بقلم : محمد العروقي / منذ نوفمبر من العام الماضي , و أوكرانيا تشهد احتجاجات يومية تقريبا ، على اثر تجميد الحكومة الاوكرانية اتفاق الشراكة ،مع الاتحاد الاوربي ، و ازدادت وتيرة تلك الاحتجاجات و أخذت طابع العنف منذ منتصف يناير من العام الحالي، بعد اعتماد البرلماني لعدة قوانين مثيرة للجدل اعتبرت مقيدة للحريات و الديمقراطية .
مافي الامر هي مواقف الدول التي لها علاقة مباشرة بالازمة الاوكرانية ، مثل روسيا ، و دول الاتحاد الاوروبي ، فنجد ان روسيا على سبيل المثال كانت تعبر على لسان مسؤوليها بانها لاتتدخل بالشؤون الداخلية للدول ، منزعجة في نفس الوقت من التدخل المباشر للدول الاوروبية في الازمة.
اما مواقف دول الاتحاد الاوروبي و من خلفها الولايات المتحدة ، فقد اتخذت موقفا واحدا و هو دعم المعارضة بما امكن ، و تمثل ذلك بالتصريحات المنددة لممارسات السلطات الاوكرانية، و التلويح بالعقوبات ، بل وزيارات لمسؤولين أوروبين و امريكيين “للميدان الاوروبي” بالعاصمة كييف حيث مركز الاحتجاجات ، حتى اصبحت أوروبا و الولايات المتحدة جزء من المشكلة لاجزء من الحل.
لعدم سعيهما ايجاد مبادرة قد تقبل بها السلطة و المعارضة او تقريب وجهات النظر بين الطرفين ، و لعل الملفت بالموضوع هو المطالبات الاوروبية الدائمة للسلطات الاوكرانية بسياسة ضبط النفس و عدم استخدام العنف ، و هنا نتسائل ، ما هو ضبط النفس حسب المعايير الاوروبية التي تدعي القيم الديمقراطية و الحرية و الشفافية و..و ..الخ.؟
– الاحتجاجات في العاصمة كييف منذ اكثر من الثلاث شهور و تقطع الشارع الرئيس به دون تدخل من السلطات لفض الاعتصام الا يعتبر هذا سياسة ضبط نفس من وجه نظر اوروبا التي تدعي القيم و المبادئ؟
– تم الاستيلاء على مقرات و مبان حيوية لادارة الدولة مثل الوزرات ، دون ان تستخدم السلطات القوة لاخراج المحتجين منها، الا يعتبر هذا سياسة ضبط نفس؟
– تم مهاجمة رجال الشرطة و الامن بالزجاجات الحارقة و غيرها من الادوات الخطيرة بالاحداث الاخيرة ، دون رد فعل قوي من قبل قوى الامن , الا يعتبر هذا سياسة ضبط نفس؟
– وجه الرئيس و الحكومة الاوكرانية اكثر من مرة نداءات للتفاوض و تمثلت اخير باستقالة رئيس الوزراء، و الغاء القوانين المثيرة للجدل ، بل عرض الرئيس على اقطاب المعارضة رئاسة الحكومة، الا يصنف هذا في القيم الاوروبية سياسية ضبط نفس؟
– عدم اعطاء الحكومة الاوامر لقوات الامن بفرض حالة الطوارئ و استخدام القوة اللازمة لانهاء حركة الاحتجاجات ، الا يسمى هذا ضبط نفس؟ رغم ادانتنا لكل ماتعرض له بعض المحتجين من ردود فعل منفردة و عنيفة من بعض قوى الامن.
و هنا السؤال الاهم , ماذا لو وقعت تلك الاحداث في احدى الدول الاوربية او المدن الامريكية ، فهل سيتم الصبر على تلك الاحداث تلك المدة؟ ام وقتها يمكن تغير القيم و المبادئ امام مبررات ليست بالصعبة ايجادها.
وفي النهاية تبقى القيم و المبادئ الاوروبية فقط لدعاة الديمقراطية المزيفة و حلفائها ، اما من يخالفهم الراي و السياسة و التوجه فهو مدان حتى يوقع اتفاق الشراكة ، ويصبح ضمن احدى عربات القطار الاوروبي المتجه الى حدود روسيا شرقا, مؤكدا استمرار الحرب الباردة مهما اختلفت الظروف.
–