هادي جلو مرعي / تنتظرنا أيام سوداء، وأقصد أمة العرب بأسرها فهي تتصرف بحكامها ونخبها وكأنها سكرى تعاني الترهل والضياع وغياب الرؤية، وبينما فشلت المحاولات الكبيرة التي قامت بها دول عربية لإسقاط النظام السوري، ووقف التمدد الإيراني، ولجم حزب الله الشيعي، ووقف المجموعات الشيعية في العراق عن السيطرة على مقاليد الأمور، ومحاولات زعزعة الحكم الشيعي في بغداد، فإن الإستراتيجية الإيرانية تنجح رويدا في تحقيق ماتبتغيه من مصالح ونجاحات، وصارت الدول العربية تدافع عن وجودها في الداخل وليس على الحدود، أو بعيدا في الخارج حيث لإيران نفوذ قوي تدعمه الثقافة الدينية المشتركة مع الأقليات الشيعية في العراق والشام ودول الخليج وبعض أفريقيا وهي تمارس دورها بهدوء حينا، وبصخب في أحيان أخرى، فالحوثيون في اليمن جعلوا السعودية تخرج عن تقليديتها المعروفة في إتخاذ القرارات لتنجر الى حرب إستنزاف مع دولة ليس لديها ماتخسره، بينما يفرض حزب الله شروطه على كامل لبنان، ويتحرك وفق مايريد ويخطط له، وترتبط الحركات السنية المسلحة بإيران لجهة التمويل، أو توافق الأدلجة كما في مصر من خلال حركة حماس، أو حركة الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من بلدان، وتتوافق الحركات الأصولية السنية مع طهران في عديد المواقف من قضايا الإسلام والصراع مع إسرائيل.
اليوم تخرج الأمور عن السيطرة، وتنسحب أمريكا من المشهد بطريقة مخزية، وتترك العرب لحالهم في مواجهة قرارات تتخذها طهران، وتتناغم معها موسكو التي قررت رسميا مشاركة سلاح الجو الروسي في الحرب السورية. وأعلن وزير الخارجية لافروف عن قرار مجلس الإتحاد الروسي بإرسال قوات الى الخارج، منوها الى طلب بهذا الشأن وصل الرئاسة الروسية من دمشق، وبطلب من الرئيس الأسد شخصيا.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض في كلمة له في نيويورك المبادرة الروسية لإقامة تحالف عالمي ضد داعش في سوريا والعراق، حيث تزمع موسكو ربط الجبهتين السورية والعراقية ببعض الأمر الذي يتعارض والرغبة الأمريكية التي تم إبلاغها لرئيس الحكومة العراقية والتي تقضي بفصل الجبهة العراقية عن السورية في مواجهة خطر داعش، لكن الواضح إن رد الفعل السعودي ليس واقعيا برغم ماخسرته خلال الفترة الماضية، وماتعرضت له من ضغوط، فواشنطن توافق رسميا على إنشاء تحالف عريض، وهي تسير في الركب الروسي الإيراني بعد أن وجدت إن الواقع على الأرض يختلف عن الفرضيات التي كانت تضعها في الغالب، وأعلنت صراحة وقفها لمشروع تدريب المعارضة السورية لمقاتلة داعش والأسد، مايشير الى رضوخها للشروط الروسية التي تقضي بمشاركة الأسد في أي صفقة للحل، ولاتمانع في التعاون مع طهران وروسيا في هذا الشأن.
علينا مراقبة الطائرات الروسية وهي تحلق في الأجواء العراقية والروسية وتقصف أهدافا لداعش، وماعلى واشنطن سوى التنسيق مع موسكو لتجنب الصدام في ساحة العمليات. ملاحظة أخيرة وهامة، فواشنطن وموسكو قررتا أن تكون بغداد العاصمة التي يتم التنسيق فيها بين الطرفين في هذه الحرب.