هادي جلو مرعي / أحببت عمرو سعد، وشغفت بأدواره من (دكان شحاته) الى (شارع عبد العزيز) الى (يونس ولد فضة) وإنتهاءا بفيلم (مولانا) الذي لايحتاج الى توصيف مادام الروائي إبراهيم عيسى قال في تعليق عنه لفضائية عربية تبث من لندن، إنه تشريح للحالة الإسلامية التي بدأت بالقتل والترويع خلال الثماني وثلاثين سنة الأولى من عمر الإسلام برغم كل محاولات التجميل التي لن تخفي الحقيقة.
مولانا فيلم مقتبس من رواية الكاتب إبراهيم عيسى الذي صدر الأمر بوقف بث برنامجه اللاذع من قناة (القاهرة والناس) لجرأته وشجاعته وطريقته التي تتضمن فكرا مباشرا وحادا وصريحا، ولاأقول على نهج (إسلام بحيري) الذي سجن وأوقف برنامجه الذي كان يبث من شاشة (القاهرة والناس) أيضا، ولم يتبق سوى برنامج( نفسنة) الفكاهي الذي تقدمه أربع نجمات هن ( بدرية، وحبيبة، وإنتصار، وهيدي) وقد حظي الفلم بشعبية جارفة، ولم يسبق لتاريخ السينما المصرية أن شهدت مثل هذا الإقبال على فلم كما هو الحال مع (مولانا) و(عمرو سعد) الذي حطم الأرقام القياسية في نسبة المشاهدة، بل وتعرض الفلم الى عملية قرصنة هائلة أثارت الإنتباه والإستغراب بسبب حجم الإهتمام العالي من قبل الجمهور، وكذلك نسبة الإيرادات العالية المتحققة منذ الأيام الأولى لعرضه في دور السينما.
أتخيل الزعيم عادل إمام وهو يجلس في منزله القريب من الهرم على الطريق الصحرواي نحو الإسكندرية، وهو ينظر الى السقف ويتأمل، ويتذكر فيلمه الإرهابي الذي مثل فيه الى جانبه الراحل أحمد راتب ويسرا، ولسان حاله يقول، يخرب بيتك ياعمرو داإنت كسرت الدنيا. عمرو سعد كان ينوي إهداء الفلم الى روح راتب لكنه لم يظفر بسبب تسارع الأحداث على مايبدو، ولظروف خارجة عن إرادته.
الفيلم الكبير الذي يحمل إسم ( مولانا ) يتضمن مشاهد عالية في الروعة، ويطرح الأفكار بجرأة متناهية، ويناقش في الدين والمذاهب وسلوكيات الناس، ويعري الذين يصورون الدين على إنه سلطة قاهرة مذلة، بينما يعمد الى الترويج لأفكار عن الإنسانية والتسامح والإيثار ونكران الذات، وقد تعرض الى إنتقادات لاذعة ليس من المغرضين والحساد والمنافسين وحسب، بل الى هجمة من أدعياء الدين، وبعض النقاد النفعيين الذين يرغبون بشن الهجمات دون النظر في العواقب، أو إحتراما للحقيقة.
نجاح فلم (مولانا) دليل على أن السينما المصرية ستعود وبقوة مع جيل كبير وواع ومتنور، وليس مجيدا للتمثيل فقط، بل يمتلك الحس الإبداعي، والقدرة على فهم المجتمع والناس، ويعالج قضاياه، وينظر الى التطرف بوصفه داءا لابد من علاجه. وذلك في الواقع عنوان عريض لمسؤولية إنسانية وشرف ومهنية يتطلبها الواقع الرديء الذي أقحمنا فيه كمسلمين في هذا الشرق العربي، وكمسيحيين نواجه معضلة وجودية، ونحن بحاجة الى مولانا لكي يعلمنا التسامح، بدلا من مولانا الذي يعلمنا القتل.