%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D8%B1 أوكرانيا

قضية الإمام: خيبة دول الممانعة أو الموافقة الضمنية…!!!

د. خالد ممدوح العزي / بمناسبة الذكرى 33،  لاختفاء الإمام الغائب المغيب والتي تبقى هذه القضية العالقة   فضيحة الممانعة… تم تجميع هذه المقالة من خلال المراجع المذكورة  :

نسبه :

الصدر أوكرانياالإمام السيد موسى الصدر، شرف الدين، من في قرية شحور قضاء صور- في جبل عامل جنوب لبنان، ابن صالح شرف الدين كان عالما دينيا جليلا.
نشأته وعلومه :

ولد الإمام السيد موسى الصدر في 15 نيسان 1928م في مدينة ” قم ” في إيران، حيث تلقى في مدارسها ألحديثه علومه الابتدائية والثانوية، كما تلقى دراسات دينية في كلية ” قم ” للفقه، وتابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق في جامعة طهران، وكانت عمته أول عمامة تدخل حرم هذه الجامعة، وحاز الإجازة في الاقتصاد.

أتقن اللغتين العربية والفارسية، وألم باللغتين الفرنسية والانكليزية وصار أستاذا محاضرا في الفقه والمنطق في جامعة ” قم ” الدينية، ثم أنشأ في ” قم ” مجلة باسم “مكتب إسلام”، أي المدرسة الإسلامية، امتيازها باسمه، وأدارها سنوات، وصارت أكبر مجلة دينية في إيران.

انتقل سنة 1954 إلى العراق ، وبقي في النجف الأشرف أربع سنوات، يحضر فيها دروس المراجع الدينيين الكبار، وهم السيد محسن الحكيم، الشيخ محمد رضا آل ياسين والسيد أبو القاسم الخوئي في الفقه والأصول. 
كتاباته ومحاضراته:

1- مؤلفاته: جمعت بعض محاضراته وأبحاثه في كتابين

أ- منبر ومحراب..

ب- الإسلام عقيدة راسخة ومنهج حياة ..

وقد بدأ مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات بجمع كتابات ومقالات الإمام ونشرها تباعا منذ عام 1995 وقد صدرت له حتى ألان الكتب التالية:

– الإسلام وثقافة القرن العشرين

– الإسلام والتفاوت الطبقي

– حوارات صحفية (1)، تأسيسا لمجتمع مقاوم

– حوارات صحفية (2)، الوحدة والتحرير

– معالم التربية القرآنية “دراسات للحياة”

– معالم التربية القرآنية “أحاديث السحر”

– المذهب الاقتصادي في الإسلام

– أبجدية الحوار 
كما أصدر المركز عشرات المقالات المطبوعة في كتيبات منها:

– حوار تصادمي

– الإسلام وكرامة الإنسان

– الدين وحركات التحرر

– العدالة الاقتصادية والاجتماعية في الإسلام

– القضية الفلسطينية وإطماع إسرائيل في لبنان

– تقرير إلى المحرومين

– رعاية الإسلام للقيم والمعاني الإنسانية

– الجانب الاجتماعي في الإسلام

– الإسلام، الأصالة – الروحية – التطور 
2- كتب الإمام مقدمات مطولة للمؤلفات التالية:

– كتاب”تاريخ الفلسفة الإسلامية” للبروفسور الفرنسي هنري كوربان عام 1966.

– كتاب”القرآن الكريم والعلوم الطبيعية” للمهندس يوسف مروة عام 1967 .

– كتاب”فاطمة الزهراء” للأديب الجزائري سليمان الكتاني. وهذا الكتاب نال جائزة أحسن كتاب عن فاطمة الزهراء عام 1968.

– كتاب”ثمن الجنوب” لمؤلفة جان نانو.

-كتاب”حديث الغدير” لآية الله السيد مرتضى خسروشاهي عام 1978 .

– كتاب”تاريخ جباع” للأستاذ علي مروة. 
3- محاضرات:

ألقى مئات المحاضرات في الجامعات والمعاهد العلمية اللبنانية وفي الندوة اللبنانية وفي المؤسسات والمراكز الدينية والثقافية والاجتماعية الإسلامية والمسيحية وفي مؤتمرات البحوث الإسلامية في مصر (الأزهر) ومكة المكرمة، والجزائر والمغرب وفي أوروبا (ألمانيا وفرنسا) والاتحاد السوفيتي. 

محاضراته في مواضيع مختلفة: دينية، وتربوية، وثقافية، واجتماعية، ووطنية، وقومية وإنسانية. ولا يزال معظمها غير منشور حتى الآن. 
قدومه إلى لبنان

قدم الإمام السيد موسى الصدر إلى لبنان – أرض أجداده – أول مرة سنة 1955، فتعرف إلى أنسبائه في صور وشحور، وحل ضيفا في دار كبيرهم حجة الإسلام المرجع الديني السيد عبد الحسين شرف الدين الذي تعرف إلى مواهب الإمام الصدر ومزاياه، وصار يتحدث عنه في مجالسه بما يوحي بجدارته لان يخلفه في مركزه بعد وفاته.

فبعد أن توفي حجة الإسلام السيد عبد الحسين شرف الدين بتاريخ 30/12/1957 كتبت”صور” رسالة إلى الإمام الصدر في ” قم ” تدعوه إليها. ولفته المرجع السيد البروجردي إلى ضرورة تلبية الدعوة. 
هكذا قدم الإمام الصدر إلى لبنان في أواخر سنة 1959 وأقام في مدينة صور.

نشاطاته قبل إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى :

بدأ الإمام الصدر الرعاية الدينية والخدمة العامة في صور، موسعا نطاق الدعوة والعمل الديني بالمحاضرات والندوات والاجتماعات والزيارات، ومتجاوزا سلوك الاكتفاء بالوعظ الديني إلى الاهتمام بشؤون المجتمع. وتحرك في مختلف قرى جبل عامل ثم في قرى منطقة بعلبك- الهرمل، يعيش حياة سكانها ومعاناتهم من التخلف والحرمان. ثم تجول في باقي المناطق اللبنانية، متعرفا على أحوالها ومحاضرا فيها ومنشئا علاقات مع الناس من مختلف فئات المجتمع اللبناني وطوائفه، وداعيا إلى نبذ التفرقة الطائفية باعتبار ان وظيفة الدين هي الاستقامة الأخلاقية، و”أن الأديان واحدة في البدء والهدف والمصير ” (راجع خطبته في كنيسة الكبوشية، أبجدية الحوار) وداعيا أيضا إلى نبذ المشاعر العنصرية والى تفاعل الحضارات الإنسانية و مكافحة الآفات الاجتماعية والفساد والالتحاد، وفي مدينة صور نجح في القضاء على التسول والتشرد، وفي شد أواصر الإخوة بين المواطنين من مختلف الطوائف.

وشارك في” الحركة الاجتماعية ” مع المطران غريغوار حداد في عشرات المشاريع الاجتماعية. وساهم في عدد من الجمعيات الخيرية والثقافية. وأعاد تنظيم “جمعية البر والإحسان” في صور، وتولى نظارتها العامة، وجمع لها تبرعات ومساعدات أنشأ بها مؤسسة اجتماعية لإيواء وتعليم الأيتام وذوي الحالات الاجتماعية الصعبة، ثم أنشأ مدرسة فنية عالية باسم “مدرسة جبل عامل المهنية”، وأنشأ مدرسة فنية عالية للتمريض، وكذلك مدرسة داخلية خاصة للبنات باسم “بيت الفتاة” . كما أنشأ في صور”معهد الدراسات الإسلامية”.
سافر الإمام الصدر إلى عدة بلدان عربية وإسلامية وافريقية وأوروبية ، مساهما في المؤتمرات الإسلامية، ومحاضرا، ومتفقدا أحوال الجاليات اللبنانية والإسلامية، ودارسا معالم الحياة الأوربية (راجع حول رحلاته كتاب” حوارات صحفية” الجزء الأول- تأسيسا لمجتمع مقاوم) ، ومتصلا بذوي الفعاليات والنشاطات الإنسانية والاجتماعية والثقافية.

وبعد أن وقف على أحوال الطائفة الإسلامية الشيعية ومناطقها ومؤسساتها في لبنان، ظهرت له الحاجة إلى تنظيم شؤون هذه الطائفة، باعتبار أن لبنان يعتمد نظام الطوائف الدينية، وأن لكل من الطوائف الأخرى تنظيما يختص بها، وكان قد أنشأ بالمرسوم الاشتراعي رقم 18 تاريخ 13/1/1955 تنظيما خاصا بالطائفة الإسلامية السنية يعلن استقلالها، وأنشأ بعده بالقانون الصادر بتاريخ 7/12/62 تنظيما خاصا بالطائفة الدرزية، حيث بقيت الطائفة الإسلامية الشيعية وحدها دون تنظيم.

فأخذ يدعو إلى إنشاء مجلس يرعى شؤون هذه الطائفة أسوة بالطوائف الأخرى، ولقيت دعوته معارضة من بعض الزعماء السياسيين في الطائفة ومن بعض القوى خارجها. واستمر متابعا هذه الدعوة سنوات، وفي مؤتمر صحافي عقده في بيروت بتاريخ 15/8/66 عرض إلام الطائفة ومظاهر حرمانها بشكل علمي مدروس ومبني على إحصاءات، وبين الأسباب الموجبة للمطالبة بأنشأء هذا المجلس ، وأعلن ان هذا المطلب أصبح مطلبا جماهيريا تتعلق به أمال الطائفة.

وأتت الدعوة نتائجها بإجماع نواب الطائفة الإسلامية الشيعية على تقديم اقتراح قانون بالتنظيم المنشود، اقره مجلس النواب بالإجماع في جلسة 16/5/67، وصادق عليه رئيس الجمهورية بتاريخ 19/12/1967، وبمقتضاه انشأ “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” ليتولى شؤون الطائفة ويدافع عن حقوقها ويحافظ على مصالحها ويسهر على مؤسساتها ويعمل على رفع مستواها. ونص القانون المذكور على ان يكون لهذا المجلس رئيس يمثله ويمثل الطائفة ويتمتع بذات الحرمة والحقوق والامتيازات التي يتمتع بها رؤساء الأديان. 
نشاطاته بعد توليه رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى :

1- انتخابه وولايته:

بتاريخ 69/5/23 انتخب الإمام السيد موسى الصدر اول رئيس للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. 
وكانت ولاية الرئيس محددة في قانون أنشاء المجلس، بست سنوات. 
ونظرا لكون ولاية رؤساء الطوائف الأخرى تمتد مدى الحياة، فلقد جرى تعديل مدة ولاية رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حيث أصبحت لغاية إتمامه الخامسة والستين من العمر. وتم هذا التعديل وفقا للأصول بعد موافقة الهيئة العام للمجلس بالإجماع بتاريخ 29/3/75.

2- برنامجه

أعلن برنامج عمله لتحقيق أهداف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في خطاب ألقاه يوم انتخابه، وفي كلمته الترحيبية برئيس الجمهورية اللبنانية عندما قدم لتهنئته بتاريخ 29/5/69، وفي البيان الأول الذي أصدره بتاريخ 10/6/69.

تضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية الآتية:

– تنظيم شؤون الطائفة وتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.

– القيام بدور إسلامي كامل، فكرا وعملا وجهادا.

– عدم التفرقة بين المسلمين، والسعي إلى التوحيد الكامل.

– التعاون مع الطوائف اللبنانية كافة، وحفظ وحدة لبنان.

– ممارسة المسؤوليات الوطنية والقومية، والحفاظ على استقلال لبنان وحريته وسلامة أراضيه.

– محاربة الجهل والفقر والتخلف والظلم الاجتماعي والفساد الخلقي.

– دعم المقاومة الفلسطينية والمشاركة الفعلية مع الدول العربية الشقيقة لتحرير الأراضي المغتصبة. 
3- سعيه لحماية جنوب لبنان وصمود أهله

صادفت الأشهر الأولى من بداية ولاية الإمام الصدر، اعتداءات إسرائيلية على منطقة الحدود الجنوبية، فقاد حملة مطالبة السلطات اللبنانية بتحصين قرى الحدود وتسليح أبناء الجنوب وتدريبهم للدفاع ووضع قانون خدمة العلم وتنفيذ مشاريع إنمائية في المنطقة، وذلك إلى جانب قيامه بحملة توعية حول الأخطار التي تهدد الجنوب مع دعوة المواطنين إلى عدم النزوح من قراهم الحدودية والى مجابهة الاعتداءات الإسرائيلية. 
وتحت ضغط هذه الحملة، اتخذت الحكومة اللبنانية قرارا بتاريخ 12/1/70 بوضع خطة عامة لتعزيز أوضاع منطقة الحدود الجنوبية. 
4- تحركه الشعبي لإنقاذ الجنوب: أنشاء مجلس الجنوب

تابع الإمام الصدر بمحاضراته في المناطق اللبنانية كافة، يطرح وضع جنوب لبنان على المستوى الوطني العام، معبئا المجتمع اللبناني بأسره ليتحرك باتجاه إنقاذ الجنوب.

وعلى أثر العدوان الإسرائيلي بتاريخ 12/5/70 على القرى الحدودية الجنوبية الذي الحق خسائر جسيمة بأرواح المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم ، وتسبب بنزوح أكثر من خمسين ألف مواطن من ثلاثين قرية حدودية، بادر الإمام الصدر بتاريخ 13/5/1970 إلى دعوة الرؤساء الدينيين في الجنوب، من مختلف الطوائف، فأسس معهم “هيئة نصرة الجنوب” التي أولته رئاستها وأولت نيابة الرئاسة للمطران انطونيوس خربش ( الذي أصبح فيما بعد بطريركا للطائفة المارونية)، وتبنت هذه الهيئة مطالب الإمام الصدر من أجل حماية الجنوب وتنميته.

ثم دعا الإمام الصدر إلى إضراب وطني سلمي شامل لمدة يوم واحد من أجل الجنوب، وتجاوب كل لبنان مع هذه الدعوة، ونفذ الإضراب الشامل بتاريخ 26/5/1970، واعتبر حدثا وطنيا كبيرا. 
واجتمع مجلس النواب مساء اليوم ذاته، فاقر تحت ضغط التعبئة العامة، مشروع قانون وضع أفكاره الإمام الصدر يقضي بأنشأء مؤسسة عامة تختص بالجنوب، مهتمة “بتلبية حاجات منطقة الجنوب وتوفير أسباب السلامة والطمأنينة لها”. وصدر هذا القانون بتاريخ 2/6/1970، وسندا له انشأ “مجلس الجنوب” وربطه برئاسة مجلس الوزراء، وتامين لهذا المجلس واردات بلغ مجموعها لغاية منتصف سنة 1980 أكثر من مئتي مليون ليرة لبنانية خصصت لتعزيز صمود الجنوبيين وللتعويض عن إضرار الاعتداءات الإسرائيلية وللإنفاق على مشاريع وخدمات عامة في الجنوب. 
5- حركته من أجل المحرومين:

مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان في سنة 1971وما يليها، استمر الإمام الصدر حاملا لواء الدفاع عن هذه المنطقة ومعلنا ان انهيارها يعني انهيار لبنان، ومؤكدا مطالبته بالتجنيد الإجباري وتعميم الملاجئ وتحصين القرى وتأمين وسائل الدفاع الحديثة.

إلى جانب مطالبته هذه، قاد الإمام الصدر حملة مطالبة السلطة اللبنانية بتنمية المناطق المحرومة وإلغاء التمييز الطائفي وإنصاف الطائفة الإسلامية الشيعية في المناصب الوزارية والوظائف العامة وموازنات المشاريع الإنمائية.

أنكر العهد الجمهوري الجديد في لبنان ( عهد الرئيس فرنجية الذي بدأ في أيلول 1970) على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ورئيسه حقهما القانوني في تعاطي الشؤون العامة، فتجاهلت الدولة هذه الحملة. 
أعلن الإمام الصدر بتاريخ 2/2/1974 معارضته للحكام والمسؤولين في لبنان،”لأنهم يتجاهلون حقوق المحرومين وواجب تعمير المناطق المتخلفة ويهددون بسلوكهم امن الوطن وكيانه”.

صعد الإمام الصدر حملته من أجل المحرومين، بمهرجانات شعبية عارمة كان أضخمها مهرجان بعلبك بتاريخ 17/3/74 ومهرجان صور بتاريخ 5/5/74 اللذين ضم كل منهما اكثر من مئة ألف مواطن اقسموا مع الإمام “على إن يتابعوا الحملة، وان لا يهدءوا إلى إن لا يبقى محروم في لبنان او منطقة محرومة”.

وهكذا ولدت” حركة المحرومين” التي رسم مبادئها الإمام الصدر بقوله:” ان حركة المحرومين تنطلق من الإيمان الحقيقي بالله وبالإنسان وحريته الكاملة وكرامته. وهي ترفض الظلم الاجتماعي ونظام الطائفية السياسية. وتحارب بلا هوادة الاستبداد والإقطاع والتسلط وتصنيف المواطنين. وهي حركة وطنية تتمسك بالسيادة الوطنية وبسلامة أرض الوطن، وتحارب الاستعمار والاعتداءات والمطامع التي يتعرض لها لبنان”. 
إثر المهرجانات اهتمت قيادة الجيش اللبناني بالمطالب، فشكلت بتاريخ 20/6/74 لجانا مشتركة من اختصاصيين في الجيش واختصاصيين انتدبهم الإمام الصدر، لدراسة المطالب، وعددها عشرون مطلبا، ولتحديد وسائل تنفيذها. ووضعت هذه اللجان تقارير عن بعض المطالب، بقيت دون نتيجة. فتابع الإمام الصدر الحملة بنداء وجهة علماء الدين المسلمون الشيعة إلى السلطة بتاريخ 4/8/74″ بتأييد حركة المطالبة والتحذير من مغبة الاستمرار في إهمال المطالب أو تمييعها…”، وباجتماعات عقدها مع شخصيات البلاد ورؤساء الطوائف والأحزاب، وبحوار مع نخبة من المفكرين اللبنانيين من مختلف الطوائف انتهى بوثيقة وقعها 190 مفكرا بإقرار هذه المطالب. ثم دعا الإمام الصدر إلى اجتماع عقدته الهيئة العامة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتاريخ 13/9/74 وهي تضم اكثر من ألف شخص، هم علماء الدين للطائفة ونوابها وكبار موظفيها في الدولة ونخبة من أبنائها المجلين في مختلف النشاطات والفعاليات السياسية والاجتماعية والمهنية والاقتصادية والفكرية. فاقرت هذه الهيئة بالإجماع “التأييد المطلق للإمام الصدر في جهاده الوطني من أجل المطالب، واستنكار موقف الدولة اللامبالي منها، وتفويضه باتخاذ كافة الخطوات في سبيل تحقيق هذه المطالب”.

وحدث إثر ذلك أن استقالت الحكومة، وقامت حكومة جديدة تعهدت بموقف ايجابي من المطالب، إلا أنه لم ينقض على حكمها سوى أشهر قليلة، حتى قدمت استقالتها بتاريخ 15/5/57 تحت وطأة حادث مقتل النائب السابق معروف سعد وحادث أوتوبيس عين الرمانة اللذين كانا الشرارة لاندلاع الحرب اللبنانية فيما بعد، وأعلن رئيس تلك الحكومة (رشيد الصلح) في بيان تلاه بالتاريخ المذكور في مجلس النواب أسباب الاستقالة وهي تضمنت حسب نص البيان:”إن الامتيازات الطائفية التي تشكل أساس النظام السياسي اللبناني … تحولت إلى عائق يمنع إي تقدم … ويحول دون المساواة الحقيقية بين المواطنين بما يقضي على الحرمان ويرفع من مستوى المناطق المحرومة…” 
6- دوره في إنشاء أفواج المقاومة اللبنانية ” أمل”.

في خطاب ألقاه الإمام الصدر بتاريخ 20/1/1975، بمناسبة ذكرى عاشوراء، دعا المواطنين اللبنانيين إلى تشكيل مقاومة لبنانية تتصدى للاعتداءات الإسرائيلية وللمؤامرات التي تدبرها إسرائيل لتشريد اللبنانيين من أرضهم “لان الدفاع عن الوطن ليس واجب السلطة وحدها، وإذا تخاذلت السلطة فهذا لا يلغي واجب الشعب في الدفاع”.

وفي مؤتمر صحافي عقده الإمام الصدر بتاريخ 6/7/1975، أعلن ولادة أفواج المقاومة اللبنانية “أمل”، وقدمها بأنها ” إزهار الفتوة والفداء ممن لبوا نداء الوطن الجريح الذي تستمر إسرائيل في الاعتداء عليه من كل جانب وبكل وسيلة”. وأوضح إن شباب “أمل” هم الذين استجابوا لدعوته من أجل حماية الوطن وصيانة كرامة الأمة عندما وجه لهذه الغاية دعوته إلى اللبنانيين جميعا بتاريخ 20/1/1975″ في الأيام التي بلغت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب ذروتها ولم تقم السلطات المسؤولة بواجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين”.

وبرهن شباب “أمل” على أرض جنوب لبنان، عن مواقف بطولية في عدة معارك مع العدو الإسرائيلي (معركة الطيبة مثلا) وسقط منهم شهداء في الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الجنوب، وكان لهم فضل كبير في منع صهينة القطاع الحدودي وفي تثبيت المواطنين في قراهم الجنوبية. 
7- إنجازاته في المشاريع وبتمليك عقارات للاوقاف:

في بدء ولايته، عمل الإمام الصدر علي تأمين مقر للمجلس الإسلامي الشيعي الاعلى في بناء لائق يتألف من أربعة طوابق ويقوم على عقار مساحته 6375م 2، ويحتوي على قاعات واسعة للاجتماعات العامة، ويقع في محلة الحازمية بضاحية بيروت الشرقية الجنوبية، سجلت ملكية هذا العقار باسم أوقاف الطائفة الإسلامية الشيعية.

كما عمل على تمليك أوقاف الطائفة عقارا ثانيا في ضاحية بيروت الغربية الجنوبية (محلة خلدة) مساحته 7904م 2. ويقوم عليه بناء مؤلف من سبع طوابق، أطلق عليه اسم “مدينة الزهراء الثقافية والمهنية”، تستعمله مؤسسات الطائفة.

وأمن لمشاريع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الانتفاع من قطعة أرض مساحتها 15034 م2 من مشاعات قرية الغبيري في ضاحية بيروت الغربية الجنوبية (محلة الجناح) ، أنشأ عليها ” مستشفى الزهراء” التابع للمجلس.

وحقق شراء 190ألف متر مربع من الأراضي في الوردانية ( طريق صيدا-بيروت) لتشييد مؤسسات اجتماعية وثقافية ومهنية عليه. وسجل ملكية هذه الأراضي باسم أوقاف الطائفة. 
كما حقق لجمعية البر والإحسان في صور التي يتولى نظارتها العامة، وهي من مؤسسات الطائفة ذات المنفعة العامة، شراء 900 ألف م2 في اللبوة – بعلبك، لأنشأء مدرسة فنية زراعية ومشاريع أخرى عليها.

وعمل على توسيع منشآت وتجهيزات جميعة البر والاحسان في صور، تحقيقا بتوسيع المؤسسات المهنية التابعة لها وأنشأء المدرسة الفنية العالية للتمريض التي استحدثها.

أقام مبرة الإمام الخوئي لرعاية أبناء الشهداء في برج البراجنة (ضاحية بيروت الجنوبية) وفي بعلبك والهرمل.

كما أقام مراكز صحية في برج البراجنة وحي السلم ( ضاحية بيروت الجنوبية) وفي صور، وأقام مدرسة للتعليم الديني في صور.

وقدرت قيمة هذه العقارات والمنشأت والتجهيزات آنذاك بأكثر من مئة مليون ليرة لبنانية. 
موقفه من الحرب الداخلية في لبنان

فور انطلاق الشرارة الأولى لهذه الحرب بتاريخ 13/4/1975، بادر الإمام الصدر إلى بذل المساعي الحميدة والجهود لدى مختلف الفرقاء، لخنق الفتنة وتهدئة الوضع، ووجه نداءا عاما نشر بتاريخ 15/4/1975، حذر فيه من مؤامرات العدو ومخططات الفتنة، ودعا اللبنانيين” إلى حفظ وطنهم وفي قلبه مكان للثورة الفلسطينية” وناشد الثوار الفلسطينيين” حفظ قضيتهم التي جعلت لها من قلب لبنان عرشها”.

وبادر الإمام الصدر إلى دعوة عدد كبير من نخبة المفكرين وممثلي الفعاليات اللبنانية ، اجتمع منهم77 شخصا في مركز المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتاريخ 18/4/1975 وشكلوا من بينهم لجنة دعيت ” لجنة التهدئة الوطنية” اجتمعت فورا بممثل المقاومة الفلسطينية وباشرت مهمتها لتهدئة الأوضاع وتحديد أسباب المحنة ووضع الحلول الآنية والبعيدة المدى، مسترشدة بتوجيهات الإمام الصدر القاضية.
بوجوب المحافظة على تعايش الطوائف اللبنانية.

واعتماد الحوار والوسائل الديمقراطية سبيلا لتحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية، ورفض القهر الطائفي، ووجوب المحافظة على التعايش اللبناني – الفلسطيني، وصيانة الثورة الفلسطينية.

ولما استمر القتال، واستقالت الحكومة بتاريخ 26/5/75، وظهرت صعوبات في وجه قيام حكومة جديدة الأمر الذي هدد بخطر انقسام الوطن، اعتصم الإمام الصدر بتاريخ 27/6/75 في مسجد الصفا (الكلية العاملية) ببيروت، متعبدا وصائما، وأعلن: “نعتصم لنفرض على المواطنين الاعتصام عن السلاح الذي يستعمل ضد اللبنانيين والإخوان … إننا نريد إن نخنق صفحة العنف بصفحة العبادة والاعتصام والصيام … فالسلاح لا يحل الأزمة بل يزيد في تمزيق الوطن. ” وطالب بالإسراع في إيجاد حكومة وطنية تعيد السلام وتقيم المصالحة الوطنية على أسس واضحة يعاد بناء الوطن عليها وتلبي مطالب المحرومين. ولقيت خطوته تأييدا شاملا في الأوساط الدينية لدى مختلف الطوائف والأوساط الشعبية والسياسية .

وتألفت حكومة جديدة بتاريخ 1/7/1975 فانهى اعتصامه بعد ان تلقى وعدا بتبني المطالب المطروحة والعمل على تنفيذها. وسارع إلى منطقة بعلبك – الهرمل ليعمل على فك الحصار عن قرية “القاع” المسيحية وتهدئة الأوضاع في المنطقة.

كانت نظرة الإمام الصدر إلى الحرب اللبنانية منذ بدايتها، حسب قولة في جلسة عقدها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتاريخ 13/9/1975:”إن انفجار الوضع اليوم يؤدي إلى سقوط لبنان وتحجيم المقاومة الفلسطينية وإلحاق الضرر الكبير بسوريا وبالقضية العربية، وهو لمصلحة العدو الإسرائيلي “. ولذا ألح منذ البدء في الدعوة إلى المصالحة الوطنية على اسس جديدة للوطن تحقق العدالة الاجتماعية ومعالجة الحرمان، وتصون جنوب لبنان”. وكانت مطالبته بالاسس الجديدة للوطن منطلقة من نظرة عبر عنها في الجلسة المشار إليها بقول:” لم يتفق اللبنانيون منذ الاستقلال وعند إقرار تأسيس لبنان الكبير، على المبادئ الوطنية الأساسية، فاجتنبوا البحث فيها خوفا من الانقسام، وعرضوا عن ذلك بالمجاملات واستعمال الكلمات ذات المعاني المتعددة، وباختيار الحلول لمشاكلهم، حتى كاد ان لا نحس بوحدة الشعب اللبناني”.

دعا الإمام الصدر إلى أقامة حوار وطني مهد له بمبادرته التي حققت بتاريخ 4/10/75 عقد مؤتمر قمة للرؤساء الدينيين لمختلف الطوائف اللبنانية ، نتج عنه:

التأكيد على وجوب استمرار تعايش الطوائف في لبنان ، والدعوة إلى الحوار ووقف القتال، وتبنى مطلب تحقيق العدالة الاجتماعية، إنصاف المحرومين والتمسك بالسيادة الوطنية ورفض التقسيم ودعم القضية الفلسطينية.

بتاريخ 27/11/75 أعلن الإمام الصدر ورقة للحوار الوطني، متضمنة مقترحات محددة للإصلاحات المنشودة في شتى الحقول. وعندما نادى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بتاريخ 30/11/75 بالمصالحة الوطنية ، سارع إلى التأييد.

ولما وقعت مجزرة السبت الأسود بتاريخ 6/12/75 وقتل فيها حوالي مئتي شخص من أبناء الطائفة الإسلامية الشيعية من العمال الأبرياء فيما كانوا بإعمالهم في منطقة مرفأ بيروت، وأحرقت بتاريخ 11/12/75 وبعده مساكن المسلمين واعتدي عليهم وهجروا من حارة الغوا رنة وسبنيه وروسيات الجديدة وعين بياقوت والزلقا الواقعة ضمن مناطق ذات أكثرية مسيحية، وظهرت بوادر للتدخل الإسرائيلي في لبنان مع إقدام إسرائيل على إزالة الشريط الحدودي في بعض المواقع ودخول جيشها الأراضي اللبنانية وقيام طيرانها بتاريخ 2/12/75 بالقصف الجوي الواسع الذي ادى إلى تقديم لبنان شكوى إمام مجلس الأمن، في هذه الظروف أعلن الإمام الصدر في خطبة له في صور بتاريخ 21/12/75 إن ملامح تقسيم الوطن قد برزت، وحذر من مخاطر أقامة إسرائيل جديدة في لبنان وتصفية القضية الفلسطينية والاعتداء الإسرائيلي على الجنوب، ودعا إلى التدريب وحمل السلاح دفاعا عن النفوس والوطن ومنعا للتقسيم، وشدد على وجوب حماية الأقليات من الطوائف الأخرى المقيمة في مناطق إسلامية ، محذرا من الاعتداء والانتقام من الأبرياء، إلى جانب ذلك استمر يوجه النداءات لوقف القتال وإعادة النظام والسيادة الوطنية وللعودة إلى الحوار والتلاقي.

شارك الإمام الصدر في اجتماعات القمة الإسلامية التي تكونت من رؤساء الطوائف الإسلامية ورئيس الوزراء وبعض كبار الشخصيات الإسلامية السياسية، والتي رفضت الحكومة العسكرية المعينة بتاريخ 23/5/75، ورحبت بالمبادرة السورية التي أدت إلى ” الوثيقة الدستورية” التي أعلنها رئيس الجمهورية اللبنانية بتاريخ 14/2/1976.

اعتبر ” الوثيقة الدستورية” مدخلا للسلام النهائي في لبنان وأرضية للوفاق الوطني، وان كل تعديل لها يجب ان يتم بالطرق الديمقراطية والحوار الهادئ في المستقبل، وعلى هذا الأساس استمر بتأييد الوساطة السورية الرامية إلى إنهاء الحرب وإجراء مصالحة وطنية، وشجب بشدة استئناف القتال في أواخر آذار 1976 وتوسيع رقعته في الجبال.

بذل جهودا لإزالة سوء التفاهم بين المقاومة الفلسطينية وبين سورية ، وتحمل لهذه الغاية مخاطر الانتقال مرارا بان المعارك بين بيروت ودمشق، وامن اللقاء بين الرئيس الأسد ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، بحضوره وإسهامه في إنجاح المحادثات، بتاريخ 6/5/76، الأمر الذي أسهم في تأمين انعقاد مجلس النواب اللبناني بتاريخ 8/5/76 حيث تم انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وتحقق بذلك استمرار السلطة الشرعية اللبنانية. واستأنف هذه الجهود خلال شهري حزيران وتموز 1976 عندما اهتزت العلاقات مجددا بين الطرفين.

عارض الإمام الصدر بشدة إعمال الجبهتين المتحاربتين في لبنان، في أنشأء “إدارات محلية” تابعة لهما، بديلة عن الإدارات الرسمية، وندد بهذه الأعمال في بيانه بتاريخ 27/4/76، معتبرا هذه الإعمال إنها تمهيد لتقسيم الوطن وناعتا القائمين بها انهم انفصاليون . وانتقل إلى بعلبك بتاريخ 23/7/76 يعمل على إحياء الإدارات الرسمية في محافظة البقاع، ولبى المحافظ دعوته ابتداء من تاريخ 7/8/76 حيث عاد إلى مزاولة وظيفته واعيد سير دوائر المحافظة. 
سعيه إلى إنهاء الحرب الداخلية في لبنان

أدرك الإمام الصدر إن إنهاء الحرب في لبنان يتطلب قرارا عربيا مشتركا. وان هذا القرار يجب ان يسبقه وفاق وطني.

فانتقل الإمام الصدر إلى دمشق بتاريخ 23/8/76 ومنها انتقل إلى القاهرة بتاريخ 2/9/76، عاملا على تنقية الأجواء بين البلدين وتوحيد موقفيهما من حرب لبنان من أجل انهائها . واستمر لغاية 13/10/76 متنقلا بين هذين البلدين وبين السعودية والكويت ومتصلا برئيس الجمهورية اللبنانية الجديد وبالمقاومة الفلسطينية، ساعيا مع الملوك والرؤساء والمسؤولين العرب إلى تحقيق تضامن عربي ينهي حرب لبنان. وأثمرت هذه المساعي مع مساعي مسؤولين عرب وانتهت بانعقاد مؤتمر قمة الرياض بتاريخ 16/10/76 الذي تلاه مؤتمر قمة القاهرة بتاريخ 25/10/76، وفيهما تقرر انهاء الحرب اللبنانية وفرض ذلك بقوات الردع العربية.

مع دخول قوات الردع العربية، دعا الإمام الصدر إلى الخروج من أجواء الحرب والالتفاف حول الشرعية اللبنانية والتمسك بوحدة لبنان الواحد وصيانة كيانه واستقلاله وإعادة بناء الوطن ومؤسساته. وأعلن بتاريخ 11/5/1977 ورقة عمل بمقترحات الإصلاحات السياسية والاجتماعية والمبادئ الأساسية لبناء لبنان الجديد متمسكا بصيغة التعايش بين طوائفه الدينية. ونادي بفضل الأزمة اللبنانية عن أزمة الشرق الأوسط، وبوضع اتفاق بديل لاتفاق القاهرة في تنظيم العلاقات بين الدولة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية . ودعا الحكم اللبناني إلى اتخاذ مواقف حازمه ممن يعرقلون مسيرة السلام والوفاق.

 سعيه إلى إنقاذ جنوب لبنان

لم تدخل قوات الردع العربية جنوب لبنان، ولم تتمكن السلطة اللبنانية من بسط سيادتها على هذه المنطقة، فانتقل اليها صراع الفئات والقوى التي كانت تتصارع على الأراضي اللبنانية الأخرى قبل دخول القوات المذكورة. 
واشتدت محنة جنوب لبنان وباتت هذه المنطقة مسرحا لإحداث خطيرة تهدد مصيرها، فيما الإمام الصدر يتابع مساعيه مع المسؤولين والقيادات في لبنان، ورؤساء بعض الدول العربية، ويرفع صوته في الخطابات والأحاديث الصحفية والمناسبات، ابتداء من أواخر سنة 1976 وطيلة سنة 1977 وفي اوائل سنة 1978 محذرا من كارثة في جنوب لبنان ومن خطر تعريضه للاحتلال الاسرائيل ولمؤامرات التوطين، وداعيا إلى تحقيق السلاح في هذه المنطقة والى إعادة سلطة الدولة اللبنانية عليها. ولما حصل الاجتياح الإسرائيلي لهذه المنطقة بتاريخ 14/3/1978، واستقر الاحتلال الإسرائيلي في الشريط الحدودي من جنوب لبنان، قام الإمام الصدر بجولة جديدة على الدول العربية، يعرض خلالها على الملوك والرؤساء العرب واقع الأوضاع في هذه المنطقة مطالبا بإبعاد لبنان عن ساحة الخلاف العربي وبعقد مؤتمر قمة عربية محدود يعالج قضية جنوب لبنان ويعمل على إنقاذه.

وبعد ان زار لهذه الغاية سوريا والأردن والسعودية والجزائر، انتقل إلى ليبيا بناء على إشارة من الرئيس الجزائري بومدين بتاريخ 25/8/1978. و لم يحدد مصيره من يوم دخوله الأراضي الليبية حتى الآن.

 – إخفاؤه في ليبيا

وصل الإمام الصدر إلى ليبيا بتاريخ25/8/1978 يرافقه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحافي الأستاذ عباس بدر الدين ، في زيارة رسمية، وحلوا ضيوفاً على السلطة الليبية في “فندق الشاطئ” بطرابلس الغرب.

  وكان الإمام الصدر قد أعلن قبل مغادرته لبنان، أنه مسافر إلى ليبيا من أجل عقد اجتماع مع العقيد معمر ألقذافي.

  أغفلت وسائل الإعلام الليبية أخبار وصول الإمام الصدر إلى ليبيا ووقائع أيام زيارته لها، ولم تشر إلى أي لقاء بينه وبين العقيد ألقذافي أو أي من المسؤولين الليبيين الآخرين. وانقطع اتصاله بالعالم خارج ليبيا، خلاف عادته في أسفاره حيث كان يُكثر من اتصالاته الهاتفية يومياً بأركان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وبعائلته.

  شوهد في ليبيا مع رفيقيه ، لآخر مرة ، ظهر يوم 31/8/1978.

   بعد أن انقطعت أخباره مع رفيقيه، وأثيرت ضجة عالمية حول اختفاءه معهما، أعلنت السلطة الليبية بتاريخ 18/9/1978 أنهم سافروا من طرابلس الغرب مساء يوم 31/8/1978 إلى ايطاليا على متن طائرة “أليطاليا”.

  وجدت حقائبه مع حقائب فضيلة الشيخ محمد يعقوب في فندق “هوليداي ان” في روما.

 أجرى القضاء الايطالي تحقيقاً واسعاً في القضية انتهى بقرار اتخذه المدعي العام ألاستئنافي في روما بتاريخ 12/6/79 بحفظ القضية بعد أن ثبت أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الايطالية.

 وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الايطالي المؤرخة في 19/5/79 الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا.

 أبلغت الحكومة الايطالية رسمياً، كلاً من الحكومة  اللبنانية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في  لبنان، وحكومة الجمهورية العربية السورية، وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الايطالية ولم  يمروا بها “ترانزيت”.

 أوفدت الحكومة اللبنانية بعثة أمنية إلى ليبيا وايطاليا، لاستجلاء القضية فرفضت السلطة الليبية السماح لها بدخول ليبيا، فاقتصرت مهمتها على ايطاليا حيث تمكنت من إجراء تحقيقات دقيقة توصلت بنتيجتها إلى التثبت من إن الإمام الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد والطائرة اللذين حددتهما السلطة الليبية في بيانها الرسمي.

 أعلن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ، في بيانات عدة ، وخاصة في مؤتمرين صحفيين عقدهما نائب رئيس هذا المجلس في بيروت بتاريخ 31/8/79 و 10/4/1980 مسؤولية العقيد ألقذافي شخصياً عن إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، كما أعلنت هذه المسؤولية أيضاً منظمة التحرير الفلسطينية في مقال افتتاحي في صحيفتها المركزية “فلسطين الثورة – العدد 949 تاريخ 11/12/1979”.

 وأعلن أيضاً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أن ملوكاً ورؤساء عرب أبلغوه وأبلغوا ممثلي المجلس مسؤولية العقيد ألقذافي عن هذا الإخفاء.

لكن القضية لاتزال معلقة بين ليبيا الجديدة وقادتها وبين القادة اللبنانيين والقضاء اللبناني ،فالقضية لاتزال عالقة ضد مجهول حتى إشعارا أخرا منذ 31اب 1978 .

المراجع والمصادر المستخدمة في هذا البحث :

1-كتب الأمام المذكورة في الأعلى .

2- موسوعة الإمام موسى الصدر الصادرة عن مركز العواصف بيروت   بتاريخ 2006 و تضم  المجموعة  10أجزاء .

3- مركز الإمام موسى الصدر للدراسات وللأبحاث .

4-كتاب العدالة لن تغيب مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات . بيروت 2011

5- موقع الإمام موسى الصدر الالكتروني ،

www.imamasader.net

كاتب وباحث ومختص بالإعلام السياسي والدعاية .

[email protected]

شاهد أيضاً

قمة

قمة البريكس في قازان إعلانات ووعود تنتهك دائما

أحمد عبد اللطيف / قمة البريكس في قازان، روسيا (22-24 أكتوبر 2024)، هي محاولة أخرى …