هادي جلو مرعي / في الأيام الماضية جرى الحديث عن مشادة وعراك بالأيدي بين موظفين في السفارة العراقية بعاصمة المملكة الأردنية الهاشمية عمان كانوا يقيمون حفلا إستذكاريا لضحايا النظام السابق، ومواطنين منهم عراقيون ومحام سابق في قضية محاكمة صدام حسين التي إنتهت بإعدامه شنقا حتى الموت، وسببت بالتأكيد فورة عاطفية على مستوى الطائفة السنية في العراق ،والمجموعة العربية التي نظرت إليه بوصفه قائدا عربيا في مواجهة العدو التقليدي إيران والحكومة العراقية التي تتهم على الدوام بأنها موالية لطهران منذ العام 2003 ،وحتى اللحظة التي تشهد تصعيدا في مستوى الخطاب الطائفي في الداخل العراقي، وبعد إندلاع حرب كونية في سوريا تحولت من صراع بين نظام حاكم ومعارضة مسلحة، الى حرب بين سنة وشيعة ( معارك القصير ) مثلا..ومواجهات عنيفة ومستمرة منذ سنوات بين شيعة لبنان وسنته، وكذلك إندلاع مواجهات في البحرين بين النظام السني الحاكم والمعارضة الشيعية ،عدا عن التوتر الذي يشوب العلاقة بين عواصم الخليج وطهران .
في ظل التطورات الجارية والتصعيد الطائفي فإنه غطى على مايبدو على الصراع العربي الإسرائيلي وجعله ثانويا خاصة وإن بعض أشكال الحرب الطائفية صار أقسى بكثير حتى من بعض النزاعات العربية مع إسرائيل. ونجد في بعض الأحيان من يطلق عبارات الشماتة بالفلسطينيين، وصار البعض يصمهم بالعمالة للإسرائيليين، ويفضل التخلي عنهم وتركهم لوحدهم يواجهون مصيرهم ،ومن الناس من يمتدح اليهود، وهناك العديد من الدول العربية تحاول التطبيع مع تل أبيب بكل الأشكال ودون تردد .يرى البعض من المسلمين إن القضية الفلسطينية أمست لاتستحق التضحية، ولابد من تسويتها بأي شكل من الأشكال، وربما يأتي اليوم الذي نشاهد جنودا من دول عربية يقاتلون الى جانب الجيش الإسرائيلي ضد قوى المقاومة الفلسطينية ،حتى إن فصيل حماس منبوذ تماما من حكومات بعينها لأنه لايوافق على التسوية مع تل أبيب.
في ظل كل ذلك يحتاج العراق كما الأردن المحاصر بالمشاكل التي تعصف بدول الجوار الى تعميق العلاقات الإقتصادية بكل الطرق الممكنة ،وعن طريق لجان متخصصة، وعدم الإلتفات الى قضايا جزئية ومشاكل يمكن أن تثار نتيجة إنفعال عاطفي كما حصل حين هتف بعض العراقيين من الموالين للنظام السابق بحياة رئيس ذلك النظام بالرغم من مضي سبع سنوات على إعدامه .والواضح إنهم يدركون تماما إن ذلك الهتاف لن يعيدهم الى بغداد ،ولن يعيد صدام حسين الى الحياة ،ولن يوفر الكثير من الفائدة لكنها فورة إنفعالية ،ولو كنت مكان موظفي السفارة لوزعت الإبتسامات ولناديت عليهم ( شكرا شكرا تفضلوا بالجلوس شكرا جزيلا ) لكنه إنفعال متبادل على مايبدو للأسف.
على بغداد وعمان تمتين العلاقات السياسية والإقتصادية التي ستعود بالفائدة على البلدين والشعبين الشقيقين، وهذا يصب في مصلحة الدولتين الجارتين القلقتين من مستقبل محفوف بالمخاطر،أما المشاكل التي يثيرها أشخاص منفعلون بغض النظر عن توجهاتهم وميولهم فهي زائلة بالحتم، ولايمكن أن تعطل مسيرة الحياة وحاجتنا الى بعض.