كتب صالح عوض / لا نريد الاعتراض على الصيغة التهكمية وكلمة “التزييت” والمعايرة التي أطلقها أمير قطر على دعوة الرئيس الفلسطيني للمسلمين ان يزودوا القدس بزيت الزيتون او زيت البترول بعد عرضه لما آل إليه مآل الأوضاع في القدس، ولا نريد ان نقول له ليست قطر وحدها من وقف مع غزة بل ان الأمة كلها وقفت مع غزة و أسندتها بالموقف والدعم الذي لا تستطيع قطر لظروفها وارتباطاتها تأديته..ولكننا نريد ان نطرح أسئلة عديدة في هذا المقام لكي لا تضيع الحقيقة تحت ضغط الحاجة الملحة والقهر الطاغي.
بعد مؤتمر القدس تناولت الجهات السياسية والإعلامية في الكيان الصهيوني كلمة أبومازن بشديد الحنق والتهم بالكذب.. لم تكن تصريحات نتنياهو هي الوحيدة بل امتدت الحملة الى قاعات تحرير الصحف الإسرائيلية كما جاء مؤخرا في صحيفة إسرائيل اليوم على لسان الكاتب الصحفي نداف شرغاي : “وأمس أغنى أبو مازن حقيبة الأكاذيب الفلسطينية بفصل آخر، فقد اتهم أسرائيل بأنها “تستعمل الطرق الأشد سفالة لمحو كل أثر عربي وإسلامي ومسيحي في شرقي القدس”.
ومن قطر كذلك جدد الشيخ العلامة يوسف القرضاوي فتواه بتحريم زيارة المسلمين للقدس الشريف ردا على دعوة الرئيس الفلسطيني للمسلمين بزيارة مريضهم وأسيرهم _ القدس_ وان ذلك لا يعني اعترافا بالسجان ولا إقرارا له.. ولا يملك احدنا إلا الاحترام للشيخ القرضاوي لعلمه وجهاده ووقوفه مع فلسطين في كثير من المشاهد القاسية ولكننا ندرك ان لكل عالم هفوة ولكل جواد كبوة..ولولا ان الأمر يتعلق بمسألة حساسة تمس مقدسات الإسلام الرئيسية لما تجرأنا على الوقوف معترضين.
لماذا لم يلتفت الشيخ القرضاوي فيحرم الاعتراف بإسرائيل ويدعو لقطع العلاقات معها ويتصدى بفتوى واضحة قوية لزيارة أمراء الخليج لاسيما قطر لإسرائيل سرا وعلنا وهذا هو الخطير في ذلك لا زيارة الناس العاديين للمسجد الأقصى..؟ ثم الا يرى الشيخ القرضاوي ان كثيرا من بلاد العرب في جزيرة العرب محتلة من قبل الجنود الغربيين والشركات الغربية هل يعني ذلك حرمة زيارتها؟؟
ان إسرائيل تصنع على الأرض وقائع تهويد للقدس والمسجد الأقصى ومن ضمن إجراءات إسرائيل منع الفلسطينيين من أهل قطاع غزة والضفة الغربية زيارة المسجد الأقصى ، فلماذا نتبرع بمنع المسلمين من دول الجوار لاسيما مصر والأردن والدول التي تقيم علاقات بإسرائيل كقطر والبحرين والمغرب وتركيا وكثير من الدول العربية والإسلامية من زيارة المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي بالخليل ..؟؟
ان القدس لا يتحرر بزيارة الحجاج المسلمين او بعدم زيارتهم ولكن رفض الزيارة والإفتاء بحرمتها يفتقد الى روح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم كما يفتقد الحس السياسي في معالجة القضايا ولا مستند شرعي لهذه الفتوى كما ان الدعوة للزيارة لن تحقق توقيف الإسرائيليين عن غيهم وتهويدهم ..ولكن زيارة القدس توكيد قائم ومستمر بالتزام المسلمين بمقدساتهم وهي مدعاة الى تحسسهم اكثر بالقضية..اما تحرير القدس وفلسطين وإضاءة قناديل الأقصى فلا يتسنى الا لمن يقدم الزيت صافيا ويعد للأمر عدته وبقلب مؤمن لا يخشى الا الله ولا يبتغى سوى مرضاته..
الشيخ القرضاوي عالم كبير ولكن الإسلام اكبر منه والأمة ومصالحها اكبر منه .. لا نتمنى ان يضيف لخطئه في تغطية الغزو الغربي للعراق وتغطيته للاجتياح الغربي لليبيا ودعواته ألان لتغطية عدوان غربي محتمل على سوريا ..لا نتمنى ان يضيف خطأ استراتيجيا كبيرا.
ليس من سبيل أمام الشيخ القرضاوي إلا مراجعة فتواه والدعوة للمسلمين من كل بلاد للزحف نحو الأقصى لاسيما البلاد التي لحكوماتها علاقات مع إسرائيل ففي ذلك حكمة بالغة ..وإلا فان حكام قطر والجزيرة والشيخ القرضاوي يكون الثلاثي الذي يتحكم في مصائر الأمة.