أثارت قرارت الرئيس المصري محمد مرسي بإحالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس هيئة الأركان سامي عنان وقادة أفرع الجيش المصري قلق المصريين من سيناريو الثورة الخمينية حين تولى الخميني مقاليد الأمور في إيران وبدأ نشاطه السياسي بإقالة قادة الجيش الذين ساعدوا في عودته ومنع شاه ايران من الوقوف بقوة ضد الثورة الإيرانية.
وأشارت مصادر خاصة لصحيفة ‘العرب’ ان العديد من قيادات الجيش المصري فوجئوا بهذه القرارات على الرغم من أن الرئيس المصري استدعى رئيس هيئة الأركان سامي عنان ليبلغه بقرارته هذه.
لكن وقوف رئيس المخابرات الحربية وعضو المجلس العسكري عبد الفتاح السيسي مع مرسي غلّب موقف الأخير الذي تمكن عبر السيسي من بناء علاقات قوية مع العديد من الفعاليات داخل الجيش.
وتشير المصادر إلى أن الولايات المتحدة الأميركية كانت وراء الضغط على طنطاوي وعنان للتخلي عن منصبيهما وتولي السيسي قيادة الجيش.
وكانت بعض وسائل الاعلام المصرية قد تحدثت عن علاقة وثيقة بين عبد الفتاح السيسي والإخوان المسلمين الى الدرجة التي وصفت فيها السيسي بأنه رجل الاخوان في المجلس العسكري.
لكن بعض الفعاليات المصرية هونت من شأن هذه القرارات ورأت ان الجيش المصري لا يزال مستقلا عن الاخوان المسلمين ولم ولن يخضع لنفوذه وأن طنطاوي وعنان ابتعدا لرغبتهما في التخلص من الجهد الكبير الذي ألقي على عاتقهما بعد أن استقرت سفينة النشاط السياسي في مصر وعادت القوة لقصر الرئاسة.
وأيد ذلك تصريح اللواء محمد العصار نائب وزير الدفاع الجديد والذي قال إن قرار الرئيس المصري محمد مرسي احالة المشير محمد حسين طنطاوي للتقاعد من منصبي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة اتخذ بالتشاور مع المشير ومع المجلس العسكري.
لكن مصادر في القاهرة اشارت الى أن الرئيس مرسي استغل هذه الرغبة والمشاورات لإبراز ان لديه سلطات مطلقة وانه يمكن له تنحية أي عسكري او مسؤول يقف أمامه.
من جهة أخرى أكدت مصادر مقربة من الجيش المصري لصحيفة ‘العرب’ أن عبد الفتاح السيسي هو الرجل القوي داخل المجلس العسكري وان توليه قيادة الجيش أمر طبيعي بل كان من المفترض حدوث ذلك منذ بداية الثورة المصرية والاحتجاجات العنيفة.
وأضافت المصادر أن السيسي وقف بقوة ضد رغبة مبارك في قمع الثورة وانه كان الصوت القوي داخل المجلس العسكري للوقوف مع التغيير السلمي والانتخابات بشفافية.
وتشير المصادر أن السيسي يقف وراء تسريب كشوفات فحص العذرية الذي أثار المصريين وأنه كان مع مدنية الحكم ومنح سلطات واسعة للرئيس أيا كان تياره السياسي.
وفي خطوات جريئة فاجأت الملاحظين، وجعلت البعض يتحدث عن ‘انقلاب رئاسي’ مضاد، أقدم الرئيس المصري محمد مرسي على إدخال تغييرات كبيرة على رأس المؤسسة العسكرية، ملغيا في ذات الوقت الإعلان الدستوري المكمل الذي كان المجلس العسكري قد أصدره في وقت سابق ويعطي الجيش صلاحيات واسعة.
وبقدر ما بدت خطوة الرئيس المصري جريئة، استبعد الملاحظون أن تكون قد اتخذت دون تنسيق مع الولايات الأمريكية المتحدة شديدة الاهتمام بالوضع الداخلي في مصر، وشديدة القرب من المؤسسة العسكرية المصرية بحكم ما تبذله من مساعدات عسكرية كبيرة لمصر.
ويذهب هؤلاء إلى أن حزب الإخوان المسلمين الذي صعد إلى السلطة تمكن من كسب ثقة الإدارة الأمريكية، في ما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل والحفاظ على معاهدة السلام.
كما يعتبر بعضهم أن العملية الأمنية الجارية في سيناء بعد حادث الهجوم الذي قتل فيه 16 عسكريا مصريا في رفح، مثلت شهادة اعتماد الحكومة المصرية الجديدة لدى واشنطن في ما يتعلق بالالتزام بمحاربة الإرهاب.
وضمن العلاقات الآخذة في التحسن بين واشنطن وحكومة الإخوان في مصر تحدثت تقارير إخبارية أمريكية عن أن هجوم رفح الذي أودى بحياة عسكريين مصريين وما أعقبه من عملية أمنية واسعة شنتها القوات المسلحة المصرية في سيناء سمحا بإطلاق مفاوضات بين القاهرة وواشنطن بشأن مساعدات أمنية أمريكية لمصر، وذلك بعد أن كان المسؤولون المصريون الجدد يتحفظون على ذلك لأسباب تتعلق بالسيادة.
وذهب محللون إلى اعتبار أحداث سيناء الأخيرة جاءت لتثبت للولايات المتحدة التزام مصر تحت حكم الإسلاميين بثوابت مكافحة الإرهاب التي كانت أرسيت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
ويبدو أن عملية سيناء أزاحت الحاجز النفسي من أمام الحكام المصريين الجدد لاستئناف التعاون الأمني الواسع مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ على موقعها الالكتروني أن الرئيس المصري محمد مرسي والقادة العسكريين تحفظوا الشهر الماضي عندما شدد كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا على ضرورة التحرك بصورة أكثر قوة ضد المتطرفين الموجودين في سيناء.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين القول إنه بعد الهجوم الذي استهدف نقطة قرب الحدود بين مصر وإسرائيل الأسبوع الماضي وراح ضحيتها 16 جنديا مصريا فإن مصر تغلبت على ما يبدو عما لديها من حساسيات حول سيادتها وعجلت إجراء محادثات حول تفاصيل المساعدات الأمريكية الجديدة التي تتضمن معدات عسكرية وتدريبا شرطيا ومراقبة إلكترونية وجوية.
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يرون الرد المصري على الهجوم اختبارا مهما لرئاسة مرسي والتزام بلاده بالأمن بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
وذكرت الصحيفة أن البنتاجون يبحث عدة خيارات لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع قوات الجيش والشرطة المصرية في سيناء. وقال المسؤولون إن هذا يتضمن اعتراض اتصالات الهواتف الجوالة أ والمحادثات اللاسلكية بين المسلحين المشتبه في قيامهم بالتخطيط للهجمات والصور التي تلتقط جوا سواء بالطائرات بدون طيار أو المأهولة أو الأقمار الاصطناعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثات تتم عبر قنوات عسكرية واستخباراتية سبق للجانبين أن استخدموها على مدار عقود، وكذلك مع الحكومة الجديدة في مصر.
عن ‘ العرب ‘