5555 أوكرانيا

ليبيا الحرة: تغير في الخارطة السياسة لجمهوريات الربيع العربي …!!! .

د.خالد ممدوح ألعزي / عندما سقطت باب العزيزية في أب أغسطس 2011 سقط عرش ألقذافي ،وعندما سقطت مدينة سرت انتهت حقبة ملك ملوك إفريقيا، بالرغم من عدم توافقي مع كتيبة اسود الوادي المصراتية التي نفذه عملية الإعدام الميداني بحق العقيد  بطريقة تمت فيها الإساءة للثورة وشعاراتها ،ومحت أسراره وكنزه الثمين ودفن معه  إلى الأبد ،انتهت فترة أربعة عقود 5555 أوكرانيامن دكتاتورية شخصية مستبدة لرجل واحد سيطر على ليبيا ومقدورتها وخيراتها وبدد أموالها واضطهد شعبها وحكمها دون قانون ودستور ،واصفا أيهم بالجرذان في أخر أيامه ومع بدأ الثورة الليبية في 17 فبرايل،كان معمر رجل ليبيا الواحد وكانت ليبيا معمر ألقذافي  .

سقطت صورة رجل ليبيا المستبد في كافة إرجاء الدولة لترفع مكانها الألف من الصور لرجال ليبيا الوطنين في كافة شوارعها ومدنها المختلفة.

بالرغم من الشوائب التي تعرضت له مسار الثورة الليبية من أعمال عنف وردات فعل من قبل الثوار على جيش ألقذافي ومرتزقته،ومن بعض الذين كانوا يحاولون التخريب في الثورة والتي تغاضى عنهم الإعلام سابقا ،لانشغاله بسير الدكتاتور واضطهاده ،فالأخطاء كانت جسيمة وكثيرة  ابتدأت من اغتيال عبد الفتاح يونس مرورا بالمعارك المستمرة في المدن بين بعض المجموعات التي تحمل سلاح وتحاول  فرض أمر واقع وصول إلى حالة الاعتراض على  الانتخابات التي مارستها بعض الجماعات لتعطيل الحياة الانتخابية في الأيام الأخيرة ،  لكن الثورة والحركة التغيرية بقيادة المجلس الانتخابي  سارت بليبيا  إلى بر الأمن وأنجزت الانتخابات البرلمانية التي اقترع فيها المواطن لأول مرة بتاريخه بنزاهة وشفافية وديمقراطية .

الانتخابات الليبية:

نجح المجلس الانتقالي الليبي بإجراء انتخابات حرة وشفافة في ليبيا بعد الفوضى التي عانت وتعاني منها ليبيا بعد سقوط إمبراطورية العقيد ، نجحت ليبيا بالدخول في أول انتخابات تاريخية عرفتها ليبيا وشعبها الذي لم يعرف نهائيا الانتخابات والديمقراطية والتعددية وتداول السلطة وممارسة المعارضة .

الأحزاب التي فازت في الانتخابات:

خاضت القوى والتكتلات حربها الانتخابية في ليبيا  بجمهور انتخابي حوالي مليونين و800الف ناخب ،على عدد المقاعد المخصصة للأحزاب، وهي 80 مقعدا فقط من بين 200 مقعد في المؤتمر الوطني المكلف باختيار رئيس للوزراء قبل الاستعداد للانتخابات العامة العام المقبل،بينما المقاعد الباقية وعددها 120 مخصصة للمستقلين،

وبالتالي هذا المناخ سوف يساعد على نمو كتلة برلمانية مستقلة عن الأحزاب،و التي سيكون لها دورا قادما في السياسة الليبية دون السطو عليها من إي حزب.

الأحزاب التي خاضت الانتخابات في ليبيا هي أربعة:

1-الوطن حزب عبد الحكيم بلحاج الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا

2-الليبراليون والقوميون بقيادة محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذ السابق في المجلس الانتقالي .

3- حزب العدالة والتنمية محمد صوان ،فرع  حركة الإخوان المسلمين في  ليبيا

4حزب الجبهة الوطنية المعارضة التي هي امتداد للمعارضة السابقة لأيام النظام ألقذافي بقيادة الأمين العام محمد المقرافي،

تراجع الإسلاميين وتقدم الليبراليين :

لكن النتائج أظهرت العامة لانتخابات المؤتمر الوطني الليبي تقدم تكتل حزبي يقوده محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا السابق، فيما يعكس أن أداء الأحزاب الإسلامية جاء أضعف من المتوقع وإذا تأكد هذا الاتجاه، فإنه يميز ليبيا عن غيرها من دول الربيع العربي مثل مصر وتونس حيث أبلى إسلاميون بلاء حسنا في الانتخابات رغم أن جبريل يصر على أن تحالفه متعدد الأحزاب ليس علمانيا أو ليبراليا، وأن الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية أحد مبادئه الرئيسية.

لكن تراجع الحركات الإسلامية في عملية الانتخابات البرلمانية الليبية بظل سيطرت الأحزاب الإسلامية في دول الربيع العربي سؤال يطرح نفسه بقوة ،فالأسباب  تعود الى :

1- الفترة الزمنية التي لم تعرف الجماهير على برامج الأحزاب الإسلامية التي تحمل في داخلها مشاريع إصلاحية وتنموية.

2- سيطرت كتائب ثورية على مناطق ليبية تدعي الانتماء إلى التوجه  الإسلامي.

3- نقل واستطرت تجارب إسلامية من دول مجاورة ومحاولة إسقاطها على الحالة الليبية .

4- الخلط مابين القومي والوطني والإسلامي  في رفع شعارات داخل المجتمع الليبي .

ووفقا لما أعلنه احدي قيادي حزب الوطن ” عبد الحكم بلحج في إحدى تصريحاته الشهيرة التي يقول فيها  :”تتعهد أعضاء حزب الوطن الإسلامي في ليبيا بالالتزام بالشريعة الإسلامية في حال فازوا هم في الانتخابات المقررة في 7 تموز يوليو 2012 .

هذا الخلط بين الديني والوطني هو الذي فرض الالتباس وكان له التأثير  على  وجهات النظر الليبيين ،لان الإسلام في ليبيا ليس بخطر ولا خوف على ليبيا من الإسلام والمجتمع الليبي غير متعدد الاتجاهات المذهبية والبنية وبالتالي شعار الإسلام هو المنقض لم يلقي إي تفاعل في المجتمع .

لكن تقدم الوطنين في ليبيا كما يطلق عليهم محمود جبريل يدل على عدة أمور ساهمت في تقدمهم  في الندوة البرلمانية :

1-  الشعار: لقد ساهم الشعار الذي تم رفعه داخل هذه القوى المتحالفة في عملية الانتخابات في عودة التفكير الليبي بان الوطن فوق كل اعتبار وان ليبيا أولا ،

2- البرنامج : البرنامج الذي خاضت القوى الليبرالية انتخاباتها في ظله بكونه  برنامج تنموي اقتصادي يساعد ليبيا والليبيين من الاستفادة الفعلية من ثروتهم التي تم تبذيرها من قبل النظام السابق .

3- الشخصية : لقد لعبت اختيار الشخصية دورا مهما في الإجماع الليبي على محمود جبريل الذي حاول أن يقول لليبيين بان هذا التحالف هو تحالف أبناء ليبيا الوطني ،و ليس الليبراليين والقوميين ورجال القبائل ،

4- الإمكانيات : الجميع يتذكر الدور الريادي الذي مارسه محمود جبريل إثناء تحرير ليبيا و أثناء تسلمه رئاسة المجلس التنفيذي لرئاسة الوزراء .

لعل الجميع في ليبيا يقدر مقابلته الشهيرة على قناة العربية بتاريخ 10 نوفمبر 2011م، الذي قال فيها :”

إن الليبيين يقدرون مساعدة حلف الناتو والدور القطري ،ولكنهم لن  يقبلوا أي دور يمس سيادتهم على أرضهم”.

ليبيا القادمة:

مما لا شك فيه بان الانتخابات الليبية قد قطعت الطريق أمام كل التوجهات الداخلية المطالبة بالانفصال والحالمة بتقسيم ليبيا والاستفادة من جو التقسيم، لتحقيق مكاسب شخصية على من خلال  تقسم ليبيا، فالعودة إلى الأفكار المنادية بالتقسيم بين الشرق والغرب والجنوب تحق مكاسب شخصية وقيادية خاصة  .إضافة إلى فشل سيطرت المفهوم الأصولي الديني الذي غاب عن المشهد السياسي بسبب اعتراضه على عملية الانتخابات ولعدم اندماجه في العملية الانتخابية الداخلية .

أما على الصعيد الخارجي فان الانتخابات الداخلية سحبت البساط من تحت أقدام المنظرين والمشككين بالثورة بكونها مؤامرة خارجية والقائمة على كون ليبيا ذاهبة نحو التقسيم.

والانتخابات الليبية أحرجت روسيا التي تنادي دوما بالجرائم الكبرى التي تم ارتكابها بحق ليبيا من خلال تدخل الناتو ،والتحقيق بالجرائم التي تم اقترافها في عملية التغير المشكوك فيها.فالانتخابات الحالية سوف يكون  لها صدى أقوى ليس في ليبيا وحسب وإنما ستصل الى سورية التي فشل الروس في إحراج العالم بالرغم  من أخطاء الناتو الكثيرة في ليبيا .ولعل مبادرة أهالي الزاوية الليبية التي تنازلت عن مقاعدها في البرلمان لأجل المناطق الشرقية في “بنغازي ” التي تحس بغبن في التمثيل النيابي كنت المخرج الحقيقي من الصراع الجانبي الذي كاد أن يعطل العملية الانتخابية ،لان نظرة المدن والقيادة الليبية إلى  ليبيا ليس من موقع حصص ومكاسب،فالزاوية  التي رأت بان مستقبل ليبيا أغلى من كل شيء..

يكتب الإعلامي طارق الحميد في إحدى مقالته في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 12يوليو”تموز”2012 تحت عنوان أنصفوا  ليبيا  :”ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﻮﻗﻦ ﺑﺄن ﻟﯿﺒﯿﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﻌﻤﺮ ألقذافي، وﻻﺗﺸﺒﮫ ﺣﺘﻰ ﻧﮭﺎﯾﺘﮫ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺒﮫ ﺣﻜﻤﮫ وﻧﮭﺠﮫ وﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻋﺎﻧﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ،  وإﻋﺎﻧﺘﮭﺎ ﻻ ﺗﺘﻢ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺷﺆوﻧﮭﺎ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ،ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﻤﯿﻖ اﻟﺘﻮاﺻﻞ، واﺳﺘﻌﺎدة ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻟﯿﺒﯿﺎ اﻟﻤﻔﺘﺮﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻓﺘﺢ ﻛﻞ أﺑﻮاب اﻻﻧﺪﻣﺎج أﻣﺎم ﻟﯿﺒﯿﺎ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ.

مهام الحكومة القادمة:

الذي حصل في ليبيا هو “ثورة في الثورة”، تعطي الليبراليين، أي قوى التقدّم والتنور والحرية وحقوق المرآة وحرية الصحافة وحرية الرأي والمعتقد، فالفوز الساحق هذا لم يحقّق في أي بلد عربي من قبل. ولكن بغض النظر عن نوع الحكومة القادمة التي سوف يتم تشكيلها تكنوقراطية أو تحالفيه أو حكومة اللون الواحد سف يكون أمامها مهما كبيرة ومعقدة بظل الحالة التي تعيش فيها ليبيا ،لبد من الإشارة بان هذه الحكومة والبرلمان نفسه له مدة محددة لا تتجاوز السنة والنيف ،وفي مهمتها الأول :الإعداد لكتابة دستور جديد والتمهيد لتامين انتخابات برلمانية ورئاسية ،و انتقال للسلطة ،إضافة إلى تنفيذ برنامجها التنموي الذي صوت الشعب عليه للأكثرية البرلمانية ،العمل على ضب السلاح من أيدي الكتائب المنتشرة في كافة ليبيا ودمجها في إطار المؤسسات العسكرية المختلفة ،العمل على إنهاء حالة العصابات المسلحة التي تدب الرعب في البلد .

المهمة الثانية: التحضير لملفات  كبيرة ومعقدة في البلد مثل :” المصالحة الوطنية، التنمية الإدارية أعادة هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية والإدارية ،البدء في عملية البناء التي تم تدميرها أثناء الحرب ،العمل على الاستفادة من عائدات البترول وبناء المشاريع الكبرى للبلد ،إعادة وضع خطط سياحية وزراعية وتنموية وتشيد السياحة”الفنادق ،البيوت الساحلية الاثارية، ليبيا تمتلك اكبر شط  رملي على المتوسط، ليبيا تملك اكبر ثروة سمكية ،في ليبيا ثروات زراعية هائلة “،افتقدتها ليبيا طوال حكم العقيد … إضافة إلى بناء دولة المواطنة والقانون التي تحد من المشاكل القبلية ،الاثنية و العصبية “…

هناك العديد من المسائل التي يجب أن تعمل عليها الحكومة القادمة في كتابة الدستور ووضع الخطط الاقتصادية والتنموية تصحيح الإعلام تنمية العمل النقابي والحزبي،فالسؤال الذي يطرح نفسه هل ستعمل القوى الكثيرة والمختلفة على بناء الدولة الليبية التي يتشارك فيها كل أبناءها بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم الفكرية …وهل ستتكون معارضة ليبية من الذين خسروا الانتخابات ولم يحلفهم الحظ في الوصول إلى الندوة البرلمانية …نحن ننتظر سير التطورات التي سيخطوها الشعب الليبي وأحزابه  وتكتلاته  من  اجل ليبيا الحرة العادلة الديمقراطية ،كلنا أمل بان تعاد الحياة إلى ليبيا الشقيقة وتتعافى من أزمتها السابقة وحسب المثال العربي القائل:” الماء تكذب الغطاس”.

لكن أهم ما في الانتخابات الليبية والعربية في دول الربيع العربي بأنها تعمل على بناء المشاركة والتعددية وتمهد لتداول السلطة.

نقلا عن جريدة الرواد اللبنانية التاريخ :6 بتاريخ  أب أغسطس 2012

الصفحة: 14العدد: 62

كاتب وباحث إعلامي مختص بالإعلام السياسي والدعاية .

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …