هادي جلو مرعي / لم ينتصر الإسلام بل هزم شر هزيمة في مواجهة العادات والتقاليد والأعراف والخرافات والأساطير والأطماع في بيئة تحداها فقهرته، فعاد غريبا كما وصفه النبي الذي جاء به. النبع في الصحراء لايصمد طويلا وسرعان ماسيجف ولايعود له من أثر. العرب أبناء الصحراء والبيئات الجافة المتصلبة مثل حجر الصوان، وبعقول مثل أغصان الشجر المتيبس، حولوا الإسلام الى وسيلة للملك والنفوذ والهيمنة لكنهم سرعان ماإنكفأوا وعادوا من جديد يبحثون عن تاريخ ووجود وصاروا يجترون الماضي ليتفاخروا به، متجاهلين إن الأغنام حين تبتلع الطعام لاتهضمه أولا، بل تخزنه في جوفها، ثم حين تنام في الليل تجتر منه وتعيد مضغه. التاريخ ليس مفيدا على الدوام، وماتصنعه اليوم وتبدعه وماتحضره للغد وتتحدى به الحياة والمنافسين هو المهم لأنه سيقويك، بينما التاريخ والأمجاد التي تجترها مثل الأغنام فلن يكون مجديا لأنه يسليك، لكنه لايعطيك ماتمسكه بيدك.
تصرف العرب مع الإسلام في أول ظهوره كما نتصرف معه نحن الأخلاف، ولم يتغير شيء فالصورة واحدة، كانت الثروات التي جمعت بإسم الدين ونشره في مناطق من أفريقيا وآسيا هائلة، ولم يلتفت الحكام ومن كان معهم من جنود ووزراء وسراق وقطاع طرق الى أهمية التركيز على العلوم الدينية وترسيخ مفاهيم الإسلام الحقة، وكان الهدف هو السيطرة على الموارد كما يفعل الأمريكيون والغربيون عموما اليوم أو في أيام الإحتلالات القديمة. ونجد العديد من البلدان التي نشر الإسلام فيها بالقوة بينما نهبت ثرواتها وسبيت نساؤها بطريقة مشابهة لماتفعله داعش في هذه المرحلة لم تحتفظ بتعاليم الإسلام الحقة، بل هي مسلمة إسما وحسب ولاأثر في الحقيقة لها على السلوك الفردي، وربما شط بعض أبناء تلك البلدان ليتحولوا الى قتلة ومجرمين وإرهابيين كما هم اليوم في آسيا وأفريقيا.
إنتقلت العادات السيئة من نهب وغزوات وسبي للنساء وقتل لهن بدم بارد وقطع الرؤوس ونهب للأموال والحيوانات وحرق الزروع وهي عادات العرب في الجاهلية الى الإسلام، وتم طبع الفكر الإسلامي بطابع القتل الترهيب والنفوذ والسيطرة وإنعدام الرحمة والفرقة بين المسلمين وتركيز العداء لأتباع الديانات والمذاهب الأخرى، بينما يتحول العربي الى إرهابي في البلدان التي ينتقل للعيش فيها، أو الهجرة إليها ويقوم بقتل الناس ويعتنق الأفكار الدينية المتطرفة فلايعبأ بالبلد الذي إحتضنه وعلمه ومنحه الجنسية والعمل والحياة والضمانات الإجتماعية ولايستطيع أن يبدع سوى في تطبيق التعاليم الدينية البالية الموروثة من سلوكيات القبائل البدوية في الصحراء العربية أيام الجاهلية.
الإسلام يعود غريبا لاأحد يهتم به كثيرا، فمنهم من يستخدمه، ومنهم من يحاربه، ومنهم من يشوهه بالطريقة التي تناسبه، بينما الفقراء والمحرومون يتوسلون بدين شبه تائه في صحراء لاظل فيها، ولاغيمة في سمائها، ولا من نبع يتدفق من موتها…