هادي جلو مرعي / تستعد القوات العراقية لعملية دخول منظمة ومعد لها بإحكام الى مدينة الفلوجة العصية، وفي الحقيقة فهذه المدينة هي العاصمة الحقيقية لداعش وليست الموصل ولاغيرها. فالموصل تبدو كمدينة من أعمال الرقة السورية التي يتحصن فيها الجيش الداعشي منذ فترة طويلة ويتحكم في الطرق المارة بإتجاه العراق والجهات السورية المختلفة، ومنها ينطلق المقاتلون لتعزيز مواقع دولتهم المفترضة شمال وغرب العراق وفي بقية سوريا.
الموصل القصية يمكن أن تسبب الأرق للأكراد ولبقية العراق، لكنها ليست التهديد النهائي لبغداد ومدن الوسط والجنوب الشيعية، بينما تحتفظ الفلوجة بموقع إستراتيجي يجعل من داعش شريكا فعليا في حكم العراق، إضافة الى الحكومة المركزية. فليس من مسافة تفصل العاصمة عن هذه المدينة سوى بعض الكيلومترات التي تختزلها السيارة في نصف ساعة لاأكثر لتكون على مشارفها، وفي المقابل فإن التحرك منها الى مشارف بغداد لايحتاج الى وقت طويل.
يتمسك تنظيم داعش بالمدينة الدينية منذ وقت طويل، بل أكاد اجزم أنها تحت سيطرة مسميات دينية متشددة حتى من قبل سقوط نظام صدام حسين، وليس أدل من تسميتها بمدينة المآذن التي شكلت حاضنة فعلية للمتدينين الأكثر راديكالية وإتصالا بتنظيمات عالمية كالقاعدة في أفغانستان، وبعض المجموعات في المملكة العربية السعودية وبلاد الشام، وهو مايجعل منها الموقع الأكثر تحصينا، الأمر الذي تدركه الحكومة العراقية ولذلك تأخرت كثيرا في التحرك نحوها، وقد يكون ذلك سببا في تعرضها لقصف عنيف عبر الطائرات والمدافع طوال الشهور التي تلت دخول الموصل والسيطرة على أنحاء الأنبار بحثا عن الفرصة الملائمة التي بدأت تلوح بالفعل وتكاد الفلوجة أن تنتهي كمدينة عصية حيث يفر منها أعضاء التنظيم، ويحاول من بقي من سكانها المغادرة بكل وسيلة ممكنة رغم التهديدات والمخاطر
التخلص من كابوس الفلوجة سيتيح المجال لتحقيق مكاسب أكبر في بقية الأنبار وينهي الأزمة في هذه المحافظة، ويخفف الضغط عن حكومة بغداد، لكن لابد من تحصين المدينة والسيطرة عليها وجعلها موقعا دفاعيا يوفر الحماية للعاصمة ومدن الفرات بعد أن كانت هي الخطر المحدق، وحينها لن يكون من واجب الحكومة لوحدها التقدم بإتجاه الموصل فالعرب السنة والأكراد هم المعول عليهم لتحرير المدينة الشمالية وإنهاء وجود داعش في العراق.