%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A9 أوكرانيا

لماذا العالم اتحد ولم يستطع القضاء على داعش

 بقلم  د. سارة  المسعودي

سارةالدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تحدث فيها عشرات من قادة وزعماء العالم، كانت «دورة تنظيم داعش» بامتياز وبلا أي منافس.

كل القادة والزعماء والمسؤولين الكبار من مختلف دول العالم، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، الذين تحدثوا خصصوا جزءا لا يستهان به في كلماتهم للحديث عن داعش. تحدثوا عنه باعتبار انه اصبح هو الخطر الأكبر والأفظع الذي يهدد دولهم والعالم كله، ويهدد الحضارة البشرية بأسرها… وهكذا.

لو ان كائنا فضائيا اتى من خارج كوكب الأرض ولا يعرف شيئا عن عالمنا، واستمع إلى ما قاله كل هؤلاء الزعماء والقادة عن تنظيم داعش، لتصور فورا ان داعش هذا يملك بين يديه مقادير البشرية كلها، وبمقدوره ان يحدد مصير كل دول العالم بلا استثناء، وان لديه من القدرات والإمكانيات الخرافية التي لا يملكها احد وتمكنه من حكم العالم لو أراد.

لن يخطر ابدا ببال هذا الكائن الفضائي ان تنظيم داعش هذا ليس في نهاية المطاف سوى تنظيم ارهابي، ينخرط في صفوفه في احسن التقديرات بضع عشرات الآلاف من المقاتلين.

لن يخطر بباله ان قوة هذا التنظيم التسليحية والبشرية وما يملكه من قدرات لا تصل في نهاية المطاف وفي احسن التقديرات إلى قدرة اصغر دولة من دول العالم التي تحدثت عنه على هذا النحو.

ما هي الحكاية اذن؟.. لماذا تريد كل هذه الدول ان تصور داعش على هذا النحو، وان تضفي عليه كل هذه القدرات الخرافية وكل هذا النفوذ والتأثير؟

كما نعلم، كل الدول الغربية بالذات، وغيرها من الدول ايضا، لديهم مبررات يقدمونها للحديث عن داعش وتصوير خطره على هذا النحو.

والمبررات التي يقدمونها لها من دون شك قدر من الوجاهة. هم يقولون مثلا ان هناك اعدادا من مواطنيهم، الشباب خصوصا ينضمون إلى صفوف التنظيم الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا. وهم يقولون مثلا ان التنظيم من الممكن في أي وقت ان يفكر في تنفيذ عمليات ارهابية على اراضيهم… وهكذا.

وهذا صحيح بلا شك. لكن المؤكد ان الأمر لا يصل إلى هذا الحد من التهويل الرهيب ومن تصوير التنظيم كما لو كان يملك كل هذه القدرات الخرافية.

مرة اخرى، ما هي الحكاية اذن؟

الحكاية ببساطة شديدة ان تنظيم داعش الذي يتحدث عنه هؤلاء بكل هذا الخطر الرهيب الذي يمثله للعالم وبكل هذه القدرات والامكانيات التي يصورونها، ليس هو داعش كما هو موجود على ارض الواقع، لكنه داعش الذي يريدونه ان يكون. هم يريدون تصوير داعش على هذا النحو تحديدا.

لماذا؟

لأن تنظيم داعش اصبح هو منقذ الجميع.. اصبح كما الهدية التي هبطت من السماء على الدول الكبرى والدول الإقليمية، وخصوصا الدول التي لديها اجندات استعمارية طائفية في منطقتنا، ولديها اطماع في دولنا العربية.

نتحدث تحديدا عن أمريكا والدول الغربية معها، وعن إيران وتركيا ايضا.

هذه الدول لديها كما نعلم استراتيجيات ومخططات استعمارية طائفية تستهدف المنطقة العربية، وابعادها بات الكل يعلمها.

مع الاختلاف بين هذه الدول من حيث اهدافها وأطماعها في المنطقة العربية، إلا انها تلتقي جميعا عند هدف السعي إلى تمزيق الأمة العربية، والقضاء على أي قوة للدول العربية، واغراقها في الفوضى الطائفية، وذلك سعيا للهيمنة على مقدراتها.

بالنسبة إلى هذه الدول، يعتبر تنظيم داعش بالقدرات الخرافية التي يحاولون نسبتها إليه ذريعة كافية للمضي قدما في مخططاتها وفي محاولة تبرير اهدافها وغاياتها الاستعمارية القبيحة، ويعتبر اداة مثالية لمحاولة تحقيق هذه الأهداف.

وهذا امر بحاجة إلى تفصيل اكبر في حديث آخر.

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …