د.فيصل القاسم / على عكس كل أمم الأرض تقريباً يقف العرب حتى الآن منفردين في أن ليس لديهم رأي عام أو مجتمع مدني، فقلما ترى أو تسمع وسائل الإعلام العربية أو الغربية تتحدث عن الرأي العام العربي. لكن عبقرية إعلامنا قد تفتقت عن استنباط مصطلح فريد لوصف الموقف العام وهو مصطلح “الشارع العربي”، وهو تعبير غائم عائم فضفاض غير قابل للتعريف، وقد يكون حكراً على العرب دون غيرهم من دول العالم. هل سمعتم الإعلام الأمريكي يتحدث عن الشارع الأمريكي مثلا؟ هل هناك شارع بريطاني أو فرنسي أو ألماني أو حتى إفريقي؟ بالطبع لا، بل لديهم رأي عام أو اتجاهات معينة، ناهيك عن المجتمع المدني الفاعل والمنظم الذي يشكل قوة موازية لقوة الدولة، فكلمة شارع في الغرب تعني الشارع لا أكثر ولا أقل، أما عندنا فالشارع هو بقدرة قادر عموم الناس كتلة واحدة.
لا أدري لماذا يقبل المواطن العربي أن يربطوه بالشارع، ربما تقصدون ذلك، فالشارع هو المكان الذي يلجأ إليه الإنسان عندما يفقد منزله لسبب أو لآخر، وهو بالتالي الملاذ الأمثل للمتسكعين والمشردين العاطلين الباطلين، أو ربما أرادوا أن يمعنوا في الحط من قيمة الإنسان العربي، فأقاموا تلك العلاقة بينه وبين الشارع، ناهيك عن أن كلمة الشارع في اللغة العربية قد تبدو كلمة رديئة. ألا يصفون البذيئين والساقطين والمارقين في لغتنا بأولاد الشوارع؟ تلك كانت وما زالت نظرة الأنظمة العربية الحاكمة للشعوب! فالمعاملة التي تتلقاها الشعوب العربية توحي بأنها في منزلة أبناء الشوارع بالنسبة للحكومات.