الطوائف المسلمة انعكس خوفاً على الطوائف المسيحية التي بدات تبحث عن حليف يحميها ، وكانت احداث 1958 التي ادت الى حرب اهلية قسمت لبنان الى جبهتين  متناقضتين .

يقف الكاتب ارمان عساف  امام  تجارب الطوائف اللبنانية وتجاربها على حساب الكيان اللبناني والعيش المشترك . فالتحلافات  اللبنانية والمغامرات التي خاضوها كانت الطائفة المارونية هي القاسم المشترك للتجارب الفاشلة والتي لم تجلب سوى الخراب والدمار وكانت الحرب ثم جاءت التسوية الذي دفع ثمنها الشعب اللبناني على الصعيد الاقتصادي ما وضع لبنان  مجددا تحت رحمة الدول الاقليمية والخارجية .

فالتجارب الفلسطينية والسورية والاسرائيلية والاميركية والايرانية كان لها تاثيراتها الطاحنة على مختلف المكونات اللبنانية ، حيث كان فيها الدروز والسنة والموارنة وحاليا الشيعة وقود تجارب لم تتعلم الدروس من الاخطاء التي مارسوها .  

فالحرب اللبنانية التي قسمت لبنان الى الى قسمين مسلم ومسيحي دخلت الى عقر كل طائفة، ما ادى الى وقوع المنطقة الشرقية تحت رحمة حرب الالغاء بين افرقاء الصف الواحد ،  ما دفع الى دخول القوات السورية للسيطرة  وابعاد الجميع وفرض تسوية عرفت باتفاق الطائف، وكذلك التجربة الدرزية في حرب السنتين والتي انتهت بدخول القوات السورية وتقويض دورهم واغتيال زعيمهم كمال جنبلاط ، وكما حال الطائفة السنية التي تبنت مشروع المقاومة الفلسطينية وانتهت بدخول بدخول القوات الاسرائيلية في العام 1982 وخروج المقاومة الفلسطينية وتقويض دور السنة ، وكذلك الموارنة الذين اسسوا لبنان تم تقويض دورهم وابعاد قادتهم من المشهد السياسي بعد قتل الرئيس بشير الجميل في العام 1982.

الكتاب يعكس قراءة خاصة لكاتبه المعني بقضية شعب عانى ولا يزال يعاني من تحارب فاشلة تنتهي على حساب قيام دولة حديثة. والاراء التي ينقلها الكاتب من خلال معايشته للاحداث واللقاءات التي عقدها مع السياسيين ،تبقى افكار مهمة وجيدة قابلة للنقاش عبر عرض جديد لمفهوم  قيام الدولة اللبنانية التي تعيش تحت رحمة الطوائف .

 

 تكمن اهمية هذه الافكار عبر النقاش الجدي لكونها تنقل رؤية تاريخية يمكن تناقلها بشكل منطقي وموضوعي للاستفادة من ذلك التاريخ الذي فرض على شعبه بسبب العواصف التي طالت الكيان اللبناني برمته.

كاتب وباحث اعلامي مختص بالإعلام السياسي والعلاقات الدولية .

image أوكرانيا

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …