ملفات خاصة:النائب الأول لمرشد الإخوان يفجر مفاجأة مدوية: أمريكا أوصلت الجماعة لحكم مصر
15 فبراير, 2017
ملفات خاصة
أكد الدكتور محمد حبيب، النائب الأول السابق لمرشد جماعة الإخوان، أن الإدارة الأمريكية، هى من أوصلت الإخوان إلى سدة الحكم فى مصر، لحفظ أمن وأمان إسرائيل، وضغطت على حسنى مبارك، الرئيس الأسبق، لزيادة مشاركتهم، وهو ما جعل الدولة تنسق معهم فى برلمان 2005 الذى انتهت مرحلته الثالثة بمعركة تكسير عظام بينها وبين التنظيم، حسب قوله. لافتاً فى حواره مع صحيفة «الوطن» المصرية عن أول أيام الثورة بعد تنحى مبارك إلى أن الثورات ليست من أدبيات الإخوان منذ عهد حسن البنا، وأنهم يرفضونها بشكل عام، لذلك تحسبوا فى البداية من المشاركة فى دعوات التظاهر فى 25 يناير 2011، إلى أن قرروا المشاركة رسمياً والنزول فى جمعة الغضب بعد إلقاء القبض على 34 من قيادات التنظيم انطلاقاً من فكرة (يا روح ما بعدك روح). أشار «حبيب» إلى أن أقصى ما كان يحلم به الداعون لمظاهرات يناير، إيقاف العمل بقانون الطوارئ أو إقالة حبيب العادلى، وزير الداخلية، قبل أن يتحول الأمر إلى ثورة، وأن الإخوان عقدوا اجتماعاً فى 19 يناير قبل الثورة بأيام مع شخصيات عامة حضره المرشد و«حبيب»، وتم الاتفاق فيه على أن يشارك الإخوان فى التظاهر وهو ما لم تلتزم به الجماعة، التى سعت بعد اتساع المشاركة الشعبية والمظاهرات إلى الاستحواذ على كل شىء.
النائب الأول السابق لمرشد الجماعة يتحدث عن أول يوم بعد تنحى «مبارك»: الثورة لم تكن من أدبيات «التنظيم» وكشف «حبيب» عن أن المقومات الشخصية لمحمد بديع مرشد الإخوان الأخير، كانت ضعيفة للغاية، وأنه فشل فى الإشراف على قسم الأسر والتربية، قبل اختياره مرشداً، لافتاً إلى أن عدد الإخوان فى 2005 كان 36 ألفاً، ووصل نهاية 2010 إلى 250 ألفاً، لم يبق منهم بعد 30 يونيو إلا 150 ألفاً.. وإلى نص الحوار:
■ بداية، ما كواليس اجتماع تنظيم الإخوان الذى عقد قبل ثورة 25 يناير بساعات وقرر فيه التنظيم عدم المشاركة فى المظاهرات وقتها؟
– مسألة الثورة والتظاهر، تحدث عنها حسن البنا مؤسس الإخوان فى فترة الثلاثينات، وحذر من اندلاع الثورة ضد الحكومات وقتها بقوله إن الثورة تمثل أعنف مظاهر العنف والقوة ضد الحكومات، لكن مع تحذيرنا فإننا نؤكد أنها لن تكون من صنعنا ولا تدبيرنا ولا حتى من فكرنا ولا منهجنا، لذلك فإن الإخوان يرفضون الثورات بشكل عام وبشكل قاطع، لأن الثورات تكون مصحوبة بكم من الدم ومشاركة الغوغائية والدهماء، وتشهد حرق المنشآت العامة والخاصة، وسرقة الأمتعة والممتلكات، لذلك كان «البنا» يرفضها بشكل كامل، وتبعه فى ذلك كل القيادات التى تولت مسئولية الإخوان، وأتذكر أن حركة «كفاية» انطلقت فى 2004 ونظمت مظاهرات كثيرة كانت تلقى رواجاً وقبولاً من جانب أمريكا والاتحاد الأوروبى، وهو ما جعل الإخوان أنفسهم يتساءلون: أين الإخوان من هذه المظاهرات والمشاركة فيها؟
■ وما الذى منع الإخوان من المشاركة فى هذه المظاهرات والوقفات الاحتجاجية؟
– تحدثت مع الإخوان فى مكتب الإرشاد وقلت لهم إن المفروض أن نشارك، ونرى ما يمكن أن يتم للصالح العام، ولا يؤدى إلى ابتزاز نظام الحكم من قبل قوى خارجية، إلا أنهم رفضوا، ولكن الأمور تطورت بعدها بأسرع مما نتصور، وخرجت فى 2008 و2009 نحو 1500 مظاهرة ووقفة احتجاجية تتعلق بالمستوى الاجتماعى والأجور، وكتبت وقتها كثيراً فى «إخوان أون لاين» وجريدة «آفاق عربية»، أن الثورة مقبلة لامحالة، وتركت موقعى فى مكتب الإرشاد بداية 2010 فيما احتفظت بموقعى فى مجلس شورى الجماعة طوال 2010 وبعد ثورة يناير بستة شهور، إلى أن أعلنت استقالتى تماماً من جماعة الإخوان.
«بديع» ضعيف.. و«عاكف» يكذب كما يتنفس.. وسبب تصعيد «الكتاتنى» أنه يجيد «تقبيل الأيادى».. وحضرت اجتماعاً للمرشد مع شخصيات عامة بعد ثورة تونس.. واتفقنا على مشاركة الإخوان فى تظاهرات 25 يناير ولم نلتزم.. ولا أستبعد مشاركة كتائب «القسام» فى ثورة يناير واقتحام السجون.. وحماس لا تسيطر عليها بشكل تام
■ هل كانت جماعة الإخوان تترقب ثورة فى مصر على غرار ما حدث فى تونس؟
– أذكر واقعة أول مرة أتحدث عنها، هى أننى وقت أن كنت فى مجلس شورى الجماعة تحديداً فى 19 يناير 2011، اجتمعت مع بعض الشخصيات العامة التى لها وضع حالياً، وللإخوان مكانة فى قلوبهم، واتفقنا على عقد لقاء يجمع المرشد وأنا وعصام العريان وعبدالمنعم أبوالفتوح، مع تلك الشخصيات لتقييم الثورة التونسية، وطُرح سؤال: هل مصر مقبلة على ثورة أم لا؟، وبعض الحاضرين توقع وقوعها، فيما قال آخرون إن المصريين على استعداد أن يتحملوا إلى آخر مدى، وهذا الاجتماع كان فى منزل أحد محبى الإخوان، وقلنا إن هناك دعوة للتظاهر من قبل بعض الشباب مثل شادى الغزالى حرب، وعمرو صلاح، وإسلام لطفى، وزياد العليمى، ومحمد القصاص، وعبدالرحمن فارس، وهناك مجموعة من شباب الإخوان ابتعدوا لسبب أو لآخر عن الجماعة، ولم تكن للإخوان بهم صلة، وكانوا دعوا للتظاهر وأقصى ما يحلمون به من المظاهرات هو إيقاف العمل بقانون الطوارئ، ولو زادت المطالب فأقصى المتوقع أن تصل إلى إقالة حبيب العادلى وزير الداخلية وقتها، والحقيقة أنهم كشباب لم يتوقعوا أن تحظى المسألة بهذا الزخم على المستوى العام، واتفقنا فى هذا الاجتماع على أن الإخوان يجب أن يشاركوا فى المظاهرات، وأن يكون لهم وجود لأنه من غير المعقول أن يكون هناك حدث مثل هذا ولا يلتفت إليه الإخوان.
■ وإلى أى شىء انتهيتم فى الاجتماع؟
– اتفقنا على المشاركة فى دعوات التظاهر يوم 25 يناير، والبعض كان يعيب على قيادات الجماعة، أن شأنها شأن من «يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله»، والمقصود بالذهب والفضة الشباب والطاقات والإمكانيات، فلماذا لا يشاركون فى التظاهر، وأعود وأقول إن هذا هو منهج الإخوان، وليس جديداً عليهم، وعندما حاولنا الدفع بعكس هذا، خرج المرشد وقال إن التظاهر مرفوض ولن نشارك، رغم أننا فى اجتماع 19 يناير اتفقنا على المشاركة فى أى مظاهرات تجرى الدعوة لها.
■ إذاً لم يشارك الإخوان فى مظاهرات 25 يناير؟
– الإخوان لم تشارك بشكل رسمى، وما حدث أن هناك شباباً من الإخوان تواصلوا بمسئوليهم للمشاركة فى المظاهرات وهؤلاء المسئولون تواصلوا مع مكتب الإرشاد لأخذ موافقتهم، فكان الرد بأن المشاركة تجرى بصفة شخصية، وأن يتحمل أصحابها نتائجها بعيداً عن الإخوان، وأن الجماعة فى حِلٍ من أى التزام، وبالفعل شارك فى هذه المظاهرات من 2500 إلى 3000 من شباب الإخوان من مختلف المحافظات، وبعد هذا التاريخ، كان هناك حملة اعتقالات لـ34 فرداً من قيادات الجماعة أغلبهم من الرموز، وبينهم محمد مرسى وعصام العريان وسعد الكتاتنى، وسعد الحسينى، وصبحى صالح، وتم احتجازهم فى أحد السجون ثم نقلهم إلى سجن وادى النطرون، وما حدث فى 25 يناير لم يكن متوقعاً، إلا أن شحنات الغضب التى تجمعت فى صدور المصريين عبر عشرات السنين وموضوع التوريث وثورة تونس، أدت إلى الانفجار وخروج الناس للتنفيس عما فى صدورهم، وفى هذا الوقت مع حوادث القتل وأولها شهيد السويس وملاحقة الرموز، كل هذا كان دافعاً للمشاركة فى المظاهرات من قبل الإخوان انطلاقاً من فكرة «يا روح ما بعدك روح»، فصدرت التعليمات والتوجيهات لشباب الإخوان بالمشاركة فى جمعة الغضب يوم 28 يناير.
■ إن كان التظاهر أو الثورات ليس من أدبيات الإخوان فهل كان خروجهم بسبب زخم مظاهرات يوم 25 يناير أم كان الأمر معركة بقاء أم أنهم وجدوا فى التظاهر فرصة لضرب نظام ينهار؟
– كل ما قلته مجتمعاً، فقد انهارت الشرطة وتساقطت كأوراق الخريف، وأظافر النظام «بُريت»، فقال الإخوان «طيب إحنا فين؟» فكان لا بد من المشاركة فى المظاهرات، وحدث اجتماع يوم 27 قررنا فيه النزول، وهو ما كان بالفعل، فالنظام انهار منذ يوم 25 يناير، والتصدعات والشروخ ظهرت بوضوح فى حكم حسنى مبارك ولم يكن يحتاج إلا لمجرد دفعة بسيطة لينهار.
■ كيف جرى التواصل مع الشباب فى جمعة الغضب رغم قطع الاتصالات؟
– التواصل سهل جداً، فهناك على رأس كل مجموعة مسئول وبعدها يكون هناك قيادة مركزية وأخرى لا مركزية، وبالتالى الاتصالات تتم بشكل تدريجى هيكلى من شخص مركزى إلى شخص لا مركزى وهكذا، فلم تكن هناك مشكلة.
– لا توجد عندى معلومة واضحة، لكن بوضع اقتحام السجن، وهاتف الثريا الذى استخدمه «مرسى» فى مداخلة مع قناة الجزيرة، وغيرها من الأمور، إلى جانب بعضها البعض فإنه يثير الكثير من التساؤلات، فهل شارك فى هذا الأمر إخوان وادى النطرون؟ فتلك المنطقة فيها إخوان، وقيل إن هناك من جاءوا من غزة عبر الأنفاق والطريق الدولى واجتازوا الصحراء، وكل هذا وارد فالبلد كان فى حالة من الفوضى، وحركة حماس لديها سرايا كتائب عزالدين القسام، ومن الوارد أنها شاركت فى أحدث 25 يناير، واقتحام السجون، خصوصاً أن الحركة لا تسيطر بالكامل على هذه السرايا، وقد تقوم بأشياء بعيدة عن قياداتهم، فمن يمسك السلاح لا يمكن السيطرة عليه من أحد.
«عزت» لم يكن أميناً واستغل موقعه كأمين عام للجماعة فى عسكرتها.. وفوجئنا بقرارات له سحب فيها سلطات «الإرشاد»
■ هل هناك كتائب سرية مسلحة داخل الإخوان؟
– كان هناك عسكرة للتنظيم والمسئول عنها محمود عزت، وسهل له ذلك الهيكل الإدارى للجماعة، وكونه أمينها العام، والكثيرون لا يعلمون الهيكل الإدارى والتنظيمى للإخوان.
■ وما هو الهيكل الإدارى للجماعة وسر قوة تماسكها؟
– الهيكل الإدارى للجماعة يبدأ من الوحدة البنائية للإخوان وهى الأسرة التى تتكون من خمسة أفراد ولها مسئولها، وهذا هو أساس قوة الإخوان ككل، ثم نجد أن كل 8 أسر تضم 40 فرداً أو أكثر، تشكل ما يسمى الشعبة، وتسمى الشعبة بالمنطقة الموجودة فيها مثل شعبة قصر النيل أو شعبة الدرب الأحمر وهكذا، وهذه الشعب منتشرة فى مصر بالكامل، وهذه الأسر الثمانى يكون لها مجلس إدارة ومجلس شورى، وفى وجود أكثر من شعبة فى نفس المكان، يتم تشكيل جديد وهو المنطقة، وفى أى محافظة من المحافظات ستجد من خمس إلى ست مناطق أو عشر مناطق، وكل منطقة لها مجلس شورى خاص بها وكذلك مجلس إدارة، وبعد ذلك تجتمع مجالس شورى المناطق لانتخاب المكتب الإدارى للمحافظة الذى يضم من 11 إلى 13 فرداً، وفى نفس الاجتماع يجرى اختيار مسئول الدعوة وعضو أو عضوين لكى يصعدوا كأعضاء مجلس شورى عام للقطر المصرى، فالإخوان عبارة عن حلقات متصلة ما بين الأسرة والشعبة والمنطقة والمكتب الإدارى، كله فى تسلسل، فعندما يصدر توجيه أو تعليمات معينة تصل سريعاً لفرد الأسرة، كما أن هذه المناطق والمكاتب الإدارية مثل أسوان وقنا وسوهاج وأسيوط يجرى جمعهم معاً تحت مسمى قطاع جنوب الصعيد، ويشرف عليه عضو مكتب إرشاد، وينسق فيما بين مكونات هذا القطاع، من حيث الأنشطة والتربية وكل ما يخص عملهم، وبالتالى هذا القطاع يكون المشرف الخاص به مسئولاً أمام مكتب الإرشاد، والإخوان لديها على مستوى الجمهورية سبعة قطاعات، منها جنوب الصعيد وشمال الصعيد والقاهرة الكبرى، ووسط الدلتا، وشرق الدلتا. بوش الابن» ضغط على «مبارك» لإتاحة الفرصة أمامنا.. وأمن الدولة تفاوض معى و«الشاطر ومرسى» على عدد مرشحينا فى برلمان 2005.. وأقصى ما كان يحلم به المتظاهرون إيقاف العمل بـ«الطوارئ» وإقالة «العادلى».. والجماعة قالت لأعضائها الراغبين فى المشاركة إنها فى «حلٍّ منهم»
■ كيف استفاد محمود عزت من ذلك فى تشكيل كتائب سرية مسلحة؟
– هناك ما يسمى داخل الهيكل الإدارى والتنظيمى بالأمين العام، ويكون له مساعدون، وكل قطاع من هذه القطاعات يكون له أمين عام مساعد، وعددهم سبعة، يتصلون بالأمين العام، وكان محمود عزت بصفته الأمين العام موصولاً بجميع القطاعات والمكاتب الإدارية، وكل ما يخص الإخوان، وقد اختار نوعيات معينة من الإخوان يكونون أمناء مساعدين له، يتفقون مع كينونته وطبيعته التى تتسم بالسرية والإصرار والدأب والانكفاء على التنظيم وعلى الإمداد، وكان كل مشرف على قطاع يحصل على تكليفات من مكتب الإرشاد، إلا أننا فوجئنا بأن هناك تضارباً فى القرارات وفى فهمها، فقررنا أن تكون هناك حواشى لشرح القرارات حتى لا نترك الأمر للفهم الخاطئ، وتوصلنا إلى حل وهو ما يسمى بوحدة المصدر، لأن الناس بدأت تشكو من أن المعلومات خطأ، وتم الاتفاق على أن يكون الأمين العام هو المسئول عن توصيل كافة القرارات والحصول على كل المعلومات من الأسر والشعب والمناطق إلى مكتب الإرشاد، ما جعل محمود عزت يحول التنظيم إلى شىء يخصه هو، فلم يكن ينقل التوصيات بأمانة، واكتشفنا أن هناك قرارات تستثنى وأخرى تُنفذ حسب أهواء «عزت»، وفوجئت بقرارات سحب فيها سلطات مكتب الإرشاد وهيئة المكتب وكل شىء، ما حوَّل الجماعة إلى تنظيم عسكرى.
■ وأين كانت الجماعة من فرض «عزت» سلطاته وهيمنته؟
– ضعف المرشد فى هذه الفترة كان السبب، فمحمد مهدى عاكف، لا يملك علماً ولا خبرة ولا فقهاً ولا رؤية ولا إدارة، فـ«عاكف» كان ضعيفاً جداً، حتى إنه فى مرة اختلف عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمود عزت، وكانا غالباً ما يختلفان، وعلت أصواتهما، فقلت لهما نذهب إلى المرشد ليحل المسألة، واستمع «عاكف» لكل طرف ثم سكت ولم يتحدث، فقلت له أقترح أن يكون الحل كذا، فلم يعلق، والحل الذى قلته لم يعجب أياً من الطرفين، ففوجئت بأبوالفتوح يخرج غاضباً ويتفوه بألفاظ لا أعرف طبيعتها، ومن ورائه محمود عزت، فقلت لعاكف «إزاى سايب الناس تخرج بهذا الشكل دون حل المشكلة» فرد «سيبهم يخبطوا فى بعض»، هذا هو «عاكف»، فمنذ اللحظة الأولى قلت له لا يجوز أن تسلم الجماعة تسليم مفتاح بهذا الشكل، وأرى أن انهيارها بدأ مع مهدى عاكف، ومعنا أيضاً لأننا سمحنا بهذا.
■ ولكن كان الانطباع أن «عاكف» شخصية قوية؟
– هو يكذب كما يتنفس، وحدث ولا حرج، وليس لديه حمرة خجل ولا أى شىء، وأنا كنت حزيناً عندما قامت الثورة، وبعدها الإخوان كانوا يريدون أخذ كل شىء، والاستحواذ عليه.
■ هل حدث أن التقيت محمد بديع مرشد الإخوان بعد الثورة وتركك الإخوان ووجهت له أى نصائح؟
– التقيته ووجهت له بعض النصائح، لكن للأسف كان التيار قوياً، فمحمد بديع هو الآخر ضعيف ومقوماته الشخصية ضعيفة جداً، وكان فاشلاً فى الإشراف على قسم الأسر والتربية، وتم اختياره مرشداً، لأننا فى أوقات نختار ما بين سيئ وأسوأ، وقد كان المسئول عن الأسر والتربية قبل «بديع»، صبرى عرفة الكومى، وكان مسئولاً أيضاً عن أسر الإخوان المسجونين، وهو أيضاً أستاذ خيرت الشاطر، وكان «صبرى» صاحب رؤية وعقلية وقوة، و«بديع» لا يمثل فيه أى شىء.
■ كيف كانت تجرى الاختيارات داخل الإخوان للمواقع القيادية أو حتى فى مواقع الدولة المختلفة عام حكمهم؟
– عندما ترشح محمد سعد الكتاتنى، لرئاسة حزب الحرية والعدالة، فى مواجهته عصام العريان، سألنى بعض الشباب: إيه رأيك يا دكتور من سيفوز فإننا نرى «العريان» هو الفائز؟ فقلت لهم: «العريان» لا يمكن اختياره، ولا بد أن ينجح شخص مثل محمد سعد الكتاتنى، لأنه يجيد تقبيل الأيادى والأكتاف، وأذكر أنى قلت للإخوان «حرام عليكم أنتم جايبين مين لرئاسة مجلس الشعب، وكمان جايبين نسيبه على رئاسة مجلس الشورى، هى عزبة» وكنت أعلم أن عصام العريان يمثل لمحمود عزت، الشخصية المنفلتة التى لا ترضخ للسمع والطاعة.
■ كيف كانت علاقة الإخوان بنظام «مبارك»؟ وكيف تمت صفقة الـ88 نائباً فى برلمان 2005؟
– علاقة الإخوان بنظام مبارك كانت فى صعود وهبوط مستمر، وأذكر أن كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، جاءت إلى الجامعة الأمريكية وتحدثت عن الفوضى الخلاقة، وبوش الابن كان يريد نفى أى قهر أو جبروت قامت به إدارته تجاه العالم العربى، لأن الإدارة الأمريكية كانت حريصة جداً على الدفع بالإخوان إلى سدة الحكم لضمان أمن إسرائيل فى الأساس، وقال «بوش» إن السبب فى كل ما يحدث من إرهاب هو الأنظمة القمعية المستبدة فى المنطقة العربية والإسلامية، ما يكشف الضغوط على نظام حكم «مبارك» حتى يعطى مساحة من الحرية للإخوان، وهو ما استجاب له مبارك بالفعل، واتصل حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز أمن الدولة السابق، بنا، عن طريق أحد الأشخاص، والتقى بالفعل محمد مهدى عاكف، بحسن عبدالرحمن فى مقر أمن الدولة فرع مدينة نصر، وقال عبدالرحمن إنهم يريدون أن تكون هناك مساحة من الديمقراطية، ونحن مقبلون على الانتخابات، فقال «عاكف» إنه سيرجع إلى مكتب الإرشاد للرد عليه.
■ وإلى أى شىء انتهى مكتب الإرشاد؟
– قرر مكتب الإرشاد تفويضى أنا وخيرت الشاطر، للتفاوض مع أمن الدولة، وفى أول لقاء جاء معنا محمد مرسى، واجتمعنا مع اللواء أحمد رأفت، الذى تولى بعد ذلك موقع نائب رئيس الجهاز، وكان هناك لواء آخر، هو المسئول عن نشاط الإخوان فى كل مصر داخل الجهاز، وقالوا لنا إن معهم إشارة خضراء لزيادة عدد نواب الإخوان فى مجلس الشعب، وقالوا كفاية يكون عدد نوابكم 34 فقد فُزتم فى الانتخابات السابقة بـ17 نائباً، ومن الجيد أن نضاعف العدد، فقلنا لهم سنرشح 200 على مستوى مصر، ومن الممكن أن نخفض هذا الرقم، ونترك الناس تختار، وخفضنا العدد إلى 180 مرشحاً، فقالوا لا يجوز، ثم خفضناه حتى 161 مرشحاً.
■ لكن الانتخابات لم تنته معكم مثلما بدأت.. فماذا حدث؟
– نعم، هذا صحيح، فقد كانت الانتخابات تجرى على ثلاث مراحل، وحصلنا فى المرحلة الأولى على 34 مقعداً، وفى الثانية نجح 42 عضواً، ثم جاءت المرحلة الثالثة، ووفقاً لما قاله محمد حسنين هيكل، ولا أعلم ما حقيقته، فإن رئيس وزراء إسرائيل اتصل ببوش وقال له أنتم تتركون مساحة للإخوان كبيرة فى مصر، فاتصل «بوش» بمبارك وقال له كفى هذا أوقف الموضوع، فدخل الأمن معنا معركة تكسير عظام، انتهت بقتل 14 فرداً، وإصابة الكثيرين فضلاً عن حملات إلقاء القبض والمطاردات، خصوصاً أن المرحلة الثالثة كانت فى مناطق الثقل الإخوانى، وحصلنا فيها على 12 مقعداً فقط.
■ كم عدد أعضاء تنظيم الإخوان؟
– فى عام 2005 كان هناك نحو 36 ألف أخ عامل على مستوى الجمهورية، والمجموع العام بالمحبين والمتعاطفين والمنتسبين 157 ألفاً، وفى نهاية 2010 وصل عدد الإخوان التنظيميين إلى 250 ألفاً، ولا شك أن هذا العدد كان وراءه أعداد كبيرة من المحبين والمتعاطفين، وبعد 30 يونيو تم القبض على بعضهم وهرب البعض الآخر، وما يوجد فى مصر الآن أقل من 150 ألف إخوانى، يتحركون تحت سطح يغطيهم.
■ ما العناصر الأساسية التى نشأت عليها الجماعة؟
– أولها التعارف، بمعنى أن كل فرد فى الأسرة يعرف زميله بشكل جيد ونقاط ضعفه وقوته حتى عندما يتم تكليفه بشىء يتم الاستفادة من طاقاته وإمكاناته، والنقطة الثانية التفاهم، وهى أن نبنى علاقاتنا على أسس الإسلام، لكن هذا لا يحدث الآن إلا قليلاً، والنقطة الثالثة والأخيرة هى التكافل.