الحياة ملهاة قد تتحول إلى مأساة , لا يستطيع الانسان أن يتحكم في دفة تسييرها على النحو الذي يُريد .
ذات يوم استيقظ الناس في مصر التي كانت دولة تحيا في حالة من الأمان , وإن كانت هناك بعض المنغصات التي تؤرق الكثير من الناس , ولكنهم كانوا مُدركين أن ما يُلاقونه في الحياة من مصاعب هو شئ طبيعي , يُلاقيه كل البشر الذين خلقهم الله في هذا العالم , استيقظوا على حالة من الهياج اللئيم الذي لم يكونوا مُعتادين على رؤيته ولم يخبروه في حياتهم في هذه الدولة , مع أنهم كانوا يسمعون عنه ويُشاهدونه على شاشات التليفاز في نشرات الأخبار يصف الأحوال في دول أخرى قريبة أو بعيدة .
استيقظ شعب دولة بأكمله ليجد كل واحد من أفراده حالة من العبث والهياج الغير طبيعي لمجموعة من البشر في الشارع يتجمهرون ويهتفون هتافات لم تعتادها مسامع سكان هذا البلد العتيق , الذي كان أهله يعيشون على أمجاد الماضي السحيق ويتغنون بأنهم أحفاد الفراعين الذي يكشف لهم مكنون كنوزه عن أمة كانت متقدمه في كل مناحي الحياة , وبالتاكيد لم يكن كل أفراد شعب هذا البلد أغنياء أو يعيشون في حالة من رغد العيش ويتخذون الأغراب عبيد .
استيقظ شعب دولة اسمها ” مصر ” على سماع دوي شعارات براقة اسالت لُعابهم وسيطرت على عقولهم , ودفعت الكثير منهم إلى المُشاركة كل على حسب هواه , فمنهم من شارك ابتغاء ورغبة في الحصول على حياة أفضل , ومنهم من شارك يحدوه الأمل في التغيير لمجرد فقط ” التغيير ” وإن كان لا يعرف ماذا بعد التغيير وماذا سيُطالب بتغيره ولماذا , كل ما كان همهم هو التغيير .
انخرطوا وتوحدوا والتفوا على مجرد شعارات براقة هي بالاساس في حياة الانسان لا يُمكن أن تتحقق مجتمعه , فمن وجد العيش الرغد فقد الصحة , ومن وجد الصحة قد لا يجد العيش الرغد . وأكثر الشعارات البراقة تاثيراً ” العدالة الاجتماعية ” أكثر الشعارات خداعاً للنفس البشرية , فالعدالة هي بكل المقاييس مسالة ” نسبية ” , فقد يحصل انسان على أكثر مما كان يطمح ولكنه قد لا يشعر بالعدالة لأن نفسه أمارة بالسوء ويملأوه الطمع ثم الطمع ثم الطمع , فمهما أعطيته لن يشعر بالعدالة لأنه سينظر دائماً إلى الذي في يد غيره , ولن يشعر بالرضا .
وبعدها وفجأة استيقظ شعب الدولة على دوي حقيقة أصبحت جلية ظاهرة ” مؤامرة ” !!!!!!!!!!!!!!
فمنهم من كان يعي أنها كذلك لأنه شارك في حياكتها والاعداد لها , ومنهم من كان يُراقب منذ البداية ويعرف هو الاخر بأنها مؤامرة , فظل لثلاثة سنوات يهتف في أسماع الناس بأن ما حد ليس إلا مؤامرة , ولكنه لم يجد من يُصدق ما يُعلنه لأن الاخرين كانوا مشغولين بتنفيذ فصولها , والاخرين المتاثرين بهم والطامحين كانوا وبكل أريحية وحُسن نيه من ناحية , أو طمع وكراهية وغل وحقد مرات أخرى يُساعدونهم .
ولكن عندما دانت الحقيقة أن تنكشف , وقف كثير من الناس الذين كانوا يُشاركون في المؤامرة كُل حسب هواه مشدوهين من هول المفاجاة !!!!!
تسريبات العملاء تُذاع على الملأ ! !! مش ممكن !!! ” الخونة ” , ” العملاء ” , ” باعوا البلد ” , كنا مصدقينهم ” , ” كنا فاكرنهم عايزين مصلحة البلد ” , وغيرها من التعليقات الساذجة , وكأن الناس كانوا صُم عمي عما يُشاهدونه ويسمعون عنه طوال ثلاثة سنوات مضت .
أولم تكونوا تعرفونهم منذ البداية ؟ ! , أولم تكونوا تعرفون حالتهم المادية والمعيشية التي كانوا عليها ؟ ! ألم تُلاحظوا مظاهر الثراء والتغيير الذي حدث لهم ؟ !
ألم تسالوا أنفسكم على ماذا حصلتم إلا اراقة دماء أبناءكم !
ألم تسالوا أنفسكم ماذا قدم لكم كل هؤلاء ؟ ! لا شئ إلا أنهم كانوا يستغلونكم ويبيعون حتى أشلاءكم !
وما زالوا يتاجرون باحتياجاتكم , ومرضكم وفقركم ! , وسيظلون يتاجرون بكم طالما انتم مستسلمين لهم .
ممكن سؤال ؟
ممكن تقولي اسم واحد ممن يُتاجرون بكم ويتحدثون عنكم وباسمكم ” فقير مثلكم ” ؟ ! هل يتوافق أن يتحدث ساكني القصور عن الفقراء باسم الاشتراكية أو هل يُعقل أن يُحدثونكم عن التقشف وهم يستقلون السيارات الفارهة ؟ !!!!!
خدعوكم مرة ومرات وعلى استعداد أن يخدعونكم ألاف المرات , العيب ليس فيهم ولكن العيب فيكم , فهم ليسوا إلا ألسن تتكلم وأنتم لستم إلا مجرد أذان لهم !!!!
أصبحنا نعيش وكأننا كلنا ” فاوست ” الذي عقد الاتفاق مع الشيطان , يوهمه الشيطان بحياة رغدة مُقابل الحصول على روحه في النهاية .
نعيش تتلبسنا ” شخشوبان ” أم جسم خشب وعيون زجاج منين تشوف !