اورال جالشلار، كاتب يسارى ،مترجم عن صحيفة راديكال.
عندما تكون الحرب الطاحنة على مقربة من حدودنا والصراع على أشده بين أطراف وفصائل متعددة التوجهات والأفكار مع فرار الملايين من المدنيين من مناطق الصراع إلى دول الجوار ومنها تركيا فابالتأكيد لن نبقى خارج بوتقى الصراع تلك.
وبالرغم من ان اتباع تركيا إستراتيجية الحفاظ على الأستقرار السياسي إلا أن عملية التفجير في بلدة سروج بولاية شانلي اورفة جنوب شرق البلاد بددت كل الأمال في البقاء بعيداً عن حلبة الصراع الدائرة في سوريا وهو مازال يهدد الأستقرار الداخلي لتركيا ويعرقل عجلته، وهو ناتج عن حالة عدم اليقين السياسي في البلاد وخاصة بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة وكم نتمنى جميعاً أن تنتهي هذه السحابة المعتمة التي تخيم فوق ربوع تركيا ويتم تشكيل ائتلافية بالتوافق بين الأحزاب السياسية ليقفوا صفاً واحداً لمكافحة الإرهاب والعنف قبل أن تمتد إلى تخومنا.
في الحقيقة أن تركيا هي تحت دائرة النار وبات واضحاً بأن أطرافاً تسعى جاهدة لادخالها داخل موجة الصراع والعنف، وخاصة بأن تركيا تعتبر بر الأمان في منطقة ترتفع فيها ألسنة اللهب ، فعلى الأحزاب التركية أن تعي ذلك جيداً وتتحمل مسؤولياتها وترضخ للإرادة الشعبية الديمقراطية النابعة من صناديق الاقتراع الأخيرة.
ومباشرة بعد التفجير الإرهابي في بلدة سروج جاءت عملية الإعتداء على جنود أتراك في ولاية أديمان جنوب البلاد من قبل عناصر تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي نتيجة إعتداء الأخيرة على عمال إنشاء السد الجديد في الولاية في منطقة عملهم وتدخل الدرك التركي مما نتج عن سقوط شهيد من الجيش وجرح أخر، هي حوادث تكشف مدة عمق التهديدات الموجهة ضد تركيا.
هناك خطر رئيسي هو الأنجرار إلى حرب خطيرة غير معروفة النتائج، وتذكرون الحصار الذي اطبقته قوات تنظيم داعش على مدينة عين عرب كوباني السورية والدعوات التي قدمت لتركيا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للدخول في الحرب وتدخل قواتها العسكرية في كوباني، وكانت التوقعات الغربية تنصب في زج تركيا في الحرب كونه العامل الرئيسي الذي من الممكن أن يقوض تحركات وتوسع داعش إلا ان انقرة كانت حذرة في خطواتها وشعرت بمدة خطورة الدخول في نفق مظلم أو مستنقع يصعب الخروج منه .
في الواقع حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك أيد موقف تركيا حيال الأزمة الدائرة في المنطقة وخاصة حيال شرطها للدخول في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش والمتمثل بأنهاء جذور الأرهاب والذي يغذيه عبر إسقاط نظام الأسد مؤكداً بأن تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على هزيمة تنظيم داعش.
ومع ذلك فإن المراكز الغربية تصر على إعلان تركيا كدولة داعمة لتنظيم داعش دون توقف على الرغم من رفض أنقرة لهذه المزاعم ونفيها ولكن تبقى تركيا هي الدولة الوحيدة الأكثر تهديداً من قبل داعش.
ويبقى تنظيم داعش المشتبه الأول في المجزرة التي حدثت في سروج التركيا وربما كانت عملية انتقام من طرفه نتيجة لتطورات الأحداث في كوباني وعمليات قصف طيران التحالف لمواقعه العسكرية التي كثفت في الفترة الأخيرة عبرت عن غضبها وانتقمت من تركيا في ردة فعل منها على استهداف مواقعها العسكرية في شمال سوريا.
عندما تكون الحرب الطاحنة على مقربة من حدودنا والصراع على أشده بين أطراف وفصائل متعددة التوجهات والأفكار مع فرار الملايين من المدنيين من مناطق الصراع إلى دول الجوار ومنها تركيا فابالتأكيد لن نبقى خارج بوتقى الصراع تلك.
الدول الغربية لم تتخذ موقفاص واضحاً إلى حد الأن حول مصير نظام الأسد في سوريا مع وجود خلافات في الرؤية مع مواقف تركيا في هذا الصدد، أضف إلى ذلك انقطاع عملية السلام بين الحكومة التركية والأكراد من شانه أن يؤدي إلى تفاقم الأمور بتهديد الأمن والأستقرار أكثر من ذلك في تركيا والمنطقة.
والسؤال الأخير المطروح الأن على اجندة الأعمال الحكومية والراي العام التركي هل موجة الصراع ستجتاح تركيا؟؟؟؟. تركيا بطبيعة الحال، بلد قوي ومستقر وليس بسهولة ما أن تفقد قوتها واستقرارها وهي لا تشبه سوريا، ولكن من جهة اخرى علينا ان لا ننسى حجم التهديدات التي تواجهها.