أوكرانيا اليوم / كييف / رسم النجم الكويتي فهد العنزي، البسمة على شفاه الكويتيين بعدما أحرز هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة على المنتخب العراقي ضمن كأس الخليج الجارية، التي تحتضنها ملاعب العاصمة السعودية الرياض.
احتفلت الكويت بالنقاط الثلاث التي تم انتزاعها من فم أسود الرافدين، كان الجميع فرحا في ملعب الملز، فيما رقص اللاعبون بعد هدف زميلهم فهد الذي تمايل على لون “الدحّة” الشعبية الشهيرة.
لا يعرف الكويتون الفرحون بالانتصار أن فهد العنزي عائل أسرته الوحيد، حيث يقطن 15 فرداً بمنزل متواضع في محافظة الفروانية جنوب غرب الكويت. الجميع عاطل عن العمل وبلا وظيفة رسمية بسبب انتمائهم إلى فئة “البدون”.
أزمة العنزي
تنتمي عائلة فهد إلى فئة “البدون” البالغ عددها 130 ألف شخص – بحسب أرقام الصحف المحلية-، وتعاني المجموعة من قضايا معقدة بالكويت على جميع الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الإنسانية، ضمن قضية ضجّت المجمتع منذ عام 1965.
ويروي محمد العنزي، شقيق اللاعب الأكبر، لـ”العربية.نت”، قصة العائلة التي عاشت ظروفا قاسية وفقرا مدقعا: “نحن عائلة لا تملك مدخولا ثابتا، شقيقي فهد هو العائل الوحيد ومدخوله من ركل كرة القدم، ولو انقطع بنا مدخول الرياضة سيصبح الحال عسيراً”.
ويضيف محمد: “تم تسريح والدي من الجيش، وأمي ربة منزل، ولا نملك وظائف رسمية، وحالنا لا يعلم به إلا الله بسبب وضعنا الاجتماعي، نحن ننتمي إلى هذه الأرض وولاؤنا للكويت، ونريد أن نظل بها حتى مماتنا”.
يملك النجم فهد ثلاثة أشقاء رياضيين، فالأول محمد (29 عاماً) لاعب قوى بنادي القادسية الكويتي والمنتخب الوطني، والثاني أحمد (27 عاماً) لاعب قوى بنادي خيطان، فيما يمارس الصغير بدر (20 عاماً) كرة القدم بنادي الكويت.
بطاقة “مؤقتة”
ويشير الشقيق محمد إلى قصة الأسرة المؤلمة قائلاً: “صدر قرار رسمي من الديوان الأميري بتجنيس جميع أفراد العائلة عام 2010، اكتشفنا بعدها أن فهد وحده من منح بطاقة مدنية “مؤقتة” للمشاركة في كأس أمم آسيا 2011، ومن ثم صودرت البطاقة بتهمة التزوير”.
واعترف عبد الله الطريجي، عضو مجلس الأمة الكويتي، بخداع مسؤولي اتحاد الكرة فهد العنزي، وبرر ذلك قائلاً: “منح فهد بطاقة مدنية مؤقتة حتى يشارك في آسيا، ومن ثم سحبوا البطاقة على اللاعب، المسؤولون غير جادين بمنح فهد الجنسية، والدليل أن هناك مسؤولين سابقين منحوا أحمد الطرابلسي ومؤيد الحداد الجنسية الكويتية”.
وزاد: “أحمد الفهد غير جاد، لماذا لم يأخذ المسؤولون تعهدا رسميا بإصدار بطاقة دائمة للاعب؟ لقد مورست مسرحية ضد فهد، بينما قانون الكويت يتيح منح الجنسية لمن يقدم خدمة جليلة للدولة”.
يستلم فهد العنزي شهريا 400 دينار كويتي (5 آلاف ريال سعودي) من ناديه الحالي الكويت، وذلك حسب نظام الاحتراف الجزئي، فيما يدفع ناديا خيطان والقادسية مبالغ خجولة لأشقاء فهد الذي احترف اتحاد جدة سابقاً.
عروض خليجية
وكشف محمد العنزي عن عروض جنسية عرضت على طاولة العائلة: “عروض كبيرة قدمت لنا من قطر والإمارات وكذلك السعودية عبر بوابة النصر، ولكن مسؤولو الكويت قطعوا وعودا بحصولنا على الجنسية، لقد خذلونا ونحن الآن بلا هوية”.
من جهته، أبدى أسامة الطاحوس، الباحث في الشأن الاجتماعي الكويتي، استياء بالغا حيال ما يحدث للاعب العنزي، وقال: “عندما يسجل فهد العنزي هدفا يقولوا له أنت كويتي، وحينما يرجع إلى الكويت مطالبا بحقوقه يقولوا له أنت لست كويتيا، نحن نعيش حالة من الازدواجية واللاإنسانية، لماذا لا نستفيد من نماذجنا المشرقة؟”.
وضرب الطاحوس مثالا على الدول الغنية التي تمنح هويتها الوطنية لمواهب الدول الفقيرة كدولتي كوستاريكا وغينيا، وأوضح ذلك قائلاً: “نحن نسخر من الدول التي تجنّس اللاعبين بينما اثنان من لاعبي المنتخب الكويتي بلا هوية، وأغلب لاعبي الدوري من فئة البدون، نحن نطالب بمنح هذه الفئة بطاقة مدنية كي ينالوا حقوقهم الإنسانية”.
وتتساءل عائلة العنزي عن مصير ابنها في بطولة آسيا 2015 التي تنطلق بعد شهر، هل سيمنحه المسؤولون بطاقة مزورة مجدداً كي يخترق صفوف الأستراليين على ملعب آمي بارك، أم سيشاهد فهد مباريات الأزرق عبر شاشة التلفاز؟