د.خالد ممدوح العزي / القواعد البروتوكولية في كل بلدان العالم، تقضي بالــ “نــديـــة”؛ بمعنى أن رئيس الدولة يزور رئيس الدولة… ورئيس الوزراء يزور رئيس الوزراء… ووزير الخارجية يزور وزير الخارجية… ونادراً ما يستقبل رئيس دولة كبرى وزيرَ خارجيةٍ زائر، وإذا حدث ذلك فللتعبير عن احترام رئيس الدولة المضيفة لدولة الوزير الزائر.
لكن، ان يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الامير السعودي بندر بن سلطان بنوعٍ من الأخوية المخابراتية المكشوفة التي يعتقد أن اللاعبين السياسيين ليسوا سوى أدوات بسيطة في مملكتهم، أما أن تصبح قاعدة ـ وليس استثناء ـ أن يجري الامير بندر بن سلطان مباحثات مع رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين حـصــراً فهذا أمر يستحق التوقف عنده والتفكير به مليـّـا!!!
هذه الزيارة الثانية للأمير بندر الى موسكو بأقل من اربع شهور، بتاريخ 2 ديسمبر/كانون الاول 2013 ،والتي جاءت مباشرة بعد اتصال هاتفي من بوتين مع الملك عبدالله الاسبوع الماضي ، فكانت الزيارة الاولى للأمير بندر الى موسكو في تموز الماضي، والذي استطاع اقناع الروس بالتوجه نحو البوابة المصرية وفتح علاقات بين مصر وروسيا ‘ بتوجهات من الملك عبدالله ،وكان مفتاح هذا التواصل وإبرام الصفقة العسكرية بين القاهرة وموسكو ، بوتين اليوم يحاول الاستعانة مجدداً بالسعودية لإنجاح مؤتمر جنيف -2 لإعادة الثقة وفتح الحوار بين البلدين مجددا ،حيث تعتبر روسيا ان ما حصل هو فرصتها القادمة الى جنيف -2، بظل تغير الخارطة العسكرية لمصلحة المعارضة العسكرية على الارض .طبعا لقد فهمت روسيا بان السعودية تملك مفتاح حل الازمة السورية وهي بالتالي شريك اساس في صنع الحل الذي لابد من اخذه في الاعتبار في أي عملية للتسوية في سورية ، فروسيا تخلت عن دور المواجهة كقوة دولية كبيرة ،بل اكتفت بدور الوسيط في الازمة السورية، وبخاصة بعد ابرام صفقة الكيماوي السورية والذي تبلور دورها في عملية الوساطة مع اميركا .
ان اللقاء الذي طلبته موسكو من الرياض في الاسبوع الماضي من خلال مكالمة بوتين مع الملك عبدالله و لبتها السعودية سريعاً بارسل موفدها الذي بات يحمل مفتاح التسويات والحلول في المنطقة . فان زيارة بندر الى روسيا تحمل في طياتها معان كبيرة ، حيث تكمن مهمة الزيارة الاساسية في البحث لإيجاد تسوية في الملف السوري والخروج بتسوية سياسية . لكن بوتين حاول اقناع السعودية بإنجاح مؤتمر جنيف 2 والعمل المشترك للضغط على حلفائها والذهاب للحوار القادم وعدم التغيّب عن الحلول .لقد بات موقف موسكو مؤكداً ان غياب المعارضة وتحديداً الجيش الحر لن يساعدها في الدخول في الحوار وإيجاد حلول تضمن مصالحها ،ومن هنا كانت الاستعانة بالسعودية والتي تعني بان موسكو ذاهبة نحو التسوية قبل فرضها في المعركة العسكرية التي تتخوف موسكو من نتائجها والقاضية بعدم انتصار قادم للقوى المتطرفة في سورية، وهنا قد تلتقي السعودية وروسية بعدم اعطاء نصر مجاني للتطرف الاسلامي الذي يشكل عليهما خطرا حقيقيا، بالتالي فان بندر الذي ساعد في التقرب السعودي – الروسي في مصر ضد حركة الاخوان المسلمين ،فان المباحثات التي حكمت هذه الزيارة والتي اقتصرت على ملف سورية وحسب تصريح ديمتيري بسكوف الناطق باسم مجلس الرئاسة الروسية بان المباحثات كانت مركزة على الملف السوري . وحسب الاعلام الروسي الذي يرى ان الاتفاق السعودي الروسي القادم، اذا كتب له النجاح سوف يعمل على تسريع تشكيل حكومة انتقالية بين الاطراف والتي تبدأ بتطبيق اتفاق جنيف –1 لتحقيق اتفاق جنيف -2 الذي باتت كل من موسكو والرياض يرسمان ملامحها القادمة والقاضي بالتخلي طوعا عن الرئيس الاسد من قبل موسكو بعد تغيير الخارطة العسكرية التي ترسم خطوطها المعارضة السورية . فالشعب السوري يأمل أن تكون زيارات الأمير بندر في خدمة السوريين المظلومين المعذبين…. والجدير ذكره بان اللقاء تم التعتيم عليه كما كان حال اللقاء السابق والذي اتى بنتائج ملموسة بتحسين العلاقات الروسية –المصرية التي تمخض عنها اتفاقات و عقود مالية كبيرة.
وبانتظار النتائج ، لابد من الاشارة الى ان زيارة بندر الى موسكو ترافق مع دعوة الحكومة الليبية بإعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين طرابلس وموسكو بعد ثورة 17 فبراير 2011 والتي كانت موسكو ضدها بالرغم من موافقتها على قرار مجلس الامن الدولي الذي سمح لحلف الاطلسي بشن هجمات عسكرية على ليبيا .