%D8%B2%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7 أوكرانيا

مرور سنة على رئاسة بيوتر بوروشينكو لاوكرانيا النجاحات والاخفاقات

بقلم د. زكريا جابر / في الخامس والعشرون من شهر ايار يكون قد مضى عام على تولي الرئيس بيوتر بوروشينكو مقاليد السلطة في اوكرانيا , وجاء انتخاب بوروشينكو في ظروف زكريا أوكرانياصعبة عاشتها اوكرانيا بعد الاطاحة بنظام الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يناكوفيتش , حيث سادت البلاد حالة انقسام حاد ما بين مؤيد ومعارض لما سمي بثورة الميدان, حيث خيمت على الاجواء مخاطر تقسيم اوكرانيا , واشتعلت حرب اهلية في الشرق في محافظتي دانتسك ولوغانسك, اضافة الى ضم روسيا لشبه جزيرة القرم . لكن وبالرغم من كل الصعوبات الامنية والتشكيك بشرعية السلطات الجديدة الا ان البرلمان الاوكراني استطاع ان يحدد موعدا للانتخابات الرئاسية في 25مايو 2014 و ترشح للرئاسة اكثر من عشرون مرشحا , وجرت الانتخابات في اجواء ديموقراطية وفاز فيها بيوتر بوروشينكو من الجولة الاولى وبنسبة تجاوزت ال 54% , وباجراء هذه الانتخابات تم تثبيت شرعية النظام الجديد واعترفت بنتائج هذه الانتخابات كل الدول الغربية وحتى روسيا المعارضة للنظام اضطرت للاعتراف بشرعية الرئيس الجديد وذلك بعد المشاركة الكبيرة في الانتخابات من قبل الشعب والتي زادت على 61% .

وكان البرنامج الانتخابي للرئيس بوروشينكو يعتمد على احلال السلام في شرق البلاد, والمحافظة على وحدة وسلامة الاراضي الاوكرانية, وانجاز المصالحة الوطنية بين كافة اطياف الشعب الاوكراني وقواه السياسية, واجراء الاصلاحات السياسية والاقتصادية والدستورية واعطاء الاقاليم والمحافظات صلاحيات واسعة في الادارة والاقتصاد , ومحاربة الفساد واصحاب النفوذ, والسعي لانضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي ,اضافة الى العمل لاستعادة شبه جزيرة القرم للسيادة الاوكرانية بالوسائل السلمية , وتعزيز وسائل الدفاع عن اوكرانيا ومن ضمنها الانضمام لحلف الناتو .

وبعد مرور عام على الانتخابات الرئاسية الاوكرانية وتسلم بوروشينكو لسدة الرئاسة , فلا بد من مراجعة سريعة لما انجزه الرئيس وما لم ينجزه في فترة العام المنصرم , وهذه اهم بعض النقاط :

اولا : استطاع الرئيس ومن خلال الدعم الشعبي و الغربي له تثبيت شرعية السلطات الاوكرانية وذلك من خلال اجراء انتخابات برلمانية , فازت فيها الاحزاب الموالية للغرب بالاغلبية الساحقة لمقاعد البرلمان , واستطاعت هذه الاحزاب تشكيل ائتلاف اغلبية برلمانية وحكومة موالية للغرب بشكل كامل , وعملت وتعمل على سن القوانين وتطبيقها بما يتناسب مع توجهات السلطات الاوكرانية للانضمام للاتحاد الاوروبي وحلف الناتو , وكذلك استطاع الرئيس ان يوقع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي والذي كان السبب المباشر في خلع الرئيس الاوكراني السابق يناكوفيتش عندما امتنع عن التوقيع على هذا الاتفاق .

ثانيا : على الصعيد الامني والعسكري فقد استطاع الرئيس استعادة اجزاء كبيرة من اراضي محافظتي دانتسك ولوغانسك التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالين لروسيا , وذلك من خلال ما يسمى عملية مكافحة الارهاب , ولم ينجح في استعادة كل الاراضي المسيطر عليها من قبل الانفصاليين بسبب الدعم المادي والعسكري الكبير لهم من قبل روسيا ,اضافة للتدخل العسكري الروسي المباشر في هذه الحرب , ولكن الرئيس الاوكراني استطاع ان يحصل على تأييد الغرب له في حربه ضد الانفصاليين ومن يدعمهم وذلك من خلال فرض عقوبات سياسية واقتصادية غربية موجعة ضد روسيا وقادة الانفصاليين فيما يسمى جمهوريتي دانتسك ولوغانسك الشعبيتان , وكانت هذه العقوبات قد فرضت على روسيا بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم , وتم تشديدها بسبب تدخلها ودعمها للانفصاليين في شرق اوكرانيا , واستطاع الرئيس ايضا من خلال تعزيز قواته العسكرية والامنية من ضرب القوى ذات النزعات الانفصالية في محافظات الجنوب والشرق , وحصر النزاع في مناطق محدودة من دانتسك ولوغانسك , ومن الممكن القول بان الوضع الامني مستقر في معظم المحافظات والمناطق الاوكرانية بالرغم من بعض العمليات الارهابية التي تحصل هنا وهناك .

ثالثا : فيما يتعلق بأحلال السلام والوحدة الوطنية للشعب الاوكراني فأن الرئيس لم يستطع تحقيقهما بالرغم من عقد طاولة الحوار الوطني لأكثر من جلسة وفي اكثر من محافظة, وكذلك لم يستطع تحقيق السلام في شرق اوكرانيا بالرغم من اتفاقي منسك الاول والثاني الذي تم التوصل لهما بين السلطات الاوكرانية والانفصاليين وبرعاية من منظمة الامن والتعاون الاوروبي وروسيا . ومن الواضح فأن التوصل لاتفاق سلام وحل مشكلة شرق اوكرانيا سوف يتطلب وقتا طويلا وذلك بسبب التدخلات الخارجية والصراع الغربي الروسي على الاراضي الاوكرانية.

رابعا: اما بالنسبة للوضع الاقتصادي في اوكرانيا , فيمكن القول بان الوضع الاقتصادي يزداد سؤا يوما بعد يوم وفي كافة المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والمالية بدءا من انهيار صرف العملة امام العملات الاجنبية وارتفاع الاسعار والخدمات بشكل جنوني , وتقلص الانتاج الصناعي والزراعي بشكل كبير , وتدهور التجارة وذلك من خلال من تقليص روسيا لواردتها من اوكرانيا بشكل كبير , اضافة لعدم جهوزية المنتوجات الاوكرانية الصناعية والزراعية لدخول اسواق الاتحاد الاوروبي حيث المنافسة كبيرة ومتطلبات الجودة عالية في هذه الدول , ومما يزيد في تعميق الازمة الاقتصادية الحرب الدائرة في شرق اوكرانيا بحيث تصرف مبالغ طائلة على الحرب والتسلح وهذا ما يسبب نزفا كبيرا لموازنة اوكرانيا , اضافة الى حالة الفساد الكبيرة في دوائر الدولة وهيمنة اصحاب النفوذ (اوليجارشية ) على مقدرات الاقتصاد والدولة , وبالرغم من من محاولة محاربة الفساد الا انه اكبر من ان يحقق نتائج سريعة , لأن الفساد كبير ومنتشر في اجهزة الدولة بشكل سرطاني , وهذا أحد الاسباب الذي سيؤخر دخول اوكرانيا للاتحاد الاوروبي , أو حتى السماح لدخول المواطنين الاوكران دول الاتحاد الاوروبي بدون فييز . ومن الممكن القول بأنه لولا القروض الخارجية التي تقدمها الدول الغربية وصندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية العالمية لأنهار الاقتصاد الاوكراني وأعلنت الدولة افلاسها .

خامسا : على صعيد الاصلاحات الدستورية فأن التغييرات في القوانين الاوكرانية تجري على قدم وساق والقوانين يتم التصويت عل تغييرها جملة وفرادى , بما يتناسب مع توجهات السلطات الجديدة نحو الغرب وهذا يعني الغاء كل القوانين التي تمت بأية صلة مع النظام السياسي والايديولوجي السابق , بحيث يتم الغاء وتعديل كل القوانين التي تتعلق بالحقبة السوفيتية والشيوعية , وفيما يتعلق بالقوانين التي تعطي المحافظات صلاحيات ادارية واسعة فأنه يجري التباطئ في سن هذه القوانين .

سادسا : بالنسبة لموضوع دخول اوكرانيا للاتحاد الاوروبي وحلف الناتو , فان هذان الموضوعان وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تقوم بها السلطات الاوكرانية والرئيس ,فأن قبول اوكرانيا في عضويتهما ما زال مطلبا بعيدا المنال , وذلك لأن شروط قبولهما غير مكتملة وتحتاج اوكرانيا لوقت طويل لاستكمال هذه الشروط .

والخلاصة من هذه المقالة فأن الرئيس بوروشينكواستطاع ان يحقق خلال عام من توليه السلطة بعض التقدم في برنامجه, ولكنه ما زال يحتاج للكثيرالكثير من الوقت والعمل والدعم الداخلي والخارجي لكي يستطيع النهوض باوكرانيا وتحقيق طموحاته بجعل اوكرانيا دولة اوروبية قوية وغنية ومزدهرة وموحدة. 

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …