كتب د.خليل عزيمة..التطبيع حلم اسرائيلي هل يتحقق؟
12 سبتمبر, 2017
مقالات, الأخبار, ملفات خاصة
بعد أن تم خلط الاوراق حول مصير الشرق الأوسط، يطفو إلى السطح سؤال حول أهمية التطبيع مع “إسرائيل”. هل التطبيع ثمن استقرار الدول العربية؟ أم أن التطبيع سيطيح بالنظام العربي؟ وكيف ستتعامل الشعوب العربية مع التطبيع؟
لقد كان التطبيع من الاحلام الاسرائيلية التي عملت عليها سنين طويلة، وما يجري الآن من أحداث في المنطقة يصب في مصلحة “إسرائيل” أولاً وأخراً لأن التطبيع هو الضمان الرئيسي والأساسي لبقاء “إسرائيل” في المنطقة. فقد لاحظ حتى المواطن العربي البسيط تغير لهجة العداء لـ “إسرائيل” من قبل الإعلام العربي، بل وأبعد من ذلك غياب الحديث عن القضية الفلسطينية بشكل كامل. فلا قضية القدس والأقصى موجودة ولا قضية اللاجئين والدولة والحدود ….. اللهم أحياناً يتم التعرض للقضية الفلسطينية واختزالها على شكل قضية معابر إنسانية وخلافات فلسطينية – فلسطينية وما يعود بذلك على جعل “إسرائيل” قلقة من الوضع.
إن ما يجري في المنطقة العربية، وبعيداً عن نظرية المؤامرة، جد خطير يمهد لإعادة تشكيل الخارطة العربية وتبلورها بشكل مختلف وظهور محميات لدول إقليمية بما فيها “إسرائيل”. التي كانت دائما ذات تطمح إلى الهيمنة والتوسع، ولكن هذه المرة ليس بالمفهوم العسكري والاستيطاني وإنما بالمفهوم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي (التطبيع). حيث تبدي “إسرائيل” قلقها على العرب من خطر السيطرة “العثمانية” و “الفارسية” عليهم، ومن هنا دخلت “إسرائيل” على خط اللعبة الاقليمية فيما يتعلق بالفوضى الخلاقة والشرق أوسط جديد لإحداث “توازنات” في المنطقة أو المشاركة في تقاسم ما تبقى من الكعكة. تعلم “إسرائيل” أن أي تدخل عسكري مباشر في المنطقة سيكون مرفوضا على الأقل شعبيا، لذلك ستدخل الفضاء العربي من خلال التطبيع. وبما أن ذلك مرفوضا شعبيا إلى حد كبير كان لا بد من اشعال المنطقة بحروب اهلية وطائفية وإشغال الشارع العربي بأن عدوه الأساسي هو السيطرة “العثمانية” و “الفارسية” عليهم مستغلة الخلافات المذهبية والطائفية التي عملت سنين طويلة على تعزيزها وإثارتها، ليزيد ذلك من انقسام الشارع العربي بين مؤيد لهذا أو لذاك. ودخلت “إسرائيل” من خلال هذا إلى الساحة العربية ليصبح الآن الحديث عن العلاقات مع “إسرائيل” من المتطلبات الضرورية.
إن الخاسر الأكبر في المرحلة المقبلة هم الفلسطينيين وقضيتهم، والتي أضحت منسية وخاصة حسب الرؤيا الأمريكية الجديد للسلام والمعتمدة على تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وبين دول عربية وإسلامية، أولا، وحل القضية الفلسطينية في المرحلة التالية. وما يجري الآن في المنطقة ما هو إلا طبخة على نارِ هادئة يبدأ بالتطبيع مع “إسرائيل” وتحويل بعض الدول العربية أجزاء من محميات اقليمية وإنهاء القضية الفلسطينية ضمن هذه المحميات وخاصة بعد أن تم التخلص من أكثر بنود المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية تعقيداً، وهي مشكلة اللاجئين (على حسب ما يعتقدون). حيث نتيجة الحرب في العراق والأزمة السورية تم اعادة توطين جزء كبير من اللاجئين من خلال الهجرة. وأما بالنسبة للقدس فإن التصريحات الاخيرة تصب في اتجاه تقاسم المدينة المقدسة وبالتالي أصبح من السهل حل القضية الفلسطينية وفقاً للرؤيا الإسرائيلية. وباعتقادي سنرى قريباً تباهي بإقامة العلاقات مع “إسرائيل” والعمل على التطبيع ويمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك. فماذا سيكون موقف الشارع العربي الذي أساسا يعاني من التهميش وغارقاً في الفقر ومشكلة تأمين حاجياته المعيشية.