هل باعت الولايات المتحدة إسرائيل؟
25 ديسمبر, 2016
ملفات خاصة
ما جرى بالأمس داخل اجتماعات مجلس الأمن شكل مفاجأة للكثيرين من الخبراء المراقبين، فما فعله ممثل الولايات المتحدة الأمريكية، في مجلس الأمن من عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قانون منع الاستيطان الإسرائيلي بالضفة الغربية كان له ما بعده.فالمتابع للشأن الدولي، يعلم حجم الضرر الذي لحِق بإسرائيل جراء هذا القرار، والضرر المقصود هنا ليس فقط خسارة معركة دبلوماسية وإنما صورة إسرائيل التي اهتزت أمام العالم رغم محاولتها الدؤوبة لتجميل نفسها، ولكنها فشلت في النهاية بدون تحقيق أي هدف ولو شرفيًا.يبدو جليًا من تصريحات نتنياهو التي صدرت عقب خسارة بلاده في مجلس الأمن الدولي أنه يشعر بخيبة كبيرة إزاء الموقف الأمريكي الذي امتنع عن التصويت ورفض الولايات المتحدة استخدام الفيتو، ليس ذلك فقط بل كان هذا القرار استفتاءً على دولة فلسطينية، لخصه الاجماع الدولي بـ14 كلها ذهبت لفلسطين.
هذا التوجه الجديد قد لا ينعكس على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بما أن دونالد ترامب يستعد للدخول إلى البيت الأبيض، لكن سيذكر التاريخ أن إدارة أوباما خدعت إسرائيل لأول مرة في التاريخ الحديث، وتم وضع نتنياهو في الزاوية وحيدًا.
بدورنا، سنطرح تساؤلًا على الخبراء المتابعين للشأن الدولي، هل باعت أمريكا دولة الاحتلال في مجلس الأمن أمام العالم كله؟
العلاقة مستمرة
الكاتب والمحلل السياسي د. ناجي شراب، قال إنه من الخطأ أن نقول بأن ما حدث في مجلس الأمن نهاية للعلاقة الأمريكية- الإسرائيلية.وأوضح شراب لـ “دنيا الوطن”، أن إدارة أوباما كانت من أخطر الإدارات على مصير القضية الفلسطينية، وأكثرها اصطفافًا إلى جانب إسرائيل، وما يفسر ذلك هو صفقة تسلح طائرات أف 15 بمبلغ 38 مليار دولار، فأوباما أراد أن يضرب خصومه ولو على حساب إسرائيل.ولفت إلى أن هذا القرار لن يكون له أي أثر على العلاقات بين البلدين، والدليل ما قام به ترامب من محاولة لإجهاض القرار الأممي هو ما يفسر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية التي ستزداد تماسكًا أكثر في عهد ترامب، مضيفًا أن إزالة أو وقف الاستيطان لا يُشكل أي تهديد على إسرائيل، فأمريكا ملتزمة بالدفاع عن أمن إسرائيل.وتابع: “كان هناك تصريح صحفي مستغرب لنائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، قال فيه “كيف لنا أن نستخدم الفيتو وفينا ضمير حي”، لكن رغم ذلك فالعلاقات ستبقى قوية بل ستزداد مع ترامب.
أوباما أحرج نتنياهو وترامب
أما الكاتبة والمحللة السياسية، رهام عودة، فقالت إنه لا يمكن وصف ما حدث في مجلس الأمن أن أمريكا باعت إسرائيل، بل هذا الموقف الأمريكي كان موجهًا لشخصين، فالأول صفعة من أوباما لنتنياهو، والثاني إحراج أوباما لترامب قبل تسليمه مفاتيح البيت الأبيض.وأضافت عودة لـ “دنيا الوطن”، أن القرار بمثابة هدية عيد الميلاد للفلسطينيين، مشيرة إلى أن أوباما تحدى ترامب الذي حاول أن يضغط في اللحظات الأخيرة لإجهاض القرار الأممي، وبالتالي أوصل رسالة غير مباشرة أن الاستيطان غير شرعي.وبينت عودة، أن رد ترامب سيكون بزيادة الدعم الأمريكي لإسرائيل، ومحاولة تخفيف حدة القرار الأممي الذي وقع على إسرائيل، ولن يقوم بأي خطوات أمريكية لوقف الاستيطان بل سيساند دولة الاحتلال في ذلك مع وجود وزراء جدد داعمين لإسرائيل وعلى رأسهم السفير الأمريكي ديفيد فريدمان الذي يؤيد التوسع الاستيطاني في القدس.وفيما يتعلق بالخطوات التي قد تنفذها إسرائيل ضد الدول الأربعة التي تبنت القرار وهي “السنغال وماليزيا وفنزويلا ونيوزيلاندا”، أكدت عودة أن إسرائيل بدأت بالفعل باتخاذ إجراءات ضدها بدأت بإلغاء زيارة وزير الخارجية السنغالي إلى إسرائيل تحت بند أنه غير مرحب به، وكذلك أوقفت برنامج المساعدات الاقتصادية بينها وبين دولة السنغال، إضافة لاستدعاء سفرائها في تلك الدول للتشاور.
تقنين الفيتو
بدوره، الخبير في الشأن الدولي، د. علاء أبو طه، قال إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تظل تجامل إسرائيل طوال الوقت، فالموقف الأخلاقي والأدبي أمام العالم يجب أن يتغير قليلًا.وأكد أبو طه لـ “دنيا الوطن”، أنه من غير المنطقي أن تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الإرادة الدولية التوافقية من أجل إسرائيل، مبينًا أنه لا يوجد خطورة كبيرة من هذا القرار فلو كان القرار فيه ضرر ويمس إسرائيل مباشرة ستتصدى أمريكا له بالفيتو.وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تلقى حرجًا كبيرًا من استخدمت حق النقض (الفيتو) فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والدليل أنها تسعى جاهدة في كل تحرك فلسطيني بمجلس الأمن لإحباطه دون الوصول إلى الحد الأدنى وهو 9 أصوات، حتى لا تضطر لاستخدام الفيتو.
وتابع: “وجدنا حرصًا أمريكيًا في السنوات الماضية على “تقنين” استخدام الفيتو لصالح إسرائيل”.وبيّن أن ادارة أوباما تريد أن توصل رسالة أن الاستيطان لا يمكن شرعنته بأي حال من الأحوال، لذلك دأب أوباما ومعه كيري طوال الأعوام المنصرمة في الحديث بأن الاستيطان يُمثل عقبة في التوجه نحو السلام وحل الدولتين، ويقضي على كافة الجهود الدولية المبذولة من أجل ذلك.
ولفت إلى أنه لا يوجد إرادة دولية لردع إسرائيل من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وحتى في القرار الذي صدر بالأمس لا يوجد أي إلزام لإسرائيل من أجل تطبيقه وتفكيك المستوطنات في الضفة، فهذا القرار ليس أفضل قرار ولا أول قرار، لذلك يجب وضع هذا القرار في سياقه الطبيعي.
نقلا عن دنيا الوطن