%D8%B9%D8%AF%D9%84%D9%8A %D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%82 أوكرانيا

مدارات – مصر وحركة “حماس”

عدلي صادق / يُفترض أن تكون هناك طريقتان للتعقيب من قبل الناطقين الحمساويين، على نبأ حكم قضائي في مصر بتصنيف “حماس” كإرهابية. الأولى أن يكون التعقيب بلغة إقناع سياسية رصينة، عدلي صادق أوكرانياخالية من التعالي والتحدي والتجريح مهما عَظُمَ الأمر، والثانية أن يُثرثر الناطق، بمنطق هو دون اللغة التي اعتمدها عنترة بن شداد، متوهماً أنه يُخيف المصريين ويعدهم بالثبور وعظائم الأمور في حال “اعتدوا” على “غزة” التي يستخدم اسمها الناطق الحمساوي باعتبارها هي و”حماس” شيئاً واحداً. بعض الناطقين، يؤسسون كل هذه الثرثرة على اعتبار أن هناك “قرارات” بضرب غزة!
فكرة ضرب “حماس” في غزة، هي من نسج خيال بعض الإعلام المصري. والقائلون بها، لا يختلفون في سخافتهم ورعونتهم، عن بعض الناطقين باسم “حماس” مع فارق خطير، وهو أن من ينطق باسم حركة تحكم في غزة، يُحسب كلامه عليه وعلى حركته، بينما الذي يثرثر إعلامياً وينذر بضرب “حماس” في غزة، يتحدث بالأصالة عن نفسه بما هو غير ملزم ولا معبر عن موقف دولته.
لغة الطنين، الحمساوية، في التعقيب على قرار محكمة في مصر، من شأنها استفزاز المتعاطفين مع المقاومة في مصر والعالم العربي، وتتبدى موصولة بجموح المتطرفين الذين يمارسون الإرهاب في العالم العربي، وهؤلاء من أتباع ما يُسمى “السلفية الجهادية” التي حسمت أمرها بتأثيم “الإخوان”. لكن المنطق المتلطي بالعنفوان الموهوم، جعلت شرائح من النخب السياسية والاجتماعية، تجزم زاعمة أن “حماس” هي الوجه الآخر لداعش، ومثل هذا القول يتفشى الآن ويُسمع في المنتديات، ويساعد على تفشيه، أن “حماس” استنكفت عن وصف الدواعش وصمتت إلا من تعليقات قليلة مقتضبة، كلما كانت جريمة الدواعش شديدة الإجرام، وتستفز النفس البشرية وتمرق بوضوح على أحكام الشريعة. فقد كان وما يزال، من لزوم العمل بعناوين الإسلام، الحرص على تعيين الفارق الكبير بين منهج الحركة الإخوانية التي تقول إنها وسطية، ومنهج المعتوهين من أصحاب السوابق والنفوس المريضة بالتوحش ومشروعهم المجنون.
موضوع الحكم القضائي في مصر، بأن “حماس” و”كتائب القسام” كيانان إرهابيان؛ هو انعكاس لتأثر جزء من الرأي العام في مصر، بوضعية الجفاء القائمة بين “الإخوان” عامة، و”حماس” على وجه الخصوص ــ من جهة ــ ومصر الدولة، من جهة أخرى. وهذه وضعية قد تسببت “حماس” فيها وكان بمقدورها أن تتحاشاها، بالوقوف على مسافة واحدة من المختصمين في مصر، وإعلاء اعتبار العلاقة مع الدولة المصرية فوق كل اعتبار، وهذا ما عبّر عنه اسماعيل هنية مستدركاً بعد أن وقعت الفأس في الرأس. فالمنطق السياسي الرشيد، يفرض على الصغير أن يتعاطى مع الكبير بحذر ورويّة. وبدلاً من الرد بحديث الزلازل وغراب البين ــ مثلما قال فتى من الناطقين الحمساويين ــ يمكن الرد حمساوياً على المحكمة بمحكمة، أي أن يرفع واحد من الناس، دعوى ضد قاضٍ، مدعياً عليه بشيء أوقع الضرر فيه كمشتكي، على أن يتولى الناطقون الناضجون سياسياً، التعليق على الأمر بالشرح وببيان الحجة، والقول ببراعة، ما معناه أن المحكمتين هما غير ذات اختصاص. أما إحالة الرد الى ساحة السجال المفتوحة، بين الجماعة في الإقليم والدولة في مصر؛ فإن هذه هي الرعونة. فمصر الدولة، لم تكن هي المشتكية التي نقلت الموقف من “حماس” الى ساحة القضاء.
إن مقتضى الحال في غزة، فضلاً عن دواعي المنطق الطبيعي، هو العمل على تصغير الأشياء الكبيرة، بدلاً من تكبير التفاهات الصغيرة وإحالتها الى فصل الزلازل وغراب البين. ولا يكفي حيال نُطق محكمة مصرية اعتبار “حماس” إرهابية، مجرد القول إن هذه حركة مقاومة، وأن الحكم يتناغم مع العدو ويشجعه على العدوان. ليس من هنا تبدأ المحاججة، وإن كانت ربما تنتهي هنا. فالبداية أن أمن مصر هو أمن فلسطين، وأن المقاوم الفلسطيني مستعد لأن يبذل روحه لكي يكون شعب مصر آمناً، كائناً من كان الذي يهدد أمنه، لأن الأوطان فوق الأحزاب، ولأن الكفاح الفلسطيني سيكون معزولاً حين يفقد مصر. ذلك على أن يكون السلوك مقروناً بالموقف. أما لغة غراب البين، فإن كانت تعودت عليها الآذان مع حالة الانقسام؛ فمن العيب تكريسها في التعاطي مع موضوع بلد كبير وشقيق، بحجم مصر!
أخيراً، ربما يكون مفيداً، أن أنقل الى قارئي ما سمعته من سياسي مصري مطلع. فقد وُضعت أمام الرئيس السيسي، خيارات سيناريوهات لمواجهة موقف “حماس” كان من بينها الخيار الذي رفض الرجل سماعه، وهو العمل العسكري ضد “حماس” في غزة، باعتباره لا خيار على الإطلاق، لأسباب تاريخية وأدبية وقومية وتتعلق بالعقيدة القتالية للجيش المصري! 

شاهد أيضاً

عدنان

رحيل الدكتور عدنان كيوان.. والجالية السورية في كييف تنعى الفقيد

عمت حالة من الحزن والتسليم بقضاء الله وقدره أوساط الجالية السورية والعربية والإسلامية في أوكرانيا …