%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%AD %D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%B1%D9%8A أوكرانيا

في أوكرانيا الروس هم الغالبون؟

راجح الخوري /عندما كنت العاصفة “الكسا” تجلد اللاجئين السوريين الغارقين في العراء الجليدي، كانت راجح الخوري أوكرانيافيكتوريا نولاند مساعدة جون كيري، تقف في ساحة كييف وتوزع الخبز على الاوكرانيين الذين جددوا “الثورة البرتقالية” في وجه فيكتور يانوكوفيتش، مستعيدين فصول انتفاضة عام ٢٠٠٤ التي لم تزهر في حينه.

القصة في اوكرانيا ليست قصة اتفاق شراكة كاملة مع الاتحاد الاوروبي يريده الشعب ويرفضه يانوكوفيتش الذي كان الأوكرانيون يتخوفون من ان يوقّع امس في موسكو على الانضمام الى الاتحاد الجمركي الذي ترأسه روسيا، بل هي قصة اختيارات متناقضة لكنها اعمق وأهم، لأنها تتجاوز موضوع الشركة والتبادل التجاري لتطاول نمط الحياة، بمعنى هل تواصل اوكرانيا التحليق في الفضاء الروسي الذي خبرته طويلاً ام تتجه الى التحليق في الفضاء الاوروبي الذي يعني دخول بيئة الديموقراطية الغربية!
لم يكن المعتصمون في كييف في حاجة الى هتافات جون ماكين الذي سبق له ان دخل الى سوريا مؤيداً الثورة، حيث قال للاوكرانيين: قدركم ان تكونوا في اوروبا، فاوكرانيا ستكون افضل مع اوروبا واوروبا ستكون افضل مع اوكرانيا، ولا كانوا في حاجة الى السناتور كريستوفر مورفي، الذي قال ان اميركا تقف مع خيارات الشعب الاوكراني، ربما لأن عض الاصابع بين واشنطن وموسكو في الساحة الاوكرانية، سيتم في النهاية وفق الايقاع البائس الذي شاهدناه في سوريا، بمعنى ان الروس “هم الغالبون”، وخصوصاً ان فلاديمير بوتين الذي يستعيد توازنات الحرب الباردة وحقبة الاستقطاب الثنائي، لن يسمح لاوكرانيا وهي “الكوريدور الروسي” بأن تجلس في احضان الاوروبيين والاميركيين!
سيرغي لافروف وصف موقف الدول الغربية المؤيد للمتظاهرين ضد حكومة يانوكوفيتش بأنه يفتقر الى الحياء، معتبراً ان قمع المتظاهرين ومحاولة سحق حركتهم “حدث طبيعي”، لأن الحكومة ترفض التوقيع على اتفاق الشركة مع الاتحاد الاوروبي وليس من حق الغرب التدخل في الشؤون الداخلية الاوكرانية.
في اعتقادي ان الرفيق لافروف كان رحوماً لأنه لم يصف المتظاهرين الاوكرانيين بالارهابيين كما فعل حيال السوريين، ولم يدع الحكومة الى سحقهم بالقنابل البرميلية وبالاسلحة الروسية، رغم انه يعرف تماماً ان “اوكرانيا اوروبية” لن تلبث ان تهب رياحها لتجتاز الحدود ناقلة “العدوى” الى داخل روسيا!
في اي حال قد يكون من مصلحة الاوكرانيين ان يستخلصوا الدروس من مرارات تجربة المعارضة السورية في بداياتها على الاقل، مع التأييد الاميركي والغربي، فبمقدار ما يبيع الغرب الاوهام يبيع الروس وحلفاؤهم مواقف صلبة مدعومة سياسياً الى اقصى الحدود، اضافة الى دعم عسكري غير محدود، فلقد سقط اكثر من مئة الف سوري بالسلاح الروسي والغرب يتفرّج، والامساك باوكرانيا عند موسكو اهم بكثير من الاحتفاظ بسوريا!

نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية

شاهد أيضاً

جورجيا

من يؤثر على الديمقراطية في جورجيا ودول أخرى؟

أحمد عبد اللطيف / في السنوات الأخيرة، أصبح التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة …