%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF أوكرانيا

محادثات الدوحة للمصالحة الفلسطينية ما لها وما عليها

عامر راشد / حركتي “فتح” و”حماس” للحوار، من أجل إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، خطوة إيجابية بالتأكيد، لكن النقاط موضوع البحث في جلسات الحوار الذي تستضيفه الدوحة تقفز عن المعضلة الرئيسية التي أفشلت الاحمدالحوارات والاتفاقات السابقة.

ينطلق قطار الحوار الثنائي العلني والرسمي مجدداً بين حركتي “فتح” و”حماس”، في العاصمة القطرية الدوحة، بعد حوارات غير رسمية الشهر الماضي عقدت في إسطنبول والدوحة، بمشاركة عدد من قادة الحركتين، وتبلورت في ختامها ورقة مشتركة اتفق فيها الطرفان على تشكيل حكومة توافق وطني، تكون مهمتها التحضير لانتخابات عامة قريباً، ومشاركة “حماس” في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ومجموعة نقاط إجرائية عملية لتهيئة أجواء إيجابية للمصالحة، مثل وقف الحملات الإعلامية المتبادلة.

وكان لافتاً الكشف عن أن الورقة المشتركة تضمنت “اللجوء إلى المقاومة السلمية الشعبية غير المسلحة”، وهي النقطة البرنامجية السياسية الوحيدة في الورقة، بينما غابت النقاط الرئيسية التي كانت ومازالت موضع خلاف بين الطرفين، وشكَّلت قنابل موقوتة أفشلت الحوارات السابقة وأطاحت بالاتفاقات والتفاهمات التي نتجت عنها. ووفقاً لما صرح به مسؤول في السلطة الفلسطينية، بحسب صحيفة “الحياة” اللندنية، كلف الرئيس محمود عباس الوفد الذي يقوده عزام الأحمد بالتباحث مع وفد “حماس” حول نقطتين، تشكيل حكومة توافق وطني، وإجراء انتخابات عامة، أي العنوانين الأبرز، وربما الوحيدين، اللذين تم الاتفاق عليهما في المباحثات غير الرسمية الشهر الماضي.

من المعلوم أن سلسلة طويلة من التفاهمات الماضية بين  حركتي “فتح” و”حماس” أجهضت قبل أن تولد أو أن تأخذ طريقها نحو التنفيذ، وآخرها التفاهم الذي تم التوصل إليه في القاهرة برعاية مصرية، بين موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد، في أيلول/سبتمبر 2014،  وكان يفترض بمقتضاه تطبيق بنود “اتفاق المصالحة الفلسطينية”، الذي تم التوقيع عليه في القاهرة أيضاً في أيار/مايو 2014، وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل في قطاع غزة، وإدارة المعابر، وتشكيل لجنة متابعة مشتركة تضم ممثلين عن الحركتين والفصائل الفلسطينية الأخرى للعمل على معالجة أي مشاكل قد تنشأ.

بيد أن حكومة الوفاق الوطني، برئاسة رامي الحمد الله، لم تفلح في أداء مهامها على مدار عام من تشكيلها، في غزة صيف العام 2014، تبعاً لما يصطلح على تسميته بـ”اتفاق الشاطئ” للمصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” في نيسان/إبريل من العام ذاته، فالاتفاق المذكور لم يبق منه عملياً سوى توليفة حكومية قيِّمت على نطاق واسع بأنها استمرت أكثر مما يجب، لأنها فشلت في إنجاز أي شيء يذكر في مسار المهمة الأساسية التي جيء بها من أجلها، إلا وهي إنهاء الانقسام السياسي والكياني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وكخطوة أولى إعادة توحيد مؤسسات وإدارات السلطة الفلسطينية، ليصار بعدها إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية للسلطة، وتجديد الهيئات القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني بالرجوع إلى صناديق الاقتراع.

من خلال مراجعة أداء حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، والمصاعب التي اعترضت طريقها، علقت منذ البداية في ملفات خلافية شائكة، وصلت بها إلى طريق مسدود، فضلاً عن أنها قامت على قطبية ثنائية بين حركتي “فتح” و”حماس”، وتم استبعاد باقي الفصائل الرئيسية في منظمة التحرير، وبالتالي هي لم تستند إلى وفاق وطني شامل، بين كل الفصائل والقوى الفلسطينية، يسمح بامتلاك الحكومة لبرنامج على أرضية وطنية مشتركة، تستطيع الحكومة من خلاله إنجاز المهمة التي أنيطت بها.

وثبت أن اتفاق المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” لم يعالج القضايا الخلافية الجوهرية بين الحركتين، وسريعاً ما عادت تلك الخلافات للظهور مجدداً، وزاد من تعقيد الوضع عدم استطاعة حكومة الوفاق الوطني إنجاز شيء يذكر على صعيد إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليه وفتح المعابر، وإعادة توحيد مؤسسات وإدارات السلطة.. الخ، لأن حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية افتقرت إلى ما يلزمها من دعم عربي ودولي في مواجهة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية لإفشالها.

الأسئلة ذاتها تطرح نفسها على مباحثات المصالحة التي تستضيفها الدوحة، كيف ستنجح حكومة الوفاق الوطني إذا لم تكن مستندة إلى برنامج إجماع وطني؟ وما هو البرنامج الذي يجب أن تستند إليه؟ وهل ستنجح المصالحة بين “فتح” و”حماس” دون حل الخلافات السياسية بينهما؟ وماذا بشأن منظمة التحرير وبرنامجها على ضوء الدعوة لدخول “حماس” في إطارها القيادي، في ظل استمرار رفض “حماس” لبرنامج المنظمة؟ وكيف يمكن تأمين مظلة عربية تدعم الاتفاق وتساعد على تنفيذه؟

الإجابة على هذه الأسئلة تبدأ من الاتفاق على الخطوط السياسية البرنامجية الرئيسية بين كل الفصائل والقوى الفلسطينية، قبل الحديث عن تشكل حكومة توافق أو إجراء انتخابات عامة، ولن تكتمل الإجابة إلا بمقدار ما يقترب الفلسطينيون بواسطته من مصالحة مكتملة، وعندها فقط يمكنهم العمل على حشد دعم عربي ودولي إلى جانبهم.

شاهد أيضاً

غزو

أول غزو لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية

أوكرانيا اليوم / كييف / في تقرير ” بلومبرج”، تم تسمية الاختراق الأوكراني للحدود الروسية …