ليسأل الأوكرانيون السوريين
19 مارس, 2014
مقالات, ملفات خاصة
امين قمورية / تيودور روزفلت الذي يعتبر من الرؤساء الاميركيين العظام، اعتمد سياسة خارجية
ملخصها: “تكلم بهدوء واحمل عصا كبيرة”. اما من خلفه في البيت الابيض بعد نحو مئة سنة، باراك أوباما، فقرر العكس تماما: “اصرخ بصوت عال ولا تحمل عصا”.
خلال الازمة السورية، قررت موسكو منع واشنطن من استخدام مجلس الامن لنزع الشرعية عن نظام بشار الاسد وتوفير مظلة لتدخّل خارجي يعجل في عملية اسقاطه.
وكثّفت تسليح النظام وأنقذته من الورطة الكيميائية ومنحته عبر “جنيف 1″ و”جنيف 2” فرصة لتحسين مواقعه. ومثلها فعلت حليفة موسكو ودمشق معا، طهران التي اعتبرت سوريا مسألة حياة او موت بالنسبة إلى دور ايران الاقليمي وهيبة نظامها والاوراق التي تملكها. مرت السنوات الثلاث المرّة للأزمة ولم تغيّر لا موسكو ولا طهران موقفهما من سوريا.
في المقابل، كان قرار اوباما عدم إقحام أميركا في حرب جديدة. وصم اذنيه عن المناشدات والصرخات التي تطالبه بالتدخل لوقف الكارثة الانسانية التي تحدث على الارض السورية. واكتفى باعلان “النصر الكيميائي” بعدما اذعنت دمشق لقرار تسليم ترسانتها من هذا السلاح بضغط روسي يضمن للنظام بقاءه في مقابل سلاحه النوعي. ولولا الخطر الارهابي المتجدد على هذه الارض، لما تذكر اوباما ان ثمة ازمة في الكون اسمها سوريا ولما رفع الصوت مجددا.
اليوم، يطبق الرئيس الاميركي السياسة نفسها في اوكرانيا، فرد فعل واشنطن على ما تعتبره اوروبا اكبر خطر امني يواجهها منذ عقود ليس حتى الآن الا خطابات وشعارات من دون افعال تذكر. وعندما استضاف رئيس الوزراء الاوكراني الموقت ارسيني ياتسينيوك الى مائدة غداء اكتفى نزيل البيت الابيض برفع اصبعه لردع الاقتحام الروسي للقرم واجزاء من شرق اوكرانيا! المسؤولون في كييف كانوا يتساءلون: “متى ستضع الادارة الاميركية قوتها مكان فمها؟ عندما تحترق كييف أم أبدا؟”. الاوكرانيون يريدون دعما ماديا ومعنويا وتدخلا اطلسيا لمواجهة حشود بوتين على الحدود… واوباما يكتفي برفع الصوت عاليا من دون عصا.
بوتين يتصرف مطمئن البال. الولايات المتحدة لم تفعل شيئا عندما قضمت قواته اوسيتيا الجنوبية وابخازيا من جورجيا عام 2008، ولم ترد عندما تجاوز النظام السوري “الخط الاحمر” الذي وضعه اوباما لدمشق. لو كان قيصر الكرملين الجديد يدرك ان تهديدات اوباما ووزير خارجيته جدية لما الحق القرم بالممتلكات الروسية.
أزمة اوكرانيا لا تقل تعقيدا وخطورة عن الازمة السورية، وقد تمر ثلاث سنوات على الازمة الجديدة كي يكتشف الكثير من الاوكرانيين ما اكتشفه الكثير من السوريين قبلهم، ان الترياق الذي انتظروه طويلا من العالم الحر لن يأتي أبداً.