سورية ثورة شعب رغم كل الانتكاسات…!!!
3 فبراير, 2014
مقالات, ملفات خاصة
من السهل ان تكون معارضا ، وهذا الحق الطبيعي لأي انسان يؤمن ويعيش في بلد ديمقراطي. لكن ان تكون معارضا سياسيا في بلد مثل سورية يسودها حكم دكتاتوري مخابراتي، فهذا صعب جدا،لان حياتك وحياة ذويك سوف تكون عرضة للخطر والتنكيل وتمنعك من الاستمرار في ممارسة مفاهيمك وأفكارك.فالمعارض في سورية هو مناضل ثوري حقيقي، فكيف يمكن ان تكون ثوريا ومناضلا وعالما في علم الرياضيات وسياسي وعلماني ومدرس جامعي وتمارس معارضتك في بلد يعتبر نفسه حليفا وداعما للنظام السوري ، وان تكون ممثلا للمعارضة وعضو في المجلس الوطني السوري المعارض ،وعضوا في وفودها للتفاوض مع روسيا وان تصبح رئيس لإعلان دمشق المعارض في المهجر،فهذا بحد ذاته يستحق الاهتمام والتوقف عنده ليشرح عن احوال المعارضة ومواقف روسيا ومستقبل النظام السوري بظل الحملة الدولية والمحلية على الثورة السورية ووصفها بالإرهابية بظل صعود حركة “داعش” الصاروخي وسيطرتها على المشهد العام .نتوقف مع المعارض السوري الدكتور محمود الحمزة ليشرح لنا الاوضاع ويرد على كل هذه التساؤلات في الحوار التالي .
حاوره من موسكو د.خالد ممدوح العزي.
1-ما هي خطة عمل اعلان دمشق في الداخل والخارج للمرحلة القادمة بصفتكم الرئيس الحالي للإعلان في الخارج ???
بعد انطلاقة الثورة السورية العظيمة برزت أمام إعلان دمشق في الداخل والمهجر تحديات كبيرة وأهمها العمل في قلب الثورة ولكن المطلوب من أعضاء الإعلان في المهجر أكبر بكثير نتيجة الامكانيات وحرية الحركة والنشاط. ومن المعروف أن المجلس الوطني السوري حظي بالاهتمام الأكبر في نشاط إعلان دمشق في المهجر وبالفعل اتخذ المجلس سياسة موقفا سياسيا قريبا من اهداف الثورة وعبر عن طموحات الشعب السوري في التغيير الحقيقي ولكن للأسف لم يرسخ هذه السياسة على أرض الواقع ولم ينجز مهماته الكثيرة التي انتظرها منه السوريون في الوطن الذين ضحوا بأغلى ما عندهم وكانوا بحاجة لدعم سياسي ودبلوماسي واغاثي وعسكري لكن المجلس فش في هذه المهمة إلى حد كبير..
والذي فاجئنا أنه بالرغم من الموقف السياسي الصحيح لإعلان دمشق والمطابق لأهداف الثورة في الحرية والكرامة وبناء سورية المدنية الديمقراطية وحق المواطنة، إلا أن الإعلان تعثر على مستوى الأداء والنشاط وتراجع بشكل كبير على مستوى لجانه في بلدان المهجر.
من هنا جاءت ضرورة عقد مؤتمر في المهجر يعيد ترتيب البيت الداخلي ويبنيه من جديد ويوسعه وهذا الذي قمنا به في اللجنة التحضيرية للمؤتمر وشارك في هذا العمل عشرات الناشطين من ذوي الكفاءات فاستطعنا بجهود جماعية عقد المجلس الوطني الثاني لإعلان دمشق في المهجر بحضور اكثر من 80 مندوب من حوالي 20 دولة وانتخبت هيئات قيادية كلها وجوه جديدة وبينها نصيب للشباب والمرأة وهناك تنوع سياسي واثني وديني.
وتعمل قيادة الإعلان حالياً على وضع خطط للعمل في المجالات المختلفة من خلال مكاتب يشارك فيها عشرات الأعضاء في الإعلان وسنعمل على فتح فروع جديدة للإعلان في دول أخرى وقد جاءت طلبات لتأسيس لجان إعلان دمشق في 6 دول منها النمسا وفنلندا واستراليا واسبانيا وغيرها.
هناك رغبة بالعمل والنشاط وتوجد كفاءات وطنية قادرة على العطاء واتمنى أن ننجح في مهماتنا الصعبة الممكنة لكي نوسع هذا التيار الوطني الديمقراطي الذي سيدعم الثورة وسيملأ فراغا سياسيا في الساحة السياسية السورية.
2-لماذا انسحب المجلس الوطني من الائتلاف ولماذا كان رفضكم لمؤتمر جنيف-2؟؟؟
موضوع الانسحاب جاء مفاجئا قليلا ولكنه ينسجم مع قرارات الأمانة العامة للمجلس التي اقرت منذ أسابيع. والحقيقة أن موافقة الائتلاف الذهاب الى جنيف بلا أي مقدمات واي خطوات من قبل النظام، مثل وقف القصف والتدمير وفك حصار المدن وإطلاق سراح المعتقلين، هو موقف ضعيف. ورأيي بما ان الوفد ذهب يجب دعمه وعدم محاربته.
3- هل سورية دخلت بالفعل في حرب اهلية ؟
الثورة لم تتحول الى حرب أهلية بل انها حرب النظام وحلفائه الطائفيين والمجموعات المتطرفة مثل داعش وغيره على الشعب وقواه الثورية والعسكرية والمدنية. شعبنا يقاوم وحيدا فالمجتمع الدولي متخاذل وصامت أمام جرائم النظام والنظام نفسه يمارس أبشع أنواع القتل والبطش دون رادع أخلاقي او دولي. وشعبنا يعيش مأساة حقيقية وكارثة إنسانية حيث تضرر من هذه الحرب الاسدية الطائفية أكثر من 13 مليون إنسان. وما زلنا نصر على أن الثورة ليست طائفية وليست موجهة ضد طائفة بعينها وانما ضد نظام ديكتاتوري فاسد. نحن نطالب بالحرية والكرامة لكل السوريين بدون استثناء. واذا لم يتدخل المجتمع الدولي بشكل إيجابي ويدعم الشعب السوري فان البلاد ستتدمر كليا وتتحول الى ما يشبه الصومال نتيجة ازدياد عدد المقاتلين الغرباء المتطرفين من الشيعة والسنة وهؤلاء جميعا يشكلون خطر على مستقبل سوريا كدولة وكمجتمع.
4- ما هي اسباب ظهور الدولة الاسلامية في سورية والعراق “داعش”الصاروخي بهذه القوة في سورية؟؟؟
تنظيم داعش ليس بعيدا عن النظام الأسدي والإيراني ونظام المالكي الطائفي. ونتذكر دور النظام السوري في تدريب وإرسالالإرهابيين الى العراق طيلة عشر سنوات منذ 2003 وقد اشتكت الحكومة العراقية أكثر من مرة الى الأمم المتحدة ضد النظام السوري لدعمه الإرهاب في العراق. وداعش تحارب الجيش الحر وتضطهد الناشطين الثوريين وتمارس العنف والمضايقات على المواطنين في وقت لم نشهد أي معركة تذكر لداعش ضد النظام. يعني داعش تخدم النظام بشكل مفضوح. فهم يسمون أنفسهم “دولة الإسلام” وفي الحقيقة لا علاقة لهم بالإسلام. ويكفي التذكير بأن اول 500 عنصر من منظمة القاعدة خرجوا من سجون المخابرات السورية وآلاف آخرون هربوا من سجون العراق بتواطؤ أمني عراقي كما أكد ذلك وزير عراقي بهدف الدخول إلى سوريا وتأييد مزاعم النظام في دعايته بأنه يحارب الإرهاب. علما أن نظام الأسد هو مركز وبؤرة للإرهاب في المنطقة والعالم.
5- كيف تفسرون صمود نظام الاسد بدعم داخليي او بتوازن خارجي ؟؟؟
نظام الأسد منهار عمليا منذ أكثر من سنة ونصف ولكن دخول حزب الله والحرس الثوري الإيراني وميليشيات المالكي الطائفية وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة هو من أطال في عمر النظام وقد قال لي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في إحدى اللقاءات بأن نظام الأسد كان في خطر حقيقي ودمشق كانت محاصرة من قبل الجيش الحر وكادت أن تسقط بيد الثوار، لذلك تدخل حزب الله وساعده بطلب من بشار الأسد نفسه.
6-ما هو تصوركم للمرحلة القادمة ما بعد جنيف-2 والعلاقة مع فصائل المعارضة بظل الانشقاق هيكلية الائتلاف الوطني المعارض ؟؟؟
اعتقد أن مرحلة ما بعد جنيف ستشهد اصطفافات جديدة وتحالفات جديدة لأن الهياكل المعارضة الموجودة حتى الآن لم تنجح في القيام بمهماتها وارتهنت للعوامل الخارجية وما ينجم عنها من فساد سياسي ومالي وفقدت إلى حد كبير استقلالية قرارها السياسي وابتعدت عن الداخل السوري. لذلك المهمة الرئيسية هي العمل بروح الشراكة مع القوى الوطنية الحقيقية بدون استثناء لعقد مؤتمر وطني شامل للقوى الثورية السياسية والعسكرية السورية لبلورة قيادة سياسية للثورة ذات قرار وطني سوري مستقل وإرادتها تنبع من داخل سوريا من قلب الثورة وليس من عواصم العالم. يجب أن نعد العدة لهذه المهمة التاريخية.
7-كيف سينتهي جنيف -2 وكيف تقيمون سير التفاوض مع النظام بظل العزلة التي تسيطر على وفد النظام ؟؟؟
جنيف-2 لن يقدم شيئا للشعب السوري وان كانت الآمال عليه موجودة والسبب هو بلا شك وجود نظام استبدادي أمني فاسد لا يمكن أن يتخلى عن السلطة ويحدث تغييرا ديمقراطيا حقيقيا إلا بالضغط الدولي وخاصة من مجلس الأمن وكذلك بالتوقف عن دعمه سياسيا وعسكريا. وسيبقى وفد النظام يماطل ويناور لكسب الوقت. هذه خطة النظام في جنيف 2. ومن يتوقع تحقيق مكاسب للشعب فهو واهم.
8-ما سبب اصرار موسكو على عقد مؤتمر جنيف -2؟
روسيا حليف استراتيجي للنظام السوري والإيراني ولكل الهلال الشيعي وهي أحد اهم أسباب بقاء النظام الأسدي حتى اليوم. وكل ما تبذله من مواقف هو لتثبيت النظام وان كانت على استعداد للتضحية ببشار ولكن على ان يكون البديل من الموالين لها مثل قدري جميل أو غيره من المعارضة المفبركة. ويؤسفنا الموقف الروسي الذي يدعم النظام الديكتاتوري الدموي المجرم ، علما ان الشعب السوري يكن للشعب الروسي كل المودة وكان يتأمل موقفا وديا مماثلا مؤيداً لمطالب السوريين العادلة في الحرية والعدالة وليس لنظام يقتل شعبه .
9-ما هو دور روسيا القادم في التعامل مع الازمة السورية ؟؟؟
روسيا دخلت المستنقع ولن تخرج منه إلا بتحقيق مكاسب جيو-استراتيجية وهي تصارع مع أمريكا والغرب لتقسيم الثروة والنفوذ في المنطقة. وهذا مؤسف في السياسة الخارجية الروسية. وأبسط مثال هو أن المسؤولين الروس وخاصة في الخارجية يدافعون عن النظام بشكل مستميت وأعمى وبطريقة تدفع للاستغراب.
وأقول بصراحة أخطأت القيادة الروسية بالتعامل مع الملف السوري لأنها لم تستثمر تعاطف ومودة الشعب السوري مع روسيا بل ربطت روسيا مواقفها بنظام مجرم فاسد عفا عليه الزمن وانتهت صلاحيته باعتراف الروس أنفسهم.
نأمل من القيادة الروسية أن ترفع الغطاء والحماية لهذا النظام المجرم الذي يقتل ويدمر ويعربد بلا رادع. فمن يدعمه هو فاقد الأخلاق والقيم. والشعب باقي والحكام سيرحلون.
كاتب اعلامي مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث.