image أوكرانيا

مرشح من أصل عربي يخوض الانتخابات البرلمانية الأوكرانية

كتب د. خليل عزيمة

مع تزايد أعداد المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا، يتصاعد الجدل حول سبل اندماجهم في المجتمعات التي هاجروا اليها. وتواجه عملية اندماج المهاجرين في المجتمعات الغربية مجموعة من المشكلات، من بينها حاجز اللغة واختلاف انظمة التعليم والتوظيف، واختلاف الانظمة السياسية، واختلاف المفاهيم الثقافية.

نعلم أن هناك شعوبًا فرضت عليهم ظروف بلادهم استشراف الحياة خارج أوطانهم، وكثيرًا ما أسهم ذلك، في توارث ما يمكن تسميته القابلية للهجرة التي تؤهل الفرد إلى سرعة الاندماج والتواؤم في المجتمعات الجديدة، لتراكم التجارب على مر السنين والأجيال. والهجرة أشبه بعملية ولادة جديدة، قد تكون مدخلا إلى عالم أفضل، لكنها بالتأكيد تحمل معها مصاعبها، وأخطارها أيضا.  ولا يوجد اغتراب سهل، خصوصا إذا كان المجتمع الجديد مختلفا كثيرا في عاداته وتقاليده عن تلك التي درج عليها الإنسان طوال حياته قبل أن يخطو إلى غربته.   

 كما لا ننسى أن المعاناة التي يمر بها الشباب العربي في الوطن وانتقاله الى مجتمع مدني منفتح ووجود فرصة الرجل المناسب في المكان المناسب قاد البعض الى التميز في مجتمعه الجديد من خلال الاندماج في هذه المجتمعات واعطاء الصورة الافضل للشاب العربي في قبوله للآخر وإخلاصه لهذه الدولة، لذلك على الجاليات العربية تحمل مسؤولياتها تجاه عملها وتجاه البلد الذي تعيش فيه.

رغم أن الجاليات العربية في أوكرانيا هي مكون غير متجانسا من حيث الانتماء الجغرافي ولا من حيث التكوين المهني والعلمي ولا من حيث التركيبة العمرية، إلا أنها تتحمل عبئاً كبيراً ومهماً تجاه أوكرانيا والدول العربية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني العربي في أوكرانيا، إذ يتوجب على هذه الجاليات والمؤسسات أن يشكلوا مجموعات ضغط داخل أوكرانيا من أجل التأثير في القرار السياسي الأوكراني تجاه الدول العربية وقضيتهم المركزية.

وهنا في أوكرانيا نقدم نموذجا للاندماج الايجابي للجالية العربية في المجتمع الأوكراني. فمع تصاعد وتيرة السباق بين الأحزاب والحركات الأوكرانية الى قبة البرلمان، نجد حزب “باتريوت” الأوكراني قد رشح في قائمته ابن مدينة الخليل الفلسطينية، الدكتور رامي أبو شمسية. فان دل ذلك فيدل على ابتعاد هذه الأحزاب عن العنصرية من جه، واعترافا منها على الدور الذي تقدمه الجالية العربية في نهضة أوكرانيا وتحولها الديمقراطي في الحياة السياسية من جهة أخرى. لقد اعطى أبو شمسية (او كما جاء في القوائم الانتخابية رامي نعمانوفيتش أبو شمسية) نموذجا ناجحا لقضية اندماج المواطن العربي في المجتمع الاوكراني من خلال ما قدمه ويقدمه لهذا المجتمع. فمن هو الدكتور رامي ابو شمسية ؟

ولد ابو شمسية في مدينة الخليل عام 1973 في عائلة فلسطينية كادحة، وحصل فيها على تعليمه المدرسي ثم التحق في جامعة بوغامولتس الوطنية الطبية في كييف بأوكرانيا عام 1992 وحصل على درجة الدكتوراه في تخصص جراحة أورام المستقيم بالمناظير عام 2006. وهو استشاري منظمة الصحة العالمية لجراحة المناظير ‏‎وأستاذ في الأكاديمية الطبية للدراسات العليا في أوكرانيا، ورئيس اتحاد الأطباء العرب في أوكرانيا، وأخصائي الجراحة والجراحة العامة وجراحة البدانة المفرطة.

يتمثل دور الجاليات العربية في أوكرانيا، في خضم الانتخابات البرلمانية الأوكرانية، أن تعمل موحدة على دعم المرشح العربي الوحيد في هذه الانتخابات بغض النظر على التوافق السياسي مع الحزب الذي ينتمي إليه أبو شمسية أو عدمه، لما في ذلك من إثبات دور تأثير الجاليات العربية في السياسة الأوكرانية وما يعود ذلك لتمتين وتطوير علاقات أوكرانيا مع الدول العربية، وخاصة أن بعض رجال أعمال هذه الجاليات وشخصيات من منظمات المجتمع المدني الأوكرانية-العربية قد أثبتوا تأثيرهم بالاقتصاد الأوكراني من خلال مشاريعهم الكبرى وكذلك بالثقافة الأوكرانية.

يتطلب الأمر المزيد من العمل الجماعي لترسيخ قاعدة أن الجاليات العربية هي جزء من المجتمع الأوكراني، وتطور هذا المجتمع يعود بالخير على الجميع. كما يعتبر الترشيح مصدرا للتنوع الثقافي داخل المجتمع الأوكراني في ظل تنامي وصعود التيار القومي الأوكراني.

نتمنى للدكتور أبو شمسية الفوز بالمقعد البرلماني، وبرأي أن مجرد ورود الاسم في القوائم الانتخابية هو فوز للجالية العربية وتأكيد على اندماجها في مجتمعها الجديد.

باحث وأكاديمي – أوكرانيا

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …