هادي جلو مرعي / الثقافة السائدة تقرر وجهة الآراء العامة، وعندما تقدم تنظيم الدولة الإسلامية المختصر بداعش نحو الرقة والموصل وإستولى على عديد المدن والقرى في البلدين، قال عرب كثر، إن داعش سليلة النسب المخابراتي للنظام السوري، ومنهم من قال، إنها وليدة العمل المخابراتي الأمريكي الإسرائيلي، رد آخرون، بل هي من فعل الإيرانيين والنظام العراقي في عهد المالكي، غيرهم قال، إنها صنيعة تركيا وقطر وحليفتهما التي لايغيب عنها التمويل، صارت داعش الولد المدلل، فالجميع له آباء، وقد لايرغبون به لكنهم متهمون به.
تتحرك داعش في إتجاهات مختلفة وتضرب بقوة وعنف، ولاتستثني أحدا بتلك الضربات التي أدت الى إحراق الشرق الأوسط لكنها تنفذ في النهاية أجندات لحكومات عديدة، وقد تكون شعاراتها المرفوعة ضد هذه الحكومات، ويقسم قادة التنظيم وعناصره على أن ينهوا تلك الحكومات ويدمروها ويرفعوا راية الإسلام الخفاقة التي يجب أن ترفع في عواصم الدنيا المختلفة دون تمييز وتردد ومهما كان الثمن غاليا، وقد حدث جزء من ذلك المخطط ونفذ بالكامل في بلدين هما سوريا والعراق، بينما يستمر التحرك في بقية البلدان من اليمن الى ليبيا، وهناك حراك في أوربا والأمريكيتين وعمق القارة الإسيوية وأفريقيا التي تتمدد فيها داعش من خلال بوكو حرام والشباب المجاهدين.
موسكو دخلت على خط الأزمة المستمرة من أربع سنوات، ولكنها جاءت بعديد العدة والعتاد والجنود والطائرات وقصفت العديد من مواقع المعارضة السورية وقليل من مواقع داعش فهدفها الحقيقي هو منع سقوط الرئيس بشار الأسد وإضعاف المعارضة المدعومة من الغرب، بينما تؤجل العمل العسكري الحقيقي ضد داعش الى حين تحقق الأهداف الكاملة من الضربات الجوية حيث تستمر العملية لأربعة أشهر وسيكون لزاما على الغرب والحلفاء العرب منع تقدم القوات السورية من خلال تمكين قوى المعارضة، وسيتم تقديم العون للجيش الحر وفصائل أخرى موثوقة.
يبدو إن ورقة داعش لم تعد متوفرة للجميع فهي محترقة على أية حال، طالما إن موسكو كما الغرب والعرب أثبتوا جميعا إن الصراع في سوريا هو صراع سياسي وأمني وإقتصادي وطائفي، ويحمل صفات ومسميات متعددة، وبالتالي لم تعد داعش سوى أداة منتهية الصلاحية.