هل حل الدولتين ممكن في أوكرانيا ؟
30 أغسطس, 2015
أخبار أوكرانيا, الأخبار, مقالات
يوسي بيلين / انهيار البورصة في الصين سلطت اهتمام العالم على المخاطر من أزمة اقتصادية عالمية، ولأن مثل هذه الأزمة حدثت قبل سبع سنوات فقط، وعواقبها كانت صعبة جدا، ليس مفاجأً ان باقي المواضيع الساخنة التي تتصدر عادة عناوين الصحف تم تحويلها الى الصفحات الداخلية. لكن المشكلة في أوكرانيا ما زالت مشتعلة، واتفاق “مينسك 2” (الذي وقع عليه بعد مفاوضات بمشاركة رئيس روسيا فلاديمير بوتين، رئيس أوكرانيا بيترو بوروشينكو، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند) لم يتحقق. يبدو ان العالم قد تقبل ان الصراع مستمر “بقوة منخفضة”، وأن مستوى سفك الدماء “مقبول”، وانه هنالك 50 ألف جندي روسي متواجدين على الحدود مع أوكرانيا، كرمز لنواياهم، وانه هنالك نحو 9000 اخرين الموجودين داخل أوكرانيا بزي اخر.
المرء الذي يتأمل بما يحدث حالياً داخل أوكرانيا لن يستصعب بملاحظة ظواهر استفزازية. من ناحية، فإن عملية ضم شبه جزيرة القرم من قبل روسيا، في العقد الثاني للقرن الواحد والعشرين، مخالفا للقانون الدولي، يتم التعامل معه على انه حقيقة لا يمكن تغييرها. ومن ناحية أخرى، يقوم بوروشينكو بتعيين ميخائيل ساكاشفيلي، الذي شغل منصب رئيس جورجيا لمدة 9 سنوات، وورط بلاده بصراع مع روسيا وهرب من البلاد بعد الاشتباه به بعمليات فساد، لمنصب رئيس إقليم أوديسا. هذا التعيين، الذي تم قبل شهرين، اجبر الرئيس السابق على التنازل عن جنسيته الجورجية والحصول على الجنسية الأوكرانية.
صحيح ان أوكرانيا هي دولة سيادية، وان الغرب فرح بأن حكومة بوروشينكو الموالي للغرب قد استبدل حكومة فيكتور يانوكوفيتش، لكن لا شك بأن التعيين الجديد لحاكم أوديسا هو خطوة جاءت لإثارة غضب بوتين، وليس حكيماً. الطريق المسدود، العنف المتواصل، والوضع الصعب في دونيتسك ولوغانسك، تؤدي الى طرح اقتراحات شائكة لحل الوضع. عضو مجلس الشيوخ جون مكاين، الذي قام مؤخراً بزيارة شرق أوكرانيا، يدعو الإدارة الأمريكية لتسليح الأوكرانيين بسلاح دفاعي. السيناتور لا يشرح ماذا سيحصل في حال أصر الروس بالنظر الى هذه الأسلحة على انها أسلحة هجومية، وهل سيكفي التسليح الأوكراني، مهما كان حجمه، سيكون كافياً لأوكرانيا ان تواجه لوحدها القوات الروسية في حال اندلاع صراعات عنيفة كبيرة. في حال كانت الإجابة سلبية، وهذا على الأغلب ما ستكون، السؤال هو ما هو الحل السياسي العملي.
بشكل مفاجئ، تقترح صحيفة “الواشنطن بوست” فحصاً جدياً لإمكانية تقسيم أوكرانيا: شرق أوكرانيا، التي تقطنها غالبية تتحدث باللغة الروسية، وتشعر بالقرب من روسيا، هي منطقة صناعية مهمة لكنها فقيرة جداً أيضاً؛ إزالة المسؤولية الأوكرانية عن الشرق ونقلها الى روسيا، ستؤدي الى خلق كيان في شرق أوكرانيا يتم ضمه الى روسيا أو سيحصل على حكم ذاتي. وفي الطرف الاخر ستقام أوكرانيا الغربية، التي ستتمكن حينها من التصرف مثل دول البلطيق والإنضمام الى حلف شمال الأطلسي، الاتحاد الأوروبي، والاعتراف بالكيان الروسي داخل أوكرانيا. هنالك من يدعو أوكرانيا بالاعتراف بالمتمردين (والتي رفضت حتى الان الحديث معهم، وفضلت التفاوض مع بوتين بدلاً منهم)، والحديث معهم عن مستقبل شرق أوكرانيا، والاعتراف بالروسية كاللغة الرسمية في البلاد، ومنح مستوى عالي من الحكم الذاتي للأقاليم الشرقية، والاستعداد بالاستثمار في اقتصادهم الفاشل. في هذه الحالة، ستكون شبه جزيرة القرم في وضع مشابه لوضع الجانب التركي لجزيرة قبرص لسنوات طويلة، والتي فقط تركيا تعترف بها، أو هضبة الجولان التي فقط إسرائيل تعترف بسيادتها عليها.
حل الانفصال من ناحية واحدة، والاعتراف بحق الأوكرانيون الروس لتطوير ثقافتهم المنفردة، تبدو للمتأمل من الخارج بأنه معقول جداً لضمان وحدة أوكرانيا، لكن السؤال الحقيقي هو ما أهمية الوحدة الإقليمية بالنسبة للأوكرانيين. “حل الدولتين” ليس هو الحل الأمثل في جميع الأحوال، وربما ان الطرفين المتنازعين ليسوا معنيين به، لكن اشك بأنه من الصواب أكثر التمسك بوضع سيادة وهمية على الدولة كلها، وبالتوتر المستمر مع روسيا. يجب التوصل بأسرع ما يمكن الى “مينسك 3″، والاتفاق على خيار واحد من بين الخيارات المطروحة. هذا تحدي الذي لا يسمح لأوروبا بالفرار منه.
وزير اسرائيلي سابق