كتب د.خليل عزيمة ..الشركات الخاصة في أوكرانيا واختبار التحديات
10 أبريل, 2020
الأخبار, أخبار أوكرانيا, مال و اعمال, مقالات
تعيش الآن أوكرانيا، كما الكثير من الدول، في حالة الحجر الصحي القاسي وذلك بسبب انتشار وباء الفيروس التاجي (كورونا). وتحتاج الشركات إلى التكيف مع الظروف المعيشية الجديدة. مع أن مجال الأعمال في أوكرانيا مازال حديثاً إلا أنه بدا خلال الفترة الماضية على الأقل أنه محصن من ظاهرة الأزمات. فيما تعد جائحة الفيروس كورونا والحجر الصحي الشامل هو اختبار جديد غير مسبوق حتى بالنسبة للشركات القوية في التخطيط للعمل المستمر، أو استمرارية العمل، وأيضًا الخبرة التي ستكتسبها هذه الشركات لتصبح أقوى. ويجب أن يتبع التخطيط، الذي تتمثل مهمته الرئيسية في دعم العمليات التجارية عن بُعد، قواعد تنظيمية والتي تؤدي إلى إنقاذ الشركات.
رأيت في هذه المقالة ضرورة تسليط الضوء على العلاقة بين أرباب العمل والموظفين في زمن الكورونا والحجر الصحي في حدود القانون الأوكراني الخاص بقطاع الأعمال، نظرا لوجود شركات خاصة كثيرة في أوكرانيا، بما فيها الشركات العربية. فكيف يجب أن تكون هذه العلاقة؟ وكيف يمكن الاستمرار بالعمل لما فيه فائدة لأرباب العمل وللموظفين مع الأخذ بالاعتبار الناحية الأخلاقية في هذه الظروف الصعبة؟
إن الحجر الصحي هو اختبار مرونة صاحب العمل. وعلينا أن نوازن بين مصالح الأعمال وحقوق العمل، واستقرار العمل وإنفاذ القوانين، التي تتغير الآن في كثير من الأحيان. تعتبر المسؤوليات المعتادة لأرباب العمل أثناء الحجر الصحي لها معنى جديد. على سبيل المثال، ضمان ظروف عمل آمنة وغير ضارة للحماية من الفيروسات ويعني هذا النظافة المكثفة في مكان العمل، وتنظيف الأسطح، ومعدات التعقيم، ومعدات الحماية الشخصية. ويجب مواصلة الفحوصات الطبية للعاملين الذين يستمرون بالعمل، ويجب فصل الأشخاص الذين يرفضون ذلك، وفقاً للقوانين الأوكرانية التي تنظم أعمال الشركات.
وأيضاً على الموظفين التعاون مع صاحب العمل في تنظيم ظروف عمل آمنة وغير ضارة، لرعاية صحتهم وصحة زملائهم، والمشاركة في تنفيذ التدابير الصحية ومكافحة الوباء، وإجراء فحوصات طبية إلزامية. وسيساهم العمال في السلامة من خلال إتباع توصيات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الأوكرانية والهيئات والمنظمات المعنية (غسل اليدين، المسافة، العلاج الطبي، وما إلى ذلك)، بالإضافة إلى الإبلاغ عن المرض في حالة إصابة أحد العاملين.
أما في ما يتعلق بسياسة العمل، فقد أضاف القانون الأوكراني رقم 540 أداتين جديدتين في ظل الحجر الصحي وهما: ساعات العمل المرنة والعمل عن بعد. في وضع العمل المرن، يستوفي الموظف معيار وقت العمل. يقرر متى العمل ومتى يجب تناول الغداء ويحدد بنفسه مواعيد وساعات العمل. فيما تم تعريف العمل عن بعد: بأنه يتم تنفيذه من قبل موظف في مكان إقامته أو في أي مكان آخر يختاره، بما في ذلك استخدام تقنيات تكنولوجيا المعلومات، ولكن خارج مباني صاحب العمل. وبالتالي، تمت إضافة محتوى جديد إلى التزام صاحب العمل بتزويد الموظف بالأدوات اللازمة. وتشمل هذه الأدوات الآن أيضًا البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في المؤسسة وذلك لتلبية الاحتياجات التقنية للعاملين عن بُعد.
ويجب تبادل الوثائق إلكترونيا، يمكن مسح أو تصوير الطلب أو العقد المكتوب بخط اليد أو توقيعه، ويمكن الحصول على تأكيد الطلبات من بريد إلكتروني عامل (قد يكون التعريف على شبكة الشركة أكثر من التوقيع المكتوب بخط اليد). ويمكن تأكيد الترتيبات والقواعد الجديدة من خلال الفيديو أو الإجراءات الأخرى (مع الاستنساخ الإلزامي لجميع الحقائق القانونية على الورق كلما أمكن ذلك). إن أوامر وزارة العدل بشأن حفظ الدفاتر والأرشفة لا تسمح لنا حتى الآن بالانفصال التام عن ورقة الموظفين، ولكن مع إضفاء الطابع الرسمي الواضح والإبداعي على الإجراءات البعيدة الجديدة، كل شيء ممكن.
يجب الترحيب بأي خطوات تتخذها الدولة لدعم الأعمال في الوقت الحالي، ونلاحظ سرعتها، فقد تم اتخاذ القرارات اللازمة وتنفيذها في غضون أيام وحتى ساعات. وإن غياب بعض الإصلاحات من بين تلك التي كانت تنتظر قطاع العمل منذ سنوات وحتى عقود، ستكون هذه الإصلاحات ملحوظة بشكل خاص تحت الحجر الصحي. لقد قدمت القوانين المعتمدة بعض التخفيف في الضرائب والمراجعة والعلاقات الإدارية والتوظيفية والعلاقات التعاقدية. وتبدو التغييرات مفيدة، لكنها في الواقع مجزأة وغير كافية. كما يجب على الدولة تطوير خطة شاملة من الإجراءات لرقمنة الاقتصاد وتعزيز تدفق المستندات الإلكترونية في جميع العلاقات القانونية الممكنة.
نأمل أن تحقق هذه الأزمة الفريدة، التي نقلتنا جميعًا مؤقتًا إلى العالم الافتراضي، وأن تطلق العديد من العمليات التحويلية في الدولة وفي مجال الأعمال، مما يجعلها أكثر مرونة في مواجهة مشكلات العالم المادي. ونأمل أيضًا أن يستقر الوضع في وقت أقرب وتنفيذ جميع الإجراءات والتحولات الضرورية لمكافحة الفيروسات، والتي ستؤدي إلى تحسين بيئة عمل الشركات الخاصة في أوكرانيا.
الدكتور خليل عزيمة – باحث وأكاديمي