هل ينوي مرسي فك حصار غزة ؟
28 يوليو, 2012
ملفات خاصة
شهيرة أمين / بدأ سكان قطاع غزة يتنفسون الصعداء بعد خمسة أعوام من الحصار ومع مرور أكثر من عام على فتح معبر “رفح” جزئيا، ذلك المعبر الوحيد من أراضي القطاع الذي لا يخضع للرقابة الإسرائيلية والذي أغلق سنوات أثناء حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.
مع فتح هذا المعبر في أيار/مايو 2011 سمح لـما مجموعه 400 فلسطيني كحد أقصى بأن يعبروا هذا المعبر يوميا متوجهين إلى مدينة رفح الحدودية المصرية.
ولكن الآن اتجهت مصر نحو تخفيف القيود المفروضة على دخول الفلسطينيين إلى أراضيها ما يعد خطوة سياسية ملحوظة لبلاد طالما حاولت تقييد توافد الفلسطينيين إلى مصر وبشكل عام سكان غزة.
في النظر إلى تاريخ المسألة، ساعد الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي تم إسقاطه في العام الماضي بعد موجة عارمة من الاحتجاجات الجماهيرية، ساعد إسرائيل في إطار التعاون الوثيق معها على الإبقاء خلال مدة خمس سنوات على الحصار المفروض على قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة “حماس”.
خلال هذه السنوات الخمس لم تسنح فرصة عبور معبر “رفح” إلا للطلاب والفلسطينيين المحتاجين إلى علاج طبي وحتى تلك الفرصة لم يكن من الممكن وصفها بـ”السهلة” للجميع.
يذكر أن المعبر كان مفتوحا أمام النساء والأطفال في حين كان يتوجب أن يرافق عناصر الأمن الرجال الذين لم يتجاوزوا الأربعين مما اضطرهم إلى الانتظار خلال ساعات طويلة على الحدود في مساحات ضيقة وصغيرة يصفها الفلسطينيون المسافرون بـ”ظروف مهينة” يضطرون لاختبارها.
فسكان غزة لطالما عانوا من قرارات الحظر على دخولهم إلى مصر لأسباب تتعلق بـ”الأمن القومي”.
ولكن الواقع والنوايا الحقيقية تختلف عن المعلن، فالسبب الحقيقي كان التخوف من المقاتلين والمتشددين.
عملية توجه سكان غزة إلى الأراضي المصرية لم تكن بالبسيطة إذ كانت حركة “حماس” ترسل إلى السلطات المصرية لائحة بأسماء الفلسطينيين الراغبين بالسفر إلى مصر حيث يتم التدقيق والتمعن فيها قبل أن يسمح الأمن المصري بدخول عدد محدد به من المذكورين إلى البلاد.
مؤخرا، أخذ الجانب المصري يسهل إجراءات توافد الفلسطينيين إلى مصر.
إلا أن غياب تصريحات وإعلانات رسمية عن هذه التسهيلات واقتصار المسألة على اعتبارها تسريبات دفع إلى بروز ردود فعل متباينة بين صفوف المصريين.
فعلى خلفية هذه التسريبات، لجأ الناشطون إلى مواقع التواصل الاجتماعي كـ”فيسبوك” و”تويتر” للتعبير عن مواقفهم حيث رحب البعض بهذه الخطوة باعتبارها “تطورا رائعا كان لا بد من أن يحدث منذ زمن” بينما اعترض آخرون معتبرين أن المسألة أقرب منها إلى “غزو فلسطيني محتمل للبلاد”.
على الصعيد الإعلامي، استخدم الإعلام المصري الذي يبدو عدائيا تجاه الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، هذه الخطوة لتحويلها إلى ضربة جديدة له.
وبصورة أكثر دقة، بدأ السياسي الليبرالي والنائب السابق محمد أبو حامد يظهر بشكل مكثف على شاشات التلفزيون معربا عن قلقه من تقديم مرسي لمشروع الإخوان المسلمين فوق مصلحة البلاد.
وفي رسالة وجهها إلى مرسي شخصيا كتب أبو حامد: “الثورة الحقيقية ستكون ضد احتلال حركة الإخوان المسلمين الدولية لمصر”.
وقال لمرسي: “لم ينتخبك الشعب المصري لتنكب على معالجة مشاكل الفلسطينيين في غزة ولا لتوطينهم في سيناء”، مشيرا إلى عمله على جمع الأدلة بشأن معاملة تفضيلية تسمح لسكان غزة بشراء أراض في سيناء واصفا هذه المسألة بأنها “سرقة للأراضي المصري”.
هذا التعليق القاسي ليس إلا تعليقا على الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع مرسي فضلا عن زيارات رسمية أخرى قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس إلى العاصمة المصرية في الأسابيع الأخيرة.
في الحقيقة ركّز هنية خلال المحادثات على رفع عدد الفلسطينيين العابرين للحدود وذلك عقب دعوات وجهها سابقا وطالب فيها بفتح المعبر كليا وبشكل دائم وحماية الفلسطينيين ضد “الاعتداءات الإسرائيلية”.
من جانبه قدّم مرسي الوعود ببذله الجهود للتخفيف من وطأة الحياة على الفلسطينيين في غزة إلا أنه لم يتمكن من تحديد السبل التي ستسمح له بتنفيذ هذه الوعود. مع العلم بأنه لم يعط أي إشارات تدل على استعداده لفتح معبر “رفح” بشكل قاطع ونهائي.
وكان الرئيس المصري الجديد المنتخب تعهد عند تسلمه سدة الرئاسة في البلاد باحترام كافة الالتزامات الدولية ومنها معاهدة السلام مع إسرائيل من هنا اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن سياسية مرسي إزاء حركة “حماس” ستتصف بالحذر.
وعلى الرغم من أن المجلس العسكري المصري الذي حكم مصر في المرحلة الانتقالية نجح في تحريك مسألة المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” يبقى القياديون العسكريون حذرين من إغضاب حركة “فتح” التي تعتبر فتح المعبر نهائيا خطرا محتملا يتمثل في إمكانية “ضم قطاع غزة إلى مصر”.
ولا يخفى على أحد أن عددا من المصريين لا يزالون يحملون هذا الخوف والقلق العميقين إزاء مقاتلي “حماس”، وليس هذا الشعور إلا وليدة الخوف الذي زرعه مبارك في قلوب المصريين طوال فترة حكمه.
في هذه الأثناء، توخى مرسي الحذر كما لو أنه يمشي على أرض مليئة بالألغام، ومن هذا المنطلق شدد على أهمية الدور المصري في دعم كفاح الفلسطينيين من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة، وتحقيق المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس”، وتخفيف معانات أهالي قطاع غزة من خلال تزويده بالمحروقات والكهرباء مع تسهيل عبور الفلسطينيين إلى مصر.
وعود كثيرة ينظر إليها المشككون بأنها “عقد مع الشيطان” قد ينسف شعبيته في الداخل بشكل جذري.
أنباء موسكو