%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B12 أوكرانيا

لون فلسطين ..

عامر محمد العروقي / لقد تأثر الانسان بخصائص ومميزات الألوان منذ بداية الخليقة وارتبط بها ارتباطاَ وثيقاً حتى أصبحت تعبرعن ميوله عامر2واتجاهاته واهتماماته اليومية عن طريق لونه الخاصة ، وبدأت تظهر في خصائصه الفيسيولوجية مع ولادة ذرية نوح ، حام (اسود) ، وسام(ابيض) ، ويافث (اصفر) ،
لتكون الأرض مهد الانسان الأول عرفها بتربتها الملونة بالون (البني ) وسمائها (الزرقاء)وزبد بحرها( الأبيض)، من زمناً بعيد لم يعرف الانسان سوى اللونيين الأكثر شيوعاً هما (الاسود،والابيض) وكانا يعبران عن الليل بسواده والنهار ببياضه ،
في حين تصارعت البشرية فيما بينها ونشبت الحروب فنزفت الدماء بالون (الأحمر)، و بعدها استقرت حياة الانسان واتجه الي حرفة الزراعة حارثاً الأرض تاركاً الصيد عازماً على الاستقرار ساعياً لتأمين المأكل والمشرب والملبس لتبدأ الأرض بإخراج حصادها (الأخضر ) أشجار واعشاب ولولا وجود اشعة الشمس الصفراء لم خرجت وظهرت على السطح ، كان الانسان على موعد للقاء أطياف متعددة من اللون وهي ،(اللون البني ، الاسود، الابيض، الأحمر ، الازرق، الاصفر،الاخضر).
وكما في البداية من ذرية نوح عليه السلام تميزت كل جماعة بالونها عن الأخرى ، فكان نصيب الجماعات السوداء نصيب الأسد من اضطهاد فرقائهم في اللون وخصوصا من الجماعات البيضاء حيث عانوا ما عانوه من يميزاً عنصري بسب لون بشرتهم السوداء واصبحوا خدماً عند الاقوام وبيعوا عبيدا في الأسواق ، ليرمز بعد ذلك لمضطهديهم بظلم الأسود ولم ينالوا حريتهم الا بدماء (الحمراء) ثمناً لشمس الحرية (الصفراء).
غدى الانسان يظلم نفسه امتلك قوة سوداء كقوة الجبال استطاع بها أن يرضي غروره ومطامعه ويغزوا العالم ويتحكم في مقدرات الشعوب المضطهدة ويحولها الي ركام ورماد، امتدت يده ليكون سبباً في كوراث إنسانية مزقت العالم وميزت بينه ودفن الحرية وحرمها أهلها كما حصل في جنوب أفريقيا في اربعينيات القرن الماضي .
لتنتهي الحرب العالمية الثانية التى تقاتل في البشر تحت أعلام و الوان مختلفة، وتظهرت حركات التحرر الوطني والتعبئة الجماهيرية من أجل نيل الحرية والاستقلال الوطني ، الي ان انقسمت الشعوب حباً في الاوطان فرفع كل ذي حزب شعاره ولون علمه معبرا عن ميوله .
_فثوريون اليساريون رفعوا اللون الأحمر الثوري
_الإصلاحيون المثاليون رفعوا اللون الأخضر
_ المنهزمون في الحرب رفعوا اللون الأبيض
_كما ورفعت الدول الاستعمارية المنتصرة الأعلام البيضاء دليلا على السلام والأمان
اما الشعوب قد رفعت في عقلها اللون الرمادي دليلا على ما دمرته الة الحرب .
لمن تكن البلدان العربية بمنأى عن ذلك لتتخلص هي الأخرى من الاستعمار تأثرت بالجماعات الخارجية واستفادة من دعمها لها في ثوراتها ضد الاستعمار لتأخذ من كل طائفة وحزب لون .
_اليساريون العرب كسابقهم في الغرب (احمر)
_الإسلاميون اللون الأخضر
_الأحزاب الغاضبة اللون الأسود
والشعب العربي بقية ايضا رمادياً اثار الركام والغبار عليه من الحرب واختلط الوان حركات التحرر.
تفرقت الشعوب بين الالوان مما حث القوميين العرب على تشكيل علم جامع يعبر عن ميولهم الرامية الي الوحدة العربية ، تكون العلم من (الأسود الغاضب، الأخضر الارض، الأحمر الدم ، الأبيض السلام ) ففشلت القومية من تجميع صفوف العرب لان الالوان وأصحابها متنافرين ومحتكرين للون الواحد (الحزب) .
اما فلسطين فبقيت ضائعة بعد سقوطها في يد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 وتنافر العرب والوانهم ، تصارعت فلسطين وحدها مع الاحتلال إسرائيلي في ظل تنافر العرب، ولكن ألا يحتاج التصارع الي وحدة .. لا ليست وحدة عربية بل وحدة فلسطينية.. ؟؟لقد تفرق الفلسطينيون بين اعلامهم والوانهم المختلفة المتنافرة واصبحوا يرفعون شعارا “حب الارض يفرقنا وكره العدو يجمعنا”
والمطلع على الاحزاب والتنظيمات الفلسطينية يتحدث بإسهاب عن الألوان والأعلام الحزبية التي طغت على العلم الفلسطيني ليُغيب عن المناسبات الجماهيرية الفلسطينية ، ويتكون العلم الفلسطيني من كل أطياف التوجه الفكري والنضالي،
(احمر ،اسود، ابيض ،اخضر).
_الأحمر الثوري هو ما يعبر عنه اليسار الفلسطيني بكل تشكيلته
_اما الأسود الدال على الحداد والغضب تحمله الجهاد الإسلامي
_الاخضر الدال على الأرض والشجر تحمله حركة حماس
_ الأبيض السلام وهو ما يقوم به الطرف السياسي في حركة (فتح) وبجانب الابيض يرفع اللون الاصفر الدال على شمس الحرية.
تعد هذه الاحزاب الكبرى الموجودة على الساحة الفلسطينية .
تفرقت الوان العلم الفلسطيني الجامع بينهما، عقب احدث الانقسام الفلسطيني عام 2007 ، لتصبح الضفة الصفراء (فتح )،غزة الخضراء (حماس) ، انساقت الجماهير وراء الفصائل الملونة ونسيت قضاياها الاساسية التي تعفرت بغبار المناكفات السياسية بين فرقاء الوان ليحمل الشعب في عقله اللوان (الرمادي ) وهو الدل على المثل الشعبي: (زي الأطرش في الزفة).سُجلت حالات اعتقال لكل من يحمل اللون(الاخضر) في الضفة الغربية ومن يحمل الون (الاصفر) في قطاع غزة يعرض نفسه للملاحقة الامنية ، تعد الراية الحزبية هي المرجع الاول لميول اعضاء الحزب كما وتعد مصدر الدعم الخارجي من حيث الانتماء للقوى الخارجية
ويتم رفعها في كل المناسبات الجماهيرية الفلسطينية _حتى في تشيع جثامين الشهداء شهداء فلسطين_ ليتم من خلالها قياس مدى تأيد الجماهير للحزب مقارنة بحزب اخرى ووجود اي لون لحزب اخر في التجمهرات الخاصة لحزب ما تعد تأييدا للحزب الداعي لتك التجمهرات في غياب العلم الفلسطيني الجامع الوحيد لكل الفرقاء ،وفي نظرة خاصة تتميز بها بعض الاحزاب تنظر الي العلم الفلسطيني على انه علم السلطة المنبثقة من اتفاقية اوسلو (العار) كما يصفون لتؤثر بذلك على جماهيرها على انه علم التخاذل والتنازل والدعي للقومية العربية المتخالف مع بعض التيارات الاسلامية ،وتم استبدال العلم فلسطين في بعض مؤسسات السلطة الفلسطينية بعد بفوز التيار الاسلامي في الانتخابات رغم معارضتهم لأوسلو . ومنذ اقل من شهر تم التصويت على رفع علم فلسطين فوق اسوار الامم المتحدة ولم يلقي العلم التأييد المطلوب من الجماهير المحزبة وكأن هذا الاستحقاق الذي دفع ثمنه ألاف الشهداء لم يكن ولا شيء قد حصل .لمن يكن الاهتمام بترتيب الصف الوطنى الفلسطينية من أولويات العمل الحزبي بل من أولوياته تريب الصف الحزبي ليصبح كل فصيل دولة داخل دولة فلسطين له علمه الخاص وسياسته الخاصة واستقلاليته المالية والعسكرية وممثليه في الخارج .
لم يكن للاحزاب اليسارية الفلسطينية وهي التى تحمل الون الثائر (الاحمر) موقف يحسب على صعيد الانقسام الفلسطيني ولكن ابت ان تقف امام الانقسام كما وقفت بلدان العالم ابان الحرب البارد (دول عدم الانحياز) احزاب عدم الانحياز وكتفت بتحميل طرفي الانقسام المسؤولية عن كل الارهاصات الانقسامية.
اما الاحزاب الغاضبة الحادة على العالم العربي والاسلامي صاحبت اللون (الأسود) وهي (الجهاد الاسلامي) التى ذاع صيتها اثر احداث الانقسام عملت عمل (الصليب الاحمر الدولي ) للجم اي صارع بين المنقسمين ووصفت الانقسام بالبغيض .
_مهما تكاثرت الغربان لن تستطيع أن تغطي نور الشمس.
غاب العلم الفلسطيني الجامع عن الأنظار لتعلو راية الحزب بتوجهها الخاصة فوق عموم الراية الفلسطينية ،
غابت مظاهر سيادة الدولة ( العلم والارض الحدود وشعب والقانون – الدستور) ، سعت اسرائيلي بكل أدواتها طمس هوية فلسطين بأخذ الارض وتصفيت الشعب وعملت بكل وسائلها من اجل انهاء اي من مظاهر السيادة الفلسطينية وها نحن بتوجهاتنا الانقسامية نحقق حلم اسرائيل بأنقسامنا نتقدم بعمره ونبعد اكثر من اي وقت عن القضية الاساسية وهي نيل الحرية و الاستقلال على اراضينا واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي كافح من اجلها الشهداء والاسرى وجرحى وتحقيق الحلم الوطني الاكبر لزعيم الفلسطيني الراحلياسر عرفات اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ووضع حجر الاساس ببنائها قائلا: “شبل من أشبالنا ، أو زهرة من زهراتنا يرفع علم فلسطين فوق أسوار القدس و كنائس القدس و مساجد القدس”،
فلم يكن يعلم يوما سننقسم وتأثر علينا الواننا واحزابنا. علينا ان نوحد انفسنا بأعلامنا لنسطتيع ذلك التأثر على عقولنا وتغير ارائنا واتجاهاتنا ونظر الي العلم الفلسطيني يرفرف في القدس فوق قبة الصخرة والمسجد الاقصى وكنسية القيامة.

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …