خالد
د.خالد العزي

 كتب د.خالد العزي.. المعارضة الصربية تلوح بميدان جديد

لاتزال الخلافات  مسيطرة على المشهد الصربي  الذي بات اقرب الى الانفجار  بين المعارضة والرئيس الذي اتهم بالتزوير والانجرار وراء روسيا لتعطيل  توجهات الاتحاد الأوروبي وادخله في نزاعات اثنية  مساندة للتوجهات الروسية ، وكان الرئيس الصربي يعمل على احياء التطرف الشرقي في اوروبا الشرقية والبلقان  من خلال توجهات روسية واضحة لزعزعة وشق صفوف  الاتحاد وفتح جبهات  حربية في داخل دول الاتحاد ، وخاصة بعد الانتخابات المبكرة التي حدث في صربيا حيث بات الجمر تحت الرماد ويهدد بالانفجار الداخلي،  بعدما اتهما رئيس صربيا ورئيس الوزراء المعارضة بمحاولة الإستيلاء على السلطة في صربيا . بحسب تقارير تنشرها صحيفة كوميرسانت الروسية وفقا لمرسلها في البلقان. حيث يتوقف المراسل في  تقريره بتاريخ 25 كانون الأول /ديسمبر  ليشير “بأن المظاهرات تتصاعد  في ليلة الميلاد الغربية والميدان يلوح  في الأفق في بلغراد”. فبعد أسبوع من بدء احتجاجات المعارضة الصربية، التي تتهم السلطات بتزوير نتائج انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول، وتطالب بإجراء انتخابات جديدة . اتخذت المعارضة الصربية موقفاً متطرفاً بشكل حاد. وأسفرت الاحتجاجات عن اشتباكات عنيفة مع الشرطة واعتقالات. وأكد رئيس صربيا ورئيس وزرائها أنه “لن يكون هناك ميدان في صربيا”. ووعد زعماء المعارضة بعدم الانحراف عن أهدافهم “مهما كان الثمن”.

الحصار والإعتداء

لقد حدث تصعيد حاد للأوضاع في بلغراد خلال الاحتجاج السابع للمعارضة، الذي يخرج أنصارها إلى الشوارع كل مساء منذ الأسبوع الماضي. متهمين السلطات بـ”سرقة انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول” والمطالبة بإجراء انتخابات جديدة. وانتهت الانتخابات خلافًا لكل التوقعات، بانتصار ساحق للحزب التقدمي الصربي الحاكم  الذي يتزعمه الرئيس ألكسندر فوتشيتش. والذي سيطر على برلمان البلاد وكان متقدما على المعارضين حتى في العاصمة. حيث كان من المتوقع أن تحصل المعارضة على فوز لا منازع فيه. فإذا كانت الاحتجاجات قد استمرت حتى الاسبوع الماضي  بشكل سلمي نسبيًا واقتصرت على حصار مبنى اللجنة التنفيذية المركزية للحزب الجمهوري، فضلاً عن إضراب العديد من زعماء المعارضة عن الطعام، فقد تحولوا إلى التطرف بشكل حاد في مساء يوم 24 ديسمبر ليلة عيد  الميلاد الغربية . لقد انتقلت بؤرة الاحتجاج الأحد إلى مبنى برلمان العاصمة , الواقع على مسافة غير بعيدة من لجنة الانتخابات المركزية.  حيث كان نواب المعارضة يعتزمون الدخول بالترتيب، كما أعلنوا، “لإعلان الفوز في الانتخابات في بلغراد من العاصمة”. لكن هذه المخططات تم إحباطها من قبل قوات الشرطة والدرك، التي سبق أن أغلقت مدخل مجلس المدينة من الداخل. وبدأ حشد من الآف الغاضبين يرددون شعارات مناهضة للحكومة . ثم بدأت مجموعة من الشباب الملثمين في إلقاء الحجارة والزجاجات على المبنى. مما أدى إلى تحطيم النوافذ والأبواب, وردت الشرطة بالغاز المسيل للدموع. المواجهة التي استمرت على هذا النحو لعدة ساعات، والتي رافقتها دعوات دورية من المتظاهرين لـ”تحرير” مبنى الإدارة الرئاسية القريب، انتهت قرب منتصف الليل باعتداء على  الشرطة. بعدها قامت وحدات الشرطة والدرك الخاصة، التي تستخدم الهراوات وغيرها من المعدات الخاصة بنشاط، في أقل من ساعة بدفع المتظاهرين بعيدًا عن اجتماع المدينة، ثم أخرجتهم بالكامل من المنطقة الواقعة في وسط بلغراد، حيث تقع المباني الإدارية وبعد ذلك أخذوه إلى حلقة ضيقة. وأسفرت الاشتباكات التي استمرت ساعات طويلة عن إصابة ثمانية من عناصر الشرطة (بحسب وزارة الداخلية) والعديد من المتظاهرين (بحسب المعارضة). وتم اعتقال أكثر من 30 متظاهراً.

الازمة الصربية في السجال الروسي الغربي.

تتهم روسيا الغرب بالسعي إلى زعزعة استقرارالوضع في صربيا. حيث يهاجم متظاهرون يعترضون على نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة مبنى بلدية بلغراد، في اليوم السابق. كما ذكرت وكالة الأنباء الروسية “ريا نوفوستي” بتاريخ 25 كانون الأول / ديسمبر بأن المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا  بقولها بانه من الواضح أن الغرب يسعى إلى زعزعة استقرار الوضع في البلاد”. مشبّهة التظاهرات في صربيا بتلك التي شهد تها كييف وأدت لوصول مُوالين للغرب إلى السلطة في أوكرانيا مطلع 2014. وعلى  الجانب الآخر لقد أثار التصويت، الذي أُجريَ في 17 ديسمبر انتقادات واسعة، بعدما أدان فريق من المراقبين الدوليين، بما في ذلك ممثلو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، سلسلة من “المخالفات”، بينها “شراء أصوات”، و”حشو صناديق الإقتراع بالأصوات”  ولم يقتصر الامر على ذلك بل اعلن العديد من السياسيين الأوروبيين  بأن روسيا تحاول استخدام صربيا  لفتح بؤرة صراع جديدة في البلقان لتلهي الدول الغربية  واشغالها بهذه الجبهة الجدية  للإبتعاد عما يحدث في أوكرانيا ومنع الغرب من تقديم  مساعدات مالية ولوجستية وعسكرية لكييف ليتسنى لروسيا إبعاد الغرب عن توجهاتها .وتشدد وسائل الإعلام الغربية بأن هناك تدخل واضح من قبل المخابرات الروسية التي تدير عملية  الانتخابات لمنع المعارضة من السيطرة وتغيير نظام الحكم الموالي لروسيا في صربيا. ولإظهار قوة روسيا التي يمكنها التلاعب بمصير الاتحاد الأوروبي من خلال خلق أحلاف لروسيا  واشتعال جبهات متنقلة في عقر دار الاتحاد الأوروبي.

ثلاث خطابات رئاسية

خاطب الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الأمة ثلاث مرات يوم 24 ديسمبر ( في الصباح  وبعد الظهر، وحتى قبل بدء الاحتجاج . وأعلن أنه لن تكون هناك مراجعة لنتائج انتخابات 17 ديسمبر، لأنها حسب قوله، كانت شفافة تماما وكان فوز الحزب الموالي للرئيس واضحًا . ولم يسمح الرئيس بإجراء تصويت جديد في بلغراد إلا إذا فشل الحزب الموالي للرئيس في تشكيل ائتلاف حاكم هناك، وهو أمر غير مرجح. وبعد بدء الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، وجه ألكسندر فوتشيتش نداء جديدا، مؤكدا للأمة أنه “لن تكون هناك ثورة ولن ينجحوا”. وبحسب حسابات الرئيس فإن 2490 شخصاً شاركوا في احتجاج المعارضة، وتجمع 1195 منهم في برلمان المدينة”. وأكد أن “الدولة لديها القوة الكافية للدفاع عن الديمقراطية وإرادة المواطنين وصربيا وبلغراد”. وخاطب الرئيس الأمة للمرة الثالثة قرب منتصف الليل بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي . وقال ألكسندر فوتشيتش “اليوم كانت هناك محاولة للاستيلاء بالقوة على مؤسسات الدولة في صربيا. كل شيء كان مخططاً له مسبقاً، ولدينا أدلة قوية على ذلك”. ويتبع ذلك رد فعل الدولة وستستمر الاعتقالات. وشكر الرئيس الصربي في أحد خطاباته “أجهزة المخابرات الأجنبية التي أبلغت عما يجري الإعداد له”. وشرحت رئيسة الوزراء آنا برنابيتش كلمات الرئيس . وفي نفس المساء أعلنت مباشرة أن “البيانات تم توفيرها من قبل جهاز الأمن الروسي”. وبعد ذلك أكد رئيس الوزراء: “لن يكون هناك ميدان في صربيا”. وأصدر زعماء المعارضة الصربية بيانا اتهموا فيه “نظام ألكسندر فوتشيتش بإظهار وجهه الحقيقي كمغتصب من خلال عدم السماح للنواب بالدخول للبرلمان ويرسلون مثيري الشغب لإثارة الأحداث”. ووعدوا بأنهم لن ينحرفوا عن أهدافهم “مهما كلف الأمر”. اذا الخطابات التي حاول أن يرسلها الرئيس الصربي للمحتجين  تعبر بالدرجة الأولى عن رسالة للغرب بانها لن يسمح بفتح ميدان اعتراضي  يؤدي  الى  إخراجه من السلطة . لان إعادة الانتخابات بالطبع ستؤدي إلى التغيير الواضح ،والنقطة  الثانية هي تعبير عن الارتباك الذي تعيشه  بلغراد في التعامل مع  التوجهات الغربية  من خلال استخدام الامن والشرطة والجيش . وبنفس الوقت بان التعبير  عن القمع الذي تم استخدامه  بوجه المتظاهرين  هو توجه روسي واضح بقمع أي احتجاج  يؤدي الى تغيير في نظام الحكم . لان التجارب الروسية اليمة مع الثورات الشعبية  وكذلك  الطرق  التي تستخدم في القمع .

هل اتخذ القرار بتغيير نظام صربيا 

كما يبدو بان الاتحاد الأوروبي  قد سئموا من تصرفات  النظام الصربي  وممارسته التي تحاول تعكير الاجواء الاوروبية بطريقة استفزازية في كوسوفو وتنفيذ اجندة  روسيا  الهادفة لتخريب الوحدة الاوروبية  وابقاء التوتر في منطقة البلقان .لكن لابد من القول هو نفسه الحزب الحاكم في صربيا كان يحكم  أبان اسقاط  الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش  زعيم الحزب الاشتراكي بقوة الشارع وبسبب التلاعب بالاصوات وكانت روسيا تعد الصربيين بالوقوف الى جانبهم ومنع  اي اعتداء عليهم.  لكن تحالف الناتو سدد سريعا  ضربات جوية  للمدن الصربية واستطاع تدمير الجيش الصربي  وشل حركة الدولة عندها استسلم الحزب  ووافق على انتخابات  مبكرة . بعد  تجمع المعارضة الصربية التي أتت من مدينة نوفا ساد في شمال البلاد . والتي كانت أول  ثورة شعبية بعد ربيع أوروبا الشرقية تستطيع  اسقاط دكتاتورية  بواسطة الاعتراض الشعبي .. فهل  الظروف مناسبة اليوم لتكرار السيناريو السابق واسقاط “نظام ألكسندر فوتشيتش وحزبه الاشتراكي الصربي ” ؟ وهل باتت صربيا  تشكل  عائق في ديمقراطية  البلقان(  أنظمتها وشعوبها )؟ لذا حسم الامر للتخلص من التركة القومية والعصبية الصربية وخاصة بأن روسيا تعاني من أزمة فعلية  نتيجة حصارها على المسرح الدولي , بسبب ورطتها في المستنقع الأوكراني . لكن الأيام القادمة ستظهر كيفية تعامل النظام مع الاعتراضات الشعبية الصربية  وكيف ستكون المواجهة القادمة وهل ستمكن النظام من اخمادها او نحن بانتظار ميدان جديد في بلغراد .

خالد
د.خالد العزي

 

خالد العزي

إقرأ المزيد:

تغطية ميدان الحرب في أزمة أوكرانيا…د.خالد ممدوح العزي

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …