جــودت هوشيار / نفى وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري في تصريح صحفي أدلى به في نيويورك علمه بوجود خبراء عسكريين روس في العراق. ربما كان الرجل صادقا في كلامه ، نظراً لغياب التنسيق بين أجتحة السلطة في بغداد ، رغم ان وجود الخبراء العسكريين الروس في بغداد ليس بالأمر الجديد ، فمنذ حوالي سنة يعمل في بغداد أكثر من( 60 ) خبيرا روسيا ويقيمون في فندق الرشيد داخل المنطقة الخضراء المحصنة .. ولم تقتصر مهمتهم على تدريب الضباط والطيارين العراقيين على استخدام الأسلحة الروسية وخاصة المروحيات القتالية من طراز (مي-35) التي إشتراها العراق من روسيا بالدفع الآجل .بل قاموا أيضاً بإنشاء مقر مشترك بالتعاون مع الخبراء الأيرانيين من اجل التنسيق في مجال تجهيز الأسلحة والمعدات الحربية الروسية للعراق.
والغريب في الأمر ، أن كلام الجعفري جاء بعد الأعلان في كل من موسكو أولاً ومن ثم في طهران ودمشق وأخيراً في بغداد ، عن تشكيل ما سمي المركز المعلوماتي الرباعي المشترك في البيان الصادر عن قيادة العمليات المشتركة العراقية . وكشف وزير عراقي، فضل عدم نشر اسمه ، في تصريح صحفي لصحيفة عربية لندنية ، ان ثلاثة ضباط روس من رتب عالية وصلوا بغداد في الخامس عشر من الشهر الحالي، بالتزامن مع تواجد ضباط كبار من قوات الباسيج الإيرانية وعناصر استخبارات سورية، وباشروا عملية تأسيس غرفة معلومات مشتركة، تقع داخل مقرّ استخبارات وزارة الدفاع العراقية الكائنة في مطار المثنى مقابل حديقة الزوراء”.
وأضاف الوزير : أن رئيس الوزراء العبادي لم يكن على علم بالإعلان المفاجئ لقيادة العمليات المشتركة العراقية، ولم تتم استشارته بهذا الخصوص على الإطلاق. .
وتقول القناة التلفزيونية الأميركية ( فوكس نيوز ) استناداً الى التشكيلات الأستخبارية الغربية في بغداد ، انه قد تم تشكيل ( مجلس تنسيقي ) بين روسيا وايران وسوريا للعمل المشترك مع ميليشيات الحشد الشعبي التي تقاتل ضد ( داعش ) وان هذا المجلس قد باشر العمل فعلاً. .
وعلى الصعيد نفسه كشفت الصحف الروسية المتخصصة في الشؤون العسكرية . إن المهام الرئيسية لهذا المجلس أو المركز أوسع وأخطر بكثير مما جاء في بيان قيادة العمليات المشتركة وفي تصريحات المسؤولين في دول التحالف الرباعي الجديد .وتتلخص هذه المهام في ما يلي : :
1 – مراقبة الوضع العسكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط وتسيير طائرات استطلاع روسية في الأجواء العراقية ، حيث أن واجبات جميع الأطراف المعنية لا تقتصر على جمع وتبادل المعلومات فقط حول ما يجري في المنطقة ، بل أيضا تحليلها والتداول بشأنها للخروج بنتائج محددة ومشتركة ، كما أن وجود قدرات استخبارية وتحليلية فائقة لدى كل من روسيا وايران ، يؤدي بالضرورة الى أتخاذ توصيات تصب في مصلحتهما. .
2 – التخطيط لاستخدام الوحدات القتالية للدول الأربع ، وتنسيق أعمالها. – وهذه تمثل المهمة الرئيسية التي تشكل المركز من أجلها- عن طريق أنشاء ما يشبه هيئة أركان أو إدارة عمليات مشتركة للتحالف الرباعي الجديد الموازي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية .
3 – ضمان التعاون بين سلطات دول التحالف الرباعي وحل جميع القضايا المتعلقة بتحهيز القوات المقاتلة بالأسلحة والتجهيزات ، والتوصل الى موقف سياسي موحد تجاه الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط. .
ان هذه المهام الثلاث تعني إدخال موسكو على خط المواجهة مع تنظيم داعش عبر البوابة العراقية ، وتصاعد التأثير الروسي – الأيراني في العراق .
أما موقف واشنطن تجاه هذه التطورات فيمكن وصفها بالضعيف ، ذلك لأن ثمة اتجاه سياسي وعسكري قوي في الولايات المتحدة الأميركية ، سواء على صعيد الرأي العام أو البيت الأبيض والبنتاغون يسعى لتفادي الدخول في الصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، وقد انتهزت موسكو هذه الفرصة الذهبية للعودة الى المنطقة ، بذريعة محاربة الأرهاب . مما يضع ما تبقى من سيادة العراق في ” مهب الريح ” .