هادي جلو مرعي / كتبت من مدة عن اسرار مؤخرات النساء وتأثيرها الفادح والفاضح في نفوس وعقول الرجال ،وتلقيت السباب والعتاب من كثير من الناس اللائمين الذين أحاطوني بالنقد اللاذع رافضين الأسلوب في الكتابة والمعالجة متوهمين ان هذا النوع من الكتابة لاينفع ،بينما أجده نافعا في مجتمع لم يعد يرى أو يسمع أو يفهم أو يرغب في التغيير وحفظ كرامته بعد أن سرحت مجاميع من النساء في الدروب عابثات لاعبات بلا وعي ولاخلق ولاشئ من الحشمة.
من يومين وكنت صحبة سياسي عراقي في مكان من بغداد وكنا نستعد لحوار عبر الفضاء لحساب فضائية عربية ،وطلب رجل شرطة لرجل ليس بالكبير ولابالشاب الصغير وهو بين هذا وذاك أن يغير مكان ركنه لسيارته، وكان الرجل للتو جلس في المطعم وللتو ينتظر وصول الطعام الذي طلب وكان أن تعصب قليلا وإنزعج لكنه لم ينتفض كعادة هذا النوع من الرجال الذين تعودناهم في الزمن الماضي وكانوا ( يتكشخون ) برؤوسنا ويتباهون أنهم موظفون أمنيون ،ورد قائلا:أنا أتناول الطعام .وأصر رجل الشرطة على تغيير مكان وقوف السيارة،وقد تاكدن انه رجل امن بلباس مدني من خلال علامات ،منها ،إنه كان بشنب يغطي كامل فتحة الفم وكان يرتدي قميصا (نصف كم)،ويضع ( مسدسا) في مؤخرته وهي عادة قلت إننا تعودناه في الزمن الماضي يبدو إنها تعود الآن وبقوة الى الشارع العراقي وهو دليل أيضا إن الموضوع ليس مرتبطا بالضرورة بطبيعة النظام الحاكم وإنما بثقافة كل شعب وسلوكه.
كان المسدس يظهر لكل عيان وتمنيت لو أن حراميا شاطرا يسير من خلفه ويغافله ويسرقه منه كما فعل (أبو جودت ) ضابط المخفر في مسلسل (باب الحارة) حين سرق مسدس مساعده( نوري) وكان نائما وأهلكه في سجن القلعة بحسب رواية المسلسل الشهير ذاك.ذكرني السياسي بحكاية حصلت له مع ضابط امن من جماعة ايام زمان وكان يضع المسدس فس مؤخرته وقال،إنه جاء إليه ليتوسط له ليعيده الى عمله الأمني مؤكدا له سلامة نيته وإنه لم يؤذ أحدا قط في ذلك الوقت ومتعللا بقوله،إنه إنما كان يضعه في (المؤخرة) ويذهب الى قريته ويتباهى به بمحضر من كبار السن وأبناء العشيرة الذين ينظرون إليه بإندهاش وإنبهار وبعض الحسد، وإنه كان يظهر بمظهر الرجل القوي صاحب النفوذ ،وإن لديه علاقات ببغداد فاعلة ومؤثرة ونافعة جدا.
ضحكت من قلبي فقد تذكرت صورا كثيرة لأمثال هذا وذاك من الرجال المولعين بالتنفيس عن عقد النقص التي في دواخلهم وتكاد تأكل حشاشتهم ،ففي حين يشتكي الناس من ضعف الأداء الأمني وغياب إستراتيجية واضحة تعيد ترتيب أوراق إدارة الأزمة الراهنة والتي وصلت الى مستوى من الصعوبة يحتاج الى إعادة الحسابات،نجد ان بعض العراقيين يصرون على ( الكشخة والتباهي ) في زمن الموت والدم ،وهذا زمن الأزمات والمصاعب ويتطلب البحث في الحلول لا البحث عن أسباب الرفاهية والتباهي بمسدس لايحل مشكلة ولايرهب مجرما أو قاتلا فصار وسيلة للهو واللعب وليس أكثر من ذلك .