بقلم فارس مصبح…
لم يعد مهما الحديث عن الاسباب التي دفعت الاطراف المتخاصمه للجلوس على طاولة الحوار.
.ولم يعد مجديا الخوض في تفاصيل الازمه الداخليه والمتغيرات الاقليميه والدوليه التي القت ولا زالت بظلالها على اجواء المصالحه..فهذا امر يعقله ويدركه ذوي الشان والاختصاص تماما كما يفهمه عموم الناس..
..مايهمنا ان قطار المصالحه قد انطلق واننا لا نملك رفاهية ارتهان مستقبل المشروع الوطني التحرري بحالة العجز وانعدام ادوات القوه الدافعه او الاستنتاجات والقراءات المفرطه في التخويف من حقول الالغام والاشواك التي يحلوا للبعض تخيلها في التفاصيل ..
نعم لكل مصالحه واعتباراته لكن الاهم ان نعي ان اي توافق او مصالحه فلسطينيه يجب ان تكون انتصارا لفلسطين وليس لطرف على اخر.مع اهمية التاكيد ان حالة الانقسام هي شان وطني يهم كل الفصائل والقوى والمثقفين والنخب كما يهم عوام الناس، وان عوامل القوه الدافعه هي اكبر بكثير من تلك المتاهات التي يدعي البعض انها تكمن في التفاصيل، وفي مقدمتها حالة التوافق المعلنه لدى جميع الاطراف التي تخاصمت وتناحرت لسنوات طوال..
فثمة لاشك اننا امام حاله معقده ومتشابكه تزداد توترا وتعقيدا كلما ادلى مسؤول او طرف بعينه بدلوه، فالارهاب الموجه الذي يستهدف ارواح الابرياء في سيناء وعلى خط التماس مع مصر الشقيقه يستهدف جهود المصالحه اولا واخير.
.والموقف الاسرائيلي الاخير الذي يحاول ان يفرض شروطه على المتحاورين، وبعض الاصوات والتصريحات الغير مسؤوله لبعض الرسمين من كلا الطرفين، والتي تحاول ان تضع العصي في دواليب قاطرة المصالحه، تتقاطع عند هدف واحد واجنده يفهمها القاصي والداني؛تماما كمحاولة البعض النظر الى النصف الفارغ من الكأس، بالتخويف من العقبات والاشواك والالغام التي زرعتها سنوات الانقسام الطويله ..
ما نحتاجه في هذا الاطار هو تحصين المصالحه كضروره وطنيه ملحه والبحث عن اسباب وعوامل استمرارها ونجاحها باشراك الكل الوطني، فصائل وتنظيمات، واحزاب وقوى ونخب، ومثقفين، في حوار وطني جامع يبحث في الحلول ويقدم التصورات لكافة الاشكالات المتعلقه بحياة المواطنين بالتزامن مع البحث عن الحلول التوافقيه ازاء كل القضايا الاشكاليه المطروحه ورفدها بحاله من الاسناد الشعبي الدافع لعجلة المصالحه والمراقب لها.
ولتحقيق ذلك فان اولى القضايا الملحه امام المتحاورين هي مواجهة تلك الحقائق المره والواقع المؤسف الذي لا يقوى احد على انكاره اونفيه ،والذي شكل ولا زال صفحه قاتمه في سوادها، ومخيفه في حقيقتها وتداعياتها، ومحزنه في مظاهرها واشكالها ،والمقلقه في عمقها وانتشارها ،تلك التداعيات والاشكالات الاجتماعيه والاقتصاديه السيئه التي شكلت حاله من الفقر، والجوع ،والحاجه وضيق ذات اليد اصابت كل قطاعات شعبنا الفلسطيني المحاصر ظلما في قطاع غزه ،من طلاب، وعمال، وموظفين واصحاب حرف، ارتدت علينا بحوادث الانتحار، والسرقه وحالات من الاكتئاب النفسي والانطواء، وجنوح العديد من الشباب الى تعاطي المخدرات والمسكنات، التي تقتل الهمم وتعطل القدرات وتزيف العقول وتولد التطرف والعنف.
. لذلك فان اولى القضايا الملحه امام المتحاورين والتي من شانها تحصين المصالحه هي:
اولا….. تشكيل حكومه خدميه لا سياسيه…حكومه كوادر وطاقات اكاديميه قادره على كسب احترام وتاييد بسطاء الناس وعامتهم الذين لا تعنيهم اعتبارات المتخاصمين ولا دوائر علاقاتهم العامه، هم ينتظرون حلولا ومبادرات خلاقه لكل مشاكلهم التي تسببت بها خصومتهم من كوارث من موقع مسؤوليتهم المباشره عن ما ألت اليه الامور على كل الصعد والاتجاهات…حكومه تجعل الخير كل الخير ،في التفاصيل التي تبدع في ايجاد الحلول الخلاقه لكل ازمات القطاع من ماء وكهرباء ودواء ومعابر وسفر وممرات تجاريه وموانئ …
ثانيا…التوازي في معالجة القضايا العالقه فالحكومه تنشغل بتوفير والموارد والحلول والقوى، والتنظيمات تطلق العنان لجهود اعادة بناء منظمة التحرير لذاتها وتفعيل مؤسساتها وصولا الى التوافق على برنامج تحرري يواجهه التحديات ويؤسس لمرحله جديده من المواجهه السياسيه والكفاحيه على كافة الصعد والجبهات ،ويقطع الطريق على كل الرهانات الاقليميه والدوليه التي تحاول ان تجير المصالحه لصالح اجندات ومشاريع تصفويه، وتضع حدا لمشاريع الاستفراد في الضفه عبر محاولة عزلها عن خاصرتها لتمرير مشاريع شرعنة الاستيطان والتهويد وعزل القدس عن اية تسويات قادمه، عبر فرض سياسة الامر الواقع بمجموعه من الاجراءات التي من شانها خلق حاله من التقطيع لاوصال الضفه وعزلها عن محيطها ..
ثالثا…اجراء مراجعات داخليه تطال كل القوى والفصائل والتنظيمات وتجديد شرعياتها واعادة ترتيب البيت الفتحاوي باعتباره استحقاقا وضروره وطنيه بعيدا عن اية مناكفات داخليه واجندات شخصيه
.واستغلال الحاله الثوريه والتجديديه التي شكلها تيار الاصلاح الديموقراطي بقيادة النائب محمد دحلان ورفاقه بما لهم من حضور اقليمي ودولي وحاضنه شعبيه لا يستهان بها ولما تشكله فتح موحده من دور في ريادة العمل الكفاحي التحرري ..والبناء على ماتم تحقيقه من انجازات داخليه على صعيد المصالحه المجتمعيه والدور البارز الذي لعبه التيار الاصلاحي في استعادة دور مصر عاى صعيد القضيه الفلسطينبه برمتها..
رابعا…. دعوة المجلس التشريعي للانعقاد بشكل عاجل للنظر بكافة الاجراءات الاستثنائيه والقررات بمرسوم التي لجأ اليها رئيس السلطه كاجراءات كان من شانها المساس بحياة المواطنين المعيشيه وحقوقهم التي كفلها القانون .والدستور واعادة النظر فيها .والتراجع عنها باعتبارها غير دستوريه، والدعوه لاجراء الانتخابات البرلمانيه والرئاسيه والمحليه …
خامسا… تشكيل مجلس حكماء من القيادات الاكاديميه والسياسيه في كافة المجالات و التخصصات الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه وتفعيل دور الاطر النقابيه والمجالس الشبابيه ومؤسسات المجتمع المدني لتكون حاضنه ورافده ومراقبه لاداء المتحاورين وتجريم الخوض في القضايا الخلافيه العالقه من قبل المسؤولين الرسمين لدى وسائل الاعلام المختلفه والاتفاق على خطاب اعلامي موحد وتوسيع دائرة المشاركه الشعبيه في دعم جهود المصالحه المجتمعيه واطلاق الحريات العامه والتوقف عن الاجراءات الاحاديه واطلاق صراح المعتقلين السياسين من قبل الطرفين وتخفيف حدة التوتر واستقطاب عامة الناس وتوجيه بوصلة الحراك السلمي والشعبي في مواجهة تعديات وممارسات المحتل وقطعان مستوطنيه، في الضفه والقدس .،وتنشيط الحراك الدبلوماسي في فضح جرائم الاحتلال ..كلها اجراءات من شانها تحصين المصالحه والدفع بالمتحاورين لانجازها وتعبيد الطريق لانطلاق قافلتها نحو تحقيق الوحده المجتمعيه والسياسيه..
سادسا.واخيرا.. لابد من العمل على
-
تجاوز القضايا الصغيرة بما يخدم التحديات الكبرى التي تواجه مشروعنا الوطني التحرري.
لابد أن يدرك المواطن الفلسطيني مخاطر المرحلة فتعزيز الثقافة الوطنية مسألة بالغة الأهمية في تحصين جبهتنا الداخلية من خلال
ضبط الخطاب الإعلامي وشرعنة قوانين متوافق عليها لمنع التوتير وإثارة النعرات والتكفير والتخوين، من أجل تعزيز ثقافة مدنية لدى الاجيال لترسيخ وتعزيز مبادئ الديمقراطية والشراكة والتداول السلمي للسطلة وسيادة القانون.
-
نعم، ما حصل بالقاهرة فرصة لتوحيد الوطن والتفكير في سبل النهوض بالمشروع الوطني، فينبغي استثمارها والعمل على تحصينها من أيدي العابثين وهذه بلا ادنى شك مسؤولية الجميع