قبل 30 عاما بالتمام والكمال.. تحديدا يوم 22 يونيو 1986 كانت مباراة لا تنسى في تاريخ بطولات كأس العالم..
الأرجنتين تواجه انجلترا في ربع نهائي مونديال المكسيك 1986 على ملعب أزتيكا في العاصمة مكسيكو سيتي.. مباراة بخلفية أكبر بكثير من كرة القدم..
حرب فوكلاند.. وحرب ويمبلي
في عام 1982 اندلعت حرب فوكلاند بين المملكة المتحدة والأرجنتين اللتين تصارعتا على الجزر الواقعة بالقرب من الساحل الأرجنتيني والتي تحتلها بريطانيا.. في إبريل 1982 دخلت القوات الأرجنتينية إلى الجزر في محاولة لتحريرها من البريطانيين وهو ما اعتبرته بريطانيا اعتداء على أرضايها لتندلع حرب بين البلدين راح ضحيتها 655 أرجنتينيا و258 بريطانيا. الحرب زادت من درجة العداء الذي بدأ كرويا قبل ذلك بكثير..
العداء الكروي بين البلدين يعود لمونديال 1966 في انجلترا، حين التقى الفريقان في الدور ذاته بملعب ويمبلي.. يومها طرد الحكم الألماني رودلف كريتيلين قائد المنتخب الأرجنتيني أنطونيو راتين بسبب خطأ اعتبره الأرجنتينيون عاديا في وسط الملعب.. راتين اعترض طويلا على القرار متهما الحكم بالانحياز لأصحاب الأرض ورفض الخروج من أرض الملعب لفترة طويلة.. قبل أن يزيد مدرب المنتخب الانجليزي آلف رامزي حدة العداء بوصفه لاعبي الأرجنتين بالحيوانات.
مشكلة القمصان
قبل المباراة رفض مدرب منتخب الأرجنتين كارلوس بيلاردو اللعب بالطاقم الأزرق الذي خاض به فريقه مباراة أوروجواي في دور الستة عشر، معتبرا أن لونه الداكن أثر على لاعبيه بسبب درجة الحرارة العالية في مكسيكو سيتي.. وطلب بيلاردو من شركة Le Coq Sportif تقديم أطقم بلون أزرق بدرجة أفتح لمباراة انجلترا التي كان على الأرجنتين لعبها بالطاقم الاحتياطي أيضا.. لكن الشركة رفضت لضيق الوقت، ما دفع بيلاردو لإرسال مساعده روبين موسكيلا للبحث في محلات الملابس بالعاصمة المكسيكية عن طاقم آخر.. موسكيلا عاد بقميصين بدرجتين مختلفين من اللون الأزرق من نفس العلامة التجارية،
وكان الخيار بينهما لقائد الفريق دييجو مارادونا الذي قال “سنلعب بهذا القميص ونهزم انجلترا”.. موسكيلا عاد ليشتري 38 قميصا، وتم استدعاء ترزي ليقوم بخياطة شعار الاتحاد الأرجنتيني بسرعة على صدر القميص، ثم تمت طباعة الأرقام باللون الفضي على ظهرها باستخدام المكواة الكهربائية.
يد الله.. وهدف القرن
المباراة نفسها يعرف الجميع ما دار فيها.. شوط أول سلبي، ثم جاء مارادونا في الثاني ليصنع كل الأحداث في ظرف أربعة دقائق فقط..
في الدقيقة 51 مرر مارادونا الكرة لخورخي فالدانو لكن مدافع انجلترا ستيف هودج حاول قطعها، لترتفع الكرة عن الأرض ويخرج الحارس بيتر شيلتون ليلتقطها، لكن دييجو قفز واستخدم يده ليخطف الكرة قبل شيلتون إلى داخل المرمى، واحتسب الحكم التونسي علي بن ناصر الهدف وسط دهشة الجميع..
“كنت أنتظر رفاقي ليحتفلوا معي لكن أحدا لم يأت.. قلت لهم تعالوا إلى هنا واحتفلوا وإلا سيلغي الحكم الهدف.. الهدف جاء بقليل من رأس مارادونا وقليل من يد الله”..
بعدها بأربع دقائق جاء “هدف القرن”.. مارادونا استلم الكرة من هكتور انريكي قبل منتصف الملعب، ليقوم بالجري لمسافة 60 كترا في 10 ثوان، مراوغا كل من بيتر بيردسلي، بيتر ريد، تيري بوتشر (مرتين)، تيري فينويك وأخيرا الحارس شيلتون قبل التسديد في المرمى..
“كنت قررت التمرير لفالدانو لكنني لم أجد مساحة لأنهم ضغطوا علي، فقررت مواصلة الركض بالكرة.. بأمانة كان لاعبو انجلترا يتمتعون بروح رياضية عالية، فلم يقم أي منهم بضربي بعد أن راوغتهم.. كان من السهل أن يفعلوا ذلك ويحرمونني من التسجيل”..
جاري لينيكر سجل هدفا لانجلترا قبل النهاية بتسع دقائق لكن هذا لم يمنع الأرجنتين من التأهل.. الفرحة العارمة اجتاحت الأرجنتين، فرحة وصفها البعض بأنها كانت أكبر من فرحة الفوز بكأس العالم ذاته فيما بعد.. كان الفوز على الانجليز في حد ذاته بطولة تستحق الاحتفال، ربما أكثر من المونديال نفسه..
الثأر
خارج ملعب أزتيكا في مكسيكو سيتي يوجد تمثال لمارادونا ليخلد هذا اليوم وهذا الهدف التاريخي..
“رغم أنني قلت قبل المباراة أن كرة القدم لا علاقة لها بالحرب، لكننا كنا نلعب للثأر.. لقد قتلوا مئات الأرجنتينيين هناك.. قتلوهم كما لو كانوا يصطادون العصافير”.. قالها مارادونا بعد أن أتم عملية الثأر بمفرده.