مستقبل المشكلة الأوكرانية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة
11 يناير, 2017
أخبار أوكرانيا, الأخبار, مقالات
محمد العروقي/ أوكرانيا دولة شغلت حيزا واسعا في وسائل الإعلام الدولية في العام 2014 ، حيث بدأ مسلسل الاحداث في تلك الدولة في نهاية عام 2013 باحتجاجات شعبية بسبب تجميد الرئيس يانوكوفيتش اتفاق الشراكة مع الإتحاد الاوروبي تلاه في شهر فبراير 2014 هروب الرئيس السابق يانوكوفيتش الى روسيا ، وعلى اثره قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم اليها ، و اعقب ذلك اندلاع حرب في شرق اوكرانيا بين مواليين لروسيا و القوات الحكومية.
و لعل المتابع للمشكلة الاوكرانية يستطيع ان يقتنع تماما ان ماحدث في هذا البلد ،لم يكن يوما ما نتيجة خلافات اوكرانية اوكرانية داخلية مبنية على طائفية او عقيدة او حتى مشاكل حزبية .
ان ماحدث في أوكرانيا كان بالضبط ورقة استخدمها كل من الغرب و روسيا في الضغط على بعضهما البعض من اجل تحقيق مكاسب على الأرض تجعل الطرف المنتصر هو المهيمن إقتصاديا و أمنيا على خارطة تلك المنطقة لعشرات من السنوات القادمة.
و إذا نظرنا للغرب بزعامة الولايات المتحدة الامريكية ، فنجد انه قدم الدعم السياسي لثورة الميدان في 2014 بشكل علني و كان مؤيدا لها في جميع مراحلها ، بل زاد عن ذلك الوعودات الاوروبية بتسهيل إنضمام اوكرانيا للإتحاد الاوروبي و حلف الناتو و بالفعل نجح ذلك الدعم في إسقاط حكم الرئيس يانوكوفيتش .
هذه الخطوة اثارت مخاوف روسيا بشكل مباشر و ان سقوط اوكرانيا لمصلحة الغرب يعني ان خاصرة امنها القومي من ناحية الغرب اصبحت مهددة و ان قوات حلف الناتو سوف تصبح على تلك الحدود مباشرة لاول مرة بالتاريخ ناهيك على أن السيطرة الامريكية الغربية ستصبح كاملة على الفضاء الامني للبحر الاسود .
لذلك سارعت روسيا بضم جزيرة القرم اليها بناء على عملية استفتاء داخلية بالجزيرة حيث وقف العالم عاجزا عن التحرك امام تلك الخطوة الغير متوقعة و بهذه السرعة ، كما قامت روسيا بدعم حركة إنفصالية في شرق البلاد ،بحجة ان هناك مخاوف لسكان تلك المناطق على ثقافتهم و لغتهم الموالية لروسيا. تلك الخطوات الروسية أربكت القيادة الاوكرانية الجديدة و كذلك الغرب ، مما ادى لعقوبات إقتصادية متبادلة بين روسيا و الغرب. كان نتيجتها تدهور الاوضاع الإقتصادية في رروسيا و دول الاتحاد الاوروبي. ناهيك عن ازدياد الاوضاع سوء في اوكرانيا.
و دون الإسهاب أكثر بما ىلت اليه الامور ، نجد ان المواطن الأوكراني بدا يشعر بالإحباط الشديد من الغرب ، لأنه لم يتحقق شيئ من الوعودات الغربية ، فلم تتقدم اوكرانيا اي خطوة نحو الإتحاد الاوروبي بل ان موضوع اعفاء الاوكرانيين من التاشيرات الى الاتحاد الاوروبي لم يتحقق ، ناهيك عن عدم تقديم الاتحاد الاوروبي الدعم المالي اللازم للنهوض بأقتصاد اوكرانيا ، كما ان الولايات المتحدة و حلف الناتو لم يقدما الدعم العسكري المأمول للجيش الاوكراني في مواجهة الحركة الإنفصالية بالشرق ، كما أن الاوروبيين عبروا عن إستيائهم اكثر من مرة من سياسة القادة الجدد في أوكرانيا و فشلهم في مكافحة الفساد و ارساء اسس الشفافية السليمة في البلاد ، كل هذا جعل المواطنيين يشعرون ان بلادهم ماهي الا ورقة بين الغرب و روسيا يتم استخدامها من اجل الضغط وحين يتم التصالح بينهم ينسي الجميع اوكرانيا و مشاكلها .
وفي ظل إنشغال العالم بالادارة الامريكية الجديدة ، و الرئيس الامريكي الجديد ترامب و تصريحاته المؤيدة للتقارب مع روسيا ، نجد أن القيادة الاوكرانية تشعر بنوع من القلق لهذا التقارب ، خاصة و ان ترامب اعلن سابقا بانه ليس ضد ضم القرم لروسيا في حال كان ذلك رغبة من سكانها ، و لعل انفراد روسيا بالملف السوري و تحجيم بوتين لدور الولايات المتحدة في سوريا ، يفتح الباب امام صفقة امريكية روسية لاحلال السلام في اوكرانيا ، تضمن به روسيا عدم التطرق لشبه جزيرة القرم و ان هذا الامر اصبح من الماضي ، قد يقابله بان تعود اوكرانيا و تعلن عن نفسها دولة محايدة ، و تستغني عن طموحاتها بالإنضمام للإتحاد الاوروبي او لحلف الناتو ، مقابل عملية تنمية تساهم بها كل من روسيا و الغرب في أوكرانيا ، و لكن هذا أيضا مرتبط بشكل مباشر بملفات اخرى بالمنطقة مثل الملف السوري و اليمني بل بجميع مشاكل الشرق الاوسط ، لذلك الجميع ينظر بترقب للإدارة الامريكية الجديدة و مستقبل علاقتها مع روسيا و غن كان اول المترقبين هو الطرف الاوكراني.