talal أوكرانيا

هل ينجح الأسرى حيث فشل الآخرون

talal أوكرانياطلال عوكل / وكأنها أصبحت من وقائع الماضي التي تكرست على نحو يستدعي توفر قوى خارقة، تحولت المصالحة الى مجرد حكم ممنوع بالنسبة للمواطن الفلسطيني، وكابوس لا تحتمله عقول اصحاب المصالح والمشاريع دون الوطنية وفوقها.
لم يعد المواطن يعرف لماذا ومن المسؤول عن تعطيل التفاهمات السابقة التي كلما جاء فيها جديد كان يرده قديم الصراع وتغلب عليه الممارسات التي تمعن في تعميق الانقسام الذي بات اكثر خطرا من سخريات القدر.
منذ ما قبل السابع عشر من هذا الشهر وهو يوم الاسير الفلسطيني ينخرط الجميع في فلسطين والكثيرون من خارجها في حملة متواصلة من النشاطات والخطابات والوقفات التضامنية مع الاسرى، الذين شقوا الطريق بارادتهم وبأمعائهم الخاوية، قضية الاسرى ومبادراتهم النضالية هي التي تزج الكل المختلف لصياغة مشهد وحدوي، لا مجال فيه للمزايدات ولا للتراخي ولكنه مشهد مؤقت وخادع، فالحال الفلسطينية على ارض الواقع، وعدا الممارسات اليومية، هي حال مريرة، تتحكم فيها وتسيرها ارادة الانقسام والرفض للآخر.
والسؤال هو كيف لدعاة الوحدة الكاذبة، والمصالحة الشعاراتية ان يبرروا نضالنا من اجل تحرير اسرانا الابطال فيما تمضي الاجهزة الامنية والشرطية في انتهاكات حقوق الانسان خصوصا ما يتعلق بحرية الرأي.
لم نعد قادرين على متابعة قائمة الصحافيين الذين يتعرضون للاعتقال والتحقيق والمنع والحبس بعضهم عن حق واغلبيتهم على خلفية الموقف والرأي.
وبغض النظر عما اذا كان ما لحق بالصحافيين من انتهاكات سببه الانتماء السياسي او اذا كان يتصل بأخطاء مهنية او بسبب مواقفهم الانتقادية فان ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن هذا القطاع يتعرض لحملة مركزة ومقصودة بهدف تخويف آخرين.
كان من المفترض ان تتصدى نقابة الصحافيين للدفاع عن حقوق اعضائها وان تسعى لحمايتهم، لكن النقابة منقسمة الى نقابتين بعد الانتخابات التي وقعت مؤخرا، لتندرج هي الاخرى في عداد المؤسسات، التي تعبر عن الانقسام وتعمل في اتجاه تعميقه.
هكذا تكون نقابة الصحافيين العاجزة أصلاً، قبل انقسامها الى نقابتين مساهمة بهذا القدر او ذاك في البلايا والانتهاكات التي تلحق بالصحافي الفلسطيني، وهي مساهمة بطريقة غير مباشرة في خفض سقف ممارسة الحريات العامة.
علينا ان نتصور حال الحريات العامة لمجموع الشعب ونخبه بعد خمس سنوات على وقوع الانقسام، فاذا كان قطاع الاعلام غير قادر على احتمال معدلات الضغط التي تقع على العاملين فيه، فأي قطاع آخر يستطيع الصمود؟ هل على المؤسسات المجتمعية المعنية بحقوق الناس التدخل بفعالية لحماية الحريات العامة وحرية الصحافيين والصحافة حين تعجز نقابتهم عن ان تحمي حقوقهم؟
الحال بائسة وتتواصل حال التدهور لدى المجتمع الفلسطيني في ضوء استمرار الانقسام والصراع، وغياب المصالحة، وفي ضوء الاحتكار السياسي والفئوي وكبت الحريات.
غير ان الطامة الكبرى تكمن في غياب الشفافية والصراحة وربما الجرأة لدى القوى السياسية، والقيادات السياسية على وجه الخصوص التي عليها ان تصارح الناس بشأن تعطيل المصالحة حتى هذا الوقت.
وبصريح العبارة نقول إنه قد اصبح واضحا للعيان ان استمرار الانقسام يقدم خدمة جليلة للاحتلال الذي صنع مقدماته ودفع الامور نحو وقوعه، هذا الاحتلال لا يزال يرقص طربا على خلافات الفلسطينيين وصراعاتهم وتمنعهم امام الوساطات المخلصة.
لا تفصح القيادات السياسية عما ترى في كيفية دفع المصالحة قدماً نحو التنفيذ ولكن بالاضافة الى ما هو معروف من تجاذبات خارجية تؤثر سلبا على هذا الطرف او ذاك فإن لكل من الطرفين حساباته واولوياته التي لا تتفق مع الآخر.
احد الطرفين يرى ان تفعيل لجنة الانتخابات يشكل الاولوية على موضوعي اعلان الحكومة والحريات العامة ويرهن هذه وتلك بموافقة الطرف الآخر على البدء بالتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية قد يحدد موعدها خلال وقت قريب لا يراه الطرف الآخر مناسباً.
الطرف الآخر بات يلح على ضرورة الاستعجال في تشكيل واعلان الحكومة قبل تفعيل لجنة الانتخابات وتحديد موعدها وهو يمكن ان يناور بالنسبة لموضوع الحريات العامة فاذا جاء تنفيذ ما يتعلق بها قبل الحكومة سيكون ذلك مرحبا به وفي كل الاحوال فان الانتخابات بالنسبة لهذا الطرف ينبغي ان لا يتحدد موعدها قبل عام على تشكيل الحكومة.
 عودة الى سؤال البيضة ام الدجاجة والدوران في متاهة بافلوف، الامر الذي يحتاج الى حوارات ماراثونية جديدة لا يبدو انها قريبة، فيما أصاب الاحباط واليأس كل الوسطاء الذين لا يتمتعون بترف الاستقرار والراحة حتى يعاودوا القيام بأدوارهم بنشاط وجدية يحددها أمل لا تصيبه خيبة امل جديدة.
واذا كانت الاطراف المتحكمة بمصير الفلسطينيين غير مبالية بتوضيح حقائق الامور للشعب وهي تتمسك بموافقتها المعطلة للمصالحة وتلقي بالتهم على بعضها البعض فان السؤال مجددا يذهب الى القوى الاخرى بوسطية التي لم تتمكن رغم مرور خمس سنوات من ان توفر مع بعضها البعض القوة القادرة على تحريك الامور او تجاوزها.
ان كل يوم اضافي يمر على استمرار الانقسام وتواصل معاول الحفر لتعميق هذا الانقسام واستنزاف طاقات وقدرات الشعب الفلسطيني وانما تستنزف الرصيد الذي راكمته النضالات والتضحيات السابقة.
يقول احدهم ان ما دفعه الشعب الفلسطيتي من تضحيات عبر تاريخ الصراع الطويل مع الهجمة الصهيوينة ولاحقا ضد الاحتلال الاسرائيلي انما يكفي لتحرير اوطان وليس وطنا ولكن ما الذي يمكن استنتاجه حين تتبدد كل هذه التضحيات فيما تعود القضية ويعود الشعب القهقرى من خسارة الى خسارة؟
مرة واحدة نتطلع الى ان تقف القيادات السياسية المعنية امام ضمائرها الوطنية لتتدبر ما تفعله وما يحتاجه الشعب وما تحتاجه القضية الوطنية حتى ولو من باب الوفاء للاسرى الابطال الذين يناضلون بأمعائهم الخاوية يقارعون بها الجلاد ويقارعون بها ايضا تشتت الوضع الفلسطيني.
في هذا المقام اعتقد انه مكن للاسرى اذا توحدت ارادتهم ان يولدوا ضغوطا على القيادات السياسية وتفوق كل الضغوط التي ولدتها الوساطات السابقة والمستمرة ويمكن لهم ان ينجحوا حيث لم ينجح الآخرون.
المصدر: اسوار برس

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …