عصام سمور / شهد العقد الأخير من القرن الماضي البدايات الحقيقية للحديث عن الحوكمة، وذلك بعد تفجر الكثير من القضايا التي طفت على السطح وظهرت فيها التجاوزات الإدارية والمالية المتمثلة في علاقات ومصالح متبادلة بين الموظفين وأقاربهم، ، وما نجم عن ذلك من قضايا فساد واختلاس وافلاس لبعض الشركات كل ذلك حدث نتيجة لعدم وجود نظام يضبط سلوك تلك المؤسسات ويسمح بالرقابة على أدائها.
تعتبرالحوكمة نظام يتم بموجبه ادارة المؤسسة والرقابة عليها وتحديد العلاقات والصلاحيات من خلال هيكل تنظيمي واضح للمهام والمسؤوليات،في اطار مجمومة من القواعد والاجراءات والنظم والقوانين التي تنظم سير العمل في تلك المؤسسة، كما يوضح هذا النظام أي (الحوكمة) الية اتخاذ القرار من خلال مشاركة كافة الاطراف اصحاب المصلحة.
إن تعدد وظائف الدولة الحديثة وتشابك العلاقات الاجتماعية وسيادة الأفكار الديمقراطية كانت من الأسباب المباشرة في قيام الحكم المحلي، وهو أسلوب إداري ومظهر من مظاهر الحكم الديمقراطي، الذي يعتمد على استراتيجية اللامركزية التي تساعد على التقريب بين الدولة ومواطنيها، حيث تسمح البلديات وهيئات الحكم المحلي كما المؤسسات المحلية الديمقراطية للمواطنين بالتعبير عن احتياجاتهم وتطلعاتهم، ووضع استراتيجيات فاعلة لمواجهة المشكلات التي تواجههم وتؤثر عليهم، بهدف زيادة رضا المواطنين عن الخدمات التي تقدمها الدولة.
’تدار البلديات من خلال مجموعة من القوانين والانظمة التي تنظم عملها،حيث أُصدر قانون الهيئات المحلية الفلسطينية رقم (1)/1997حيث يبين هذا القانون طبيعة عمل البلديات والمجالس المحلية وهيئات الحكم المحلي الأخرى، وحدد هيكليتها. كما أكد هذا القانون مبدأ الديمقراطية كأساس لاختيار رؤساء المجالس البلدية وأعضائها وهيئات الحكم المحلي في انتخابات حرة ومباشرة.
“تشكل نسبة السكان الذين يعيشون في مناطق حضرية في الضفة الغربية حوالي 74 % يعيشون في 107 بلديات بينما يعيش سكان قطاع غزة في 25 بلدية ، وتعتبر هيئات الحكم المحلي من أقدم أشكال الحكم والادارة في فلسطين والتي ما زالت النقطة المرجعية الرئيسية للمواطن”.
وبحسب تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية 2016فإن العديــــد مـــــن البلديات لا يوجـــــد فيهـــــا هياكـــــل تنظيميـــــة تتضـــــمن المهـــــام والمســـــؤوليات ً والوصــــف الــــوظيفي، وفي تقييم سابق للخطط الاستراتيجية للبلديات خلال العامين الماضيين تبين ان البلديات تعاني من ضعف في التخطيط الاستراتيجي بالإضافة الى ضعف التواصل مع الممولين بشان أولويات البلديات الحالية ورؤيتها التنموية، ناهيك عن العجز الكبير في موازناتها وقلة مصادر التمويل الخارجي بالاضافة الى ضعف المشاركة المجتمعية في وضع سياسات وخطط البلديات التنموية، في ظل ما تشهده المناطق الفلسطينية من تحديات وصعوبات بسبب واقع الاحتلال والحصار والزيادة السكانية المطردة مع قلة الامكانات والموارد المتاحة.
ومن هنا فإنني أقترح مجموعة من التوصيات باتجاه تصويب الاداء وتعزيز الحكم الرشيد في البلديات:
▪ إجراء انتخابات محلية للبلديات والقرى المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتعزيز المشاركة المجتمعية في صناعة القرار على مستوى تلك البلديات.
▪ ضرور وجود هياكل تنظيمية للبلديات تتضمن المهام والمسؤوليات لكافة العاملين وتوضيح العلاقات بما يخص اتخاذ القرارات وتحديد الصلاحيات ضمن اللوائح والقوانين المعمول بها.
▪ ضرورة وجود خطط استراتيجية للبلديات كأحد اهم المتطلبات الأساسية للتنمية المستدامة وتضمين خطط جميع الاقسام والدوائر في البلدية ضمن الخطة الشاملة في إطار المشاركة الفاعلة للجميع.
▪ تعزيز المشاركة المجتمعية في رسم سياسات وخطط بالبلديات، الافصاح عن المشاريع قبل إقرارها ونشر كافة البيانات الإحصائية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بكيفية إدارة البلدية وايضا المتعلقة بالخدمات والمشاريع المختلفة وتمكين المواطنين من الاطلاع عليها.
▪ رفــــع قــــدرات البلديات فــــي إدارة المـــوارد العامـــة ســــواء الماديـــة أو البشـــرية والتــــي تمكنهـــا مــــن القيـــام بالوظـــائف والصــــلاحيات المناطـــة بهــــا علـــــى الوجـــــه الأكمـــــل، وأن تكـــــون ملتزمـــــة بكافـــــة القـــــوانين والأنظمـــــة واللـــــوائح والتعليمـــــات التـــــي تحكمهـــــا والصــــــــادرة عــــــــن الجهــــــــات ذات الاختصــــــــاص.